هل يحب الرجل المرأة التي تتجاهله
محتويات
تعقيد العلاقات
للوهلةِ الأولى، قد يكون السؤال المطروح: هل يحب الرجل المرأة التي تتجاهله، سؤالًا سهلًا ومباشرًا، وقد يكون هنالك اعتقاد بأنّ إجابته ستكون واضحة ومباشرة بنعم أو لا، لكنّ الخوض في هذا السؤال ومحاولة سبر أغواره مسألة في غاية التعقيد، شأنُه في ذلك شأن جميع تعقيدات علاقات الحب لا سيّما عند بَدء العلاقة العاطفيّة، إذ تتمثّل إحدى الطرق المثمرة لفَهم هذا السؤال والإجابة عنه، هي دراسة عملية بدء العلاقة وتطويرها وتحديد الاستراتيجيّات التي يستخدمُها الناس فيها.[١]
استراتيجيات العلاقات العاطفية
هناك مجموعة كبيرة من المناقشات العلميّة التي اهتمّت بدراسة الاستراتيجيّات المستخدَمة لتحقيقِ العلاقة العاطفيّة، وقد ناقشَ علماء النفس التطوريّون بأنّ الذّكور والإناث البشريّين قد واجهوا فرصًا وقيودًا تطوريّة مختلفة في تحقيق النجاح في الإنجاب، وأنّ استراتيجيات التزاوج السائدة هي محاولات للتغلّب على تلك القيود. على مرّ الزمن التطوريّ، كان الذّكور قد طوّروا آليات نفسية تسهل من وصولهم إلى الإناث الخصبات، بينما طوّرت الإناث آليّات تسهل من محاولة حصولهن على الموارد التي يسيطر عليها ذكور، وقد تكون إثارة الغيرة عن طريق التجاهل هي إحدى هذه الاستراتيجيات المطورة.[٢]
اختلافات التنشئة سببًا للتجاهل
ناقَش باحثون آخرون أنّ الاختلافات النفسية بين الذكور والإناث في بَدء العلاقات، تنشأ بسبب التنشئة الاجتماعية أو تجارب التعلم، هذه الاختلافات تلعب دورًا مهمًّا في التعبير عن الحب، وقد يكون السؤال الرئيس: هل يحب الرجل المرأة التي تتجاهله إجابته هنا، إنّ واحدة من أكثر النتائج انتشارًا في النظريات النفسية هي أن التواصل اللفظي للرجال يكون غالبًا بصورةٍ مباشرةٍ وصريحة مقارنةً بالنساء.[٣]
وهذا يعني أنّ الرجال أكثر استعدادًا للبوحِ بمشاعرِهم للطرف الآخر، وغالبًا ما يبدأون علاقات أكثر من النساء، وغالبًا ما يكون ذلك بطلب شفهيّ، بالتالي سيكون تفسير السؤال: هل يحب الرجل المرأة التي تتجاهله، هو في أنّ المرأةَ بسلوكها في التجاهل ستكون في دور الانتظار لتشكيل العلاقة.[٣]
هل يحب الرجل المرأة التي تتجاهله
بالعودة إلى السؤال الرئيس: هل يحب الرجل المرأة التي تتجاهله، يمكن الإشارة إلى أنّ التجاهل يلعبُ دورًا في مسألة مهمّة جدًا في العلاقات، والتي يطلق عليها في علم النفس بعدم اليقين في العلاقة، إنّ عدم اليقين في العلاقة هو مدى ثقة الناس في مستوى المشاركة التي يلاحظونها ضمن العلاقة، إذ يوجد عدم اليقين العلائقيّ على المستوى العامّ، مثل الشكوك حول العلاقة بشكلٍ عامّ، ولكن يمكنُ أيضًا إثارة عدم اليقين العلائقي بسلوكيّات محددة، إذ تحدث التقلّبات في حالة عدم اليقين الترابطي؛ بسبب أحداث مثل الخيانة، وأعمال الدعم غير المتوقّعة، والتغيّرات في شخصيّة الشريك. هذه السلوكيّات أو الأحداث المتنوعة لها تأثير كبير على العلاقات الوثيقة.[٤]
ينشأ عدم اليقين في العلاقات من ثلاثة مصادر داخل العلاقات المستمرّة، يشتمل عدم اليقين الذاتي على الشكوك التي يواجهها الناس بشأن مشاركتهم في العلاقة، أمّا عدم اليقين في الشريك فإنّه يشتمل على الأسئلة التي يوجّهها الأفراد حول مشاركة الشريك في العلاقة، ويشكّل التجاهل هنا مصدرًا لعدم اليقين، وذلك قد يعطي انطباعًا عن الإجابة عن السؤال: هل يحب الرجل المرأة التي تتجاهله، ويتمّ تنظيم عدم اليقين بشأن الذات والشريك حول أسئلة الأشخاص حول رغبتهم في مشاركة العلاقة، وتقييمهم لقيمة العلاقة وأهدافهم لمستقبل العلاقة.[٥]
أمّا النوع الثالث، فهو يشتمل على عدم اليقين في العلاقة ككلّ، والذي يحتوي على شكوك يواجهها الأفراد حول العلاقات بشكلٍ عامّ بغضّ النظر عن اهتماماتهم الشخصيّة أو طبيعة شريكهم، ويشتمل عدم اليقين في العلاقة على غموض حول قواعد السلوك المناسب، وتبادل المصالح، وتعريف العلاقة، والارتباط المستقبلي. وعدم اليقين في العلاقة موجود على مستوى أعلى من التجريد من عدم اليقين الذاتي أو الشريك؛ لأنّه يركز على العلاقة ككلّ.[٥]
التجاهل الإيجابي
