علاج الشك في الزوجة
محتويات
الحب والغضب
يُولد الشكّ في الزوجة أو الشك في الزوج من الحب المصحوب بالغضب، فالشك هو نوع معقّد من العلاقة الزوجية، إنّه خوف شديد من الخسارة، مصحوبًا بمجموعة من المشاعر والأفكار المتناقضة، يكون فيه فعل ورد فعل، إذ أشار ميلتون إلى أنّه جحيم الحبيب المُصاب، ووصف شكسبير الشك باعتباره الوحش ذا العينيْن الأخضريْن، والذي يدمر الحب ويقضي على الشخص المحبوب، إن الشك يصنف عالميا كأحد دوافع ارتكاب جرائم العاطفة، ويفسَّر الشك في بعض الثقافات كقوة مدمّرة تحتاج إلى احتوائها، بينما في البعض الآخر يتم تصوير الشك على أنه رفيق الحب وحارس بوابة الزواج، لذا فإن علاج الشك في الزوجة او الشك في الزوج هو امر ضروري لحماية اتحاد الزوجين. [١]
الشك لدى المتزوجين
تجتاح ظاهرة الشك كلا الشريكيْن، الّلذين يشعران بالغيرة من التذبذبات الدراماتيكية بين الحب والكراهية والعجز والعدوان، وإلقاء اللوم على الآخر وعلى الذات، وتشبه تجربة الشخص الشكوك حالة الغيبوبة تتميز بوجود التخيلات والمخاوف المتطفلة والإكراه والتفسيرات غير المنطقية، فقد وصف أحد الأفراد كيف تغيرت حالته المزاجية فورًا عندما سمع اسم حبيبته السابقة، عندما قام بزيارة الحي الذي تعيش فيه برفقة زوجها الجديد، وقد كتب عالم الجنس البريطاني هافلوك إليس عن الشك أنه التنين الذي يذبح الحب تحت ذريعة بقائه على قيد الحياة. [٢]
علاج الشك في الزوجة
في علاج الشك في الزوجة أو الزوج على حدٍّ سواء، يتم التعامل مع مشاعر الضعف وأفكار فقدان الشخص المحبوب، إذ يجب التصدي لاحتمالات التفكير في فقدان الشخص المحبوب عبر الخيانة أو الرفض أو الطلاق أو الموت، ففي نهاية المطاف ليس لدى الانسان سيطرة على مشاعره وأفعاله، أما في الحياة اليومية فيتم توليد الثقة المتبادلة، من أجل الحفاظ على العلاقة طويلة الأمد، إذْ يتمّ علاج الشك في الزوجة أو الزوج عبر التعامل مع هذه التناقضات الوجودية الخاصة بالحب من خلال إدارة المخاوف ونقاط الضعف بطرق لا تضر بالعلاقة.[٣]
في التعامل مع انحسار وتدفّق حالات عدم الأمان التي تنشأ بشكلٍ طبيعيّ في سياق علاقة طويلة الأمد، يطوّر بعض الأزواج طرقًا فعالة ومبتكرة لإدارة نقاط الضعف لديهم ومخاوفهم بينما لا يفعل ذلك الآخرون، إذ يميل الأزواج الأكثر فعالية إلى اعتبار الشك جزءًا من الحب، ويعُدّون الشك علامةَ تحذير من أنّ هناك فقدانًا للتواصل، أو خَللاً في الحياة الجنسيّة، أو المحبّة، أو الحاجة إلى إعادة تأكيد أهميتهما لبعضهما البعض، يتحدث باسيني (2003) عن الشك المثير للشهوة الجنسية، فالزوج -أو الزوجة- يثير الشك استراتيجيّا لإعادة انتباه شريكه.[٣]
بالإضافة إلى ذلك فإنّ هؤلاء الأزواج يعرفون كيف يكونون مجاملين ومهدئين، قد يعتذر الشريك عن التصرف بطريقة سلبية ويبدأ بالسلوك بطريقة عاطفية تؤكّد أهميّة علاقتهما، وينبغي للشريك الذي يتم الشك فيه أن يعدل سلوكه لتخفيف انعدام الثقة لدى شريكه.[٣]
نقاط الضعف واستراتيجيات إدارتها
عندما يكون الشريكان غير قادرين على إدارة مشاعرهما من منظور ما هو جيد للعلاقة، فإنّ فَهم الشكّ يتحول بسرعة من كونه مخاوف من فقدان الأحباب إلى جهود ضارة لاستعادة السلطة والسيطرة، وهناك بعض نقاط الضعف التي يمكن التركيز عليها أثناء علاج الشك في الزوجة أو الزوج منها ما يأتي:[٤] />
- من أولى النقاط التي يركّز عليها في علاج الشك في الزوجة أو الزوج هي الحاجة إلى الاعتراف بالزوج أو بالزوجة كأكثر شخص مميز في حياة الشريك، أسلوب العلاج سيكون فعالًا إذا ما احتوى على تأكيد معرفيّ عاطفيّ وسلوكيّ لهذه المسألة.
