سؤال وجواب

قصة الأسد والبقرة


قصة الأسد والبقرة

كان يا ماكان في قديم الزمان جرَت قصة الأسد والبقرة، حيث كان هناك أسد قويٌّ معروف بسيطرتِه وقوته وسرعته، وكان يعتمد بطعامه على فريسته التي ينقض عليها سريعًا، فيقتلها ويأكل منها حتى يشبع ويترك الباقي لمن يريد من الحيوانات، فهو يأنف أن يعود إليها مرةً أخرى ليأكلَ منها، فهو الأسد وملك الغابة، ولا يجبُ له إلّا أن يأكلَ طعامًا طازجًا.


في يومٍ من الأيّام، قرّر الأسد أن يهاجمَ فيلًا، فقد مَلّ من مهاجمة الغزلان والحمير وبقية الحيوانات، ولِما لا، وهو ملك الغابة وحاكمها، وعليه أن لا يخاف من أحد، وفعلًا راقب الفيلة من بعيد وبدأ يعرف أين تنام وكيف تأكل ومتى تكون وحيدة، فالفيلة كبيرة الحجم ومن غير المعقول أن يهاجمها الأسد وهي مجتمعة لأنّها ستقضي عليه، اقتنص الأسد فرصة وجود أحد الفيلة وحيدًا وانقض عليه، ولكنّ الفيلَ كان أقوى من أن يُفترس، وقد ألحقَ بالأسد جروحًا بالغة.


بقي الأسد طريحَ الفراش ولم يعد بمقدوره مهاجمةَ أحد أو افتراسَ أحد، وفي هذه الأثناء والأسد يفكر مهمومًا إذ بالبقرة تمر من أمامه فارتعدت خوفًا من الأسد وهربت، فكر الأسد والبقرة بعيدةٌ تترقب انقضاضه عليها بحيلة لصيد تلك البقرة وغيرها من الحيوانات، شعرت البقرة أنّها من المحظوظين؛ لأنّ الأسد لم ينقض عليها مفترسًا إياها كما هو معهود عنه، مرت الأيام على الأسد ثقيلةً لأنه جائع ولا يستطيع تأمين غذائه بنفسه، فوقف الأسد والبقرة ترقبه من بعيد بخوف مستغربةً موقفه وعدم رغبته بصيدها، والمشهور عنه حبه وولعه بالصيد.


خطرت للأسد فكرةٌ تريحه من مَشاقّ الصيد وتؤمّنُ له فريسته وطعام غدائه كلّ يومٍ، فنادى بالحيوانات أنه مريضٌ وعليهم أن يزوره كل يومٍ للاطمئنان على صحته، كما عليهم جلب الهدايا له، وبهذه الطريق تكون الضحية جاءت لعند الأسد بنفسها ومن غير عناءٍ منه، فكرت البقرة كثيرًا بقرار الأسد، وقالت لنفسها: سأكون أول الزائرين للأسد، وبذلك أنجو من غضبه عندما يشفى، ولعلّه يدعني وشأني ولا يصيدني.


اقتربت البقرة من كهف الأسد وبيدها هدية للأسد، ووضعتها على باب الكهف وهي خائفةٌ ترتجف من بطشه، فنظر الأسد والبقرة واجلةٌ أمامه وخائفة وتريد الذهاب بسرعة بعد أن هنئته على سلامته، فقال الأسد لها: ما يخيفك يا صديقتي البقرة العزيزة، لطالما تمنيت أن تأتي لزيارتي وأنا أراك تمشين أمام عريني، وبدت مخالب الأسد والبقرة غافلةٌ عما يدور في خلده اتجاهها، فشعرت البقرة بأهميتها وقيمتها فالأسد بقوته وشراسته يتمنى زيارتها، ورفعت رأسها بفخرٍ واعتزاز ثم دخلت عرين الأسد فهي الضيفة المرغوبة، وما إن أصبحت في الداخل حتى انقضّ عليها الأسد بأسنانه الحادة ومخالبه، لتغدو فريسةً له وهو يقول لها كيف اقتنعت أن الأسد والبقرة من الممكن أن يتصادقوا.


كلّ هذا حصل لأنّ البقرة لم تأمَنْ جانبَ الأسد فكيف لحيوانٍ لاحم أن يصادق حيوانًا عاشبًا إلا طمعًا بلحمه، فكان يجب عليها أن تأخذ حذرها.