بالرّغم من أنّ بعض الأدلة تشير إلى أن اليقين العلائقي أمر مهمّ لتنمية العلاقات، لكنْ تُشير البحوث الأخرى إلى أنّ عدم اليقين العلائقي هو عنصر من عناصر صحّة العلاقة، من المحتمل أن يحول اليقين التام دون الشعور بالحب والرومانسية؛ في الواقع فإنّ الملل هو أحد الأسباب التي تجعل الناس ينهون العلاقات الحديثة العهد، وليس من المستغرب إذن تعزيز صيانة العلاقات من خلال الانخراط في أنشطة جديدة لمقاومة الرّتابة، كالتجاهل مثلًا، وهنا يمكن الإجابة عن التساؤل: هل يحب الرجل المرأة التي تتجاهله، بالإيجاب.[٦]
علاوةً على ذلك، فإنّ انتشار التجاهل في العلاقات الوثيقة والطويلة المدى قد يعكس التصوّر بأنّ الغموض يمكن أن يكون أكثرَ رغبة من اليقين، في الواقع، توصّلت الباحثة جورجي وايت 1980م أنّ 24٪ من المشاركين في دراستها حاولوا عن قصد جعل الشريك يغار في محاولة لتحفيز عدم اليقين لدى الشريك حول العلاقة، وهذا أدّى بدوره إلى جذب انتباه الشريك، وتشير هذه الأدلة مجتمعة إلى أن عدم اليقين في العلاقات مفيد لأنّه يتوافق مع الإثارة ومشاعر الرومانسيّة والمشاركة في أنشطة جديدة وزيادة الاهتمام بالشركاء، وبهذا، يمكن الإجابة عن تساؤل: هل يحب الرجل المرأة التي تتجاهله، بما سبق.[٦]
استراتيجية التجاهل مقابل عدم التجاهل
ركّزت الأبحاث في الغالب على إدارة عدم اليقين العلائقيّ بدلًا من اليقين العلائقي، لكنّ هذه الأبحاثَ أظهرت أنّ الأفراد يستخدمون مجموعة متنوّعة من استراتيجيات الاتصال عندما تواجه العلاقة تقلّباتٍ في عدم اليقين، وبشكلٍ عامّ، فإنّ استجابات الناس لهذه الأحداث يمكن تمييزها بأن تكون بطريقتين إحداهما الاندفاع، والأخرى التجنّب والتجاهل، ويمكن التمييز بين أسلوبَيْ الاندفاع والتجاهل عبرَ مجموعة الاستجابات التكتيكيّة لعدم اليقين بشكلٍ عامّ، والأحداث التي تزيد من عدم اليقين في العلاقة بشكلٍ خاصّ.[٧]
ولعلّ الأهمّ من ذلك في الإجابة عن سؤال: هل يحب الرجل المرأة التي تتجاهله، هو أنّ أبعاد الاندفاع مقابل التجاهل هي أبعاد تواصل أساسيّة في دراسة الانفعالات للشريك، وبالتالي فإنّ الإجابة المباشرة لهذا السؤال هو أنّه -ببساطة- يمكن ملاحظة ردود الفعل على التقلبات بين التجاهل والاندفاع في العلاقة، وفي حالة عدم اليقين في العلاقات؛ للتأكّد من مكانة الفرد لدى الشريك الآخر، وهذا كلّه ضمن وجهات نظر مستندة على المشاعر.[٧]المراجع[+]
- ↑ Carol Miller, Michael Cody, Margaret McLaughlin (1994), "Situations and goals as fundamental constructs in interpersonal communication research", Handbook of interpersonal communication, Issue 2, Folder 1, Page 162-198. Edited.
- ↑ David Buss (1989), "Sex differences in human mate preferences: Evolutionary hypotheses tested in 37 cultures", Behavioral and Brain Sciences, Issue 12, Folder 1, Page 1-49. Edited.
- ^ أ ب Arlette Greer, David Buss (1994), "Tactics for Promoting Sexual Encounters", The Journal of Sex Research , Issue 31, Folder 3, Page 185-201. Edited.
- ↑ Leanne Knobloch, Denise Solomon (2002), "Information seeking beyond initial interaction: Negotiating relational uncertainty within close relationships", Human Communication Research, Issue 28, Folder 1, Page 243-257. Edited.
- ^ أ ب Edwin Brainerd, Patricia Hunter, DeWayne Moore, et al (1996), "Jealousy induction as a predictor of power and the use of other control methods in heterosexual relationships", Psychological Repos, Issue 79, Folder 1, Page 1319-1325. Edited.
- ^ أ ب Gregory White (1980), "Inducing jealousy: A power perspective", Personality and Social Psychology Bulleti, Issue 6, Folder 1, Page 222-227. Edited.
- ^ أ ب Leanne Knobloch, Denise Solomon (2003), "Responses to changes in relational uncertainty within dating relationships: Emotions and communication strategies", Communication Studies, Issue 54, Folder 3, Page 282-305. Edited.