- يركّز علاج الشك في الزوجة أو الزوج أيضًا على السيطرة على مخاوف الهجر أو الخيانة، إذ تلعب مخاوف التخلي عنهم وخيانتهم دورًا كبير في توليد أفكار الشك وتؤدّي إلى ظهور التصرفات الشكوكة.
- يبنى العلاج أيضًا عبر السيطرة على مشاعر عدم الملاءمة التي يشعر فيها الشخص كعدم الجاذبية أو عدم الجدارة، والذي أحيانا ما يتداخل مع الشعور بالاكتئاب.
- ان التعرف على نقاط الضعف يشتمل أيضًا على نقاط الضعف لدى الشريك الآخر، والذي وبمرور الوقت سيشعر حتمًا بأنّه تعرض لسوء المعاملة أو التقييد، بالإضافة إلى ذلك، يحدد علاج الشك في الزوجة او الزوج الثغرات الخاصة بالمخاوف والتي يمكن إدارتها عبر السيطرة على الاستراتيجيات الشخصيّة التي يضعها كل شريك تلقائيًا.
الاستراتيجيات الشخصية التلقائية
في بعض الأحيان يحاول الشريك الغَيور التأثير على شريكه من خلال الاستياء أو الانسحاب الهادئ، وعادةً ما يُحاول هو أو هي استعادة السلطة والسيطرة من خلال التكتيكات القسرية مثل: الاستجوابات المستمرة، واليقظة، والاتهامات، والمطالب القوية، على العكس من ذلك، فإنّ الشريك الآخر يحمي نفسه غالبًا عن طريق التهرب بشكل متزايد، والكذب، والدفاع عن حريته، وعندما يكون في حالة من اليأس، يهدد بالرحيل، وتبرز دورة الشك والضعف المختلطة هذه بين معاناة كل شريك والمواقع الدفاعية التي يستخدمونها لمواجهة هذا الألم، هذه الاستراتيجيات الوقائية الذاتية هي التي تبقيهم في دوامة ما وتؤدي بهم إلى الخروج عن مسارها، فتظل مشاعرهما الأكثر ضعفًا مخفية ويصبحون منفصلين بشكل متزايد.[٢]
مثال عن علاج الشك في الزوجة
تُوضّح قصة الزوجين أندرو ولورا أسباب وطريقة علاج الشك في الزوجة، فبعد مرور عام على زواجهما، وفي إحدى الحفلات، رأى أندرو لورا تضحك مع جيم، وهو رجل حسن المظهر كان يعمل في مكتبها، شعر فجأة بخوف حاد، أنها لا تضحك معي أبدًا مثلما تضحك معه الآن، إنها تعمل معه كل يوم، قد يكون لديهم علاقة غرامية، لاحقًا في المنزل انفجرت معركة، اتهمها أندرو بأن سلوكها غير لائق، وبررت لورا تصرفاتها، بقولها: نحن مجرّد أصدقاء، لديه خطيبة، وبالمناسبة لا يمكنك أن تمنعني من التحدث مع اصدقائي، أصبح أندرو أكثر عدوانية وألقى باللوم عليها واتهامها أنها تحاول اغراء الرجال الآخرين. ولأنه أصبح أكثر غضبًا، فقد وصفته لورا بأنّه مسيطر ومجنون.[٣]
بعد يومين، في العيادة النفسية الأسرية، أظهر التحليل النفسي أنه وبعد أن ترك أندرو وظيفته قبل اقل من شهر، شعر بالإحباط الشديد والأكتئاب، كما أثار ذلك في ذاكرته ذكريات خيانة أبيه التي أدت إلى طلاق والديه والاكتئاب الذي تلاه له ولوالدته، في المقابل تحدثت لورا عن مشاهدة والدتها وهي تخضع لتخويف والدها، عندما كانت في سن المراهقة، وتعهدت لنفسها ألا تكون أبداً كأمها، عن طريق الحفاظ على استقلالها كامرأة، من جانبه شعر أندرو بأن لديه أسباب مشروعة للبقاء حذراً، إن هذا المزيج من غموض الزوجة واستقلاليتها ومخاوف الزوج وخبرته المؤلمة عن الخيانة ولدت خط الصدع الصعب في علاقتهم، نظرًا للمخاوف التي نشأت في الماضي وابتعادهم عن استراتيجيات العلاج الخاصة بهم، ظلوا محاصرين في دورة الشك التي لم يتمكنوا من التخلص منها.[٣]
تشخيص الشك المرضي
هنالك اهمية بالغة للتفريق بين الشك الطبيعي الذي ورد ذكره سابقًا، وبين الشك المرضي الذي يتطلب تقييم مرضي أوسع، يجب الانتباه لتاريخ الحالة بعناية، وإن أمكن، يجب مقابلة كلا الشريكين بشكل منفصل وأيضًا معًا، ويجب التعامل مع مسألة الشك بلباقة؛ لأن الشخص الشكوك قد يعتقد أن خيانة الشريك المزعومة هي التي تخلق الصعوبات، وليس الشكوك المرضية الخاصة به، من المهم إكمال دراسة التاريخ النفسي بشكل كامل وفحص الحالة العقلية، والنظر بعناية في ظواهر الشك وتفحصها، ذلك لأنها قد تكون مجرد فكرة وهمية أو هاجس أو فكرة مبالغ فيها، وهذا التشخيص قد يكون مهمًا من حيث تقييم الخطر، إذ ينبغي إثبات الأدلة المرتبطة بالمرض العقلي أو إساءة استخدام الأدوية بعناية، ويوصى بإجراء أكثر من مقابلة لتقييم العلاقة الزوجية، وأن يتم أخذ تاريخ العنف الجنسي والعنف المنزلي لكلا الشريكين، اللذين يجب النظر إليهما بشكل منفصل وكذلك معًا.[٣]
وتشمل هذه المسألة ما يأتي: أوّلًا: فحص التاريخ النفسي الكامل، بما في ذلك الاضطرابات العاطفية والنفسية، التهديد وارتكاب أعمال عنف، جودة العلاقة، دستور الأسرة، إساءة استعمال المواد المخدرة والأدوية، تاريخ انفصال الزوجين سابقا، ثانيًا: إجراءات فحص الحالة العقلية، بما في ذلك: شكل الشك المرضي، الأمراض النفسية المرتبطة، النظر في الاضطراب العضوي، ثالثًا: إجراء تقييم للمخاطر لكلا الشريكين، مع مراعاة ما يأتي: محاولات الانتحار، تاريخ العنف المنزلي، تاريخ العنف بين الأشخاص، بما في ذلك أي طرف ثالث -منافس مشتبه به على سبيل المثال- إضافةً إلى الخطر على الأطفال.[٣]
المراجع[+]
- ↑ Annmarie Cano, Deniel O'leary (1997), "Romantic jealousy and affairs: Research and implications for couple therapy", Journal of Sex & Marital Therapy , Issue 24, Folder 4, Page 249-275. Edited.
- ^ أ ب Michael Crowe (1995), "Management of jealousy in couples", Advances in psychiatric treatment , Issue 1, Folder 3, Page 71-77.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د Michael Kingham, Harvey Gordon (2004), "Aspects of morbid jealousy", Advances in Psychiatric Treatment, Issue 10, Folder 3, Page 207-215. Edited.
- ↑ Padmal De Silva (1997), "Jealousy in couple relationships: Nature, assessment and therapy", Behaviour research and therapy , Issue 35, Folder 11, Page 973-985. Edited.