العقد الصوري في القانون السعودي
محتويات
العقد
يعدّ العقد المصدر الأول من مصادر الالتزام، حيث يُعرّف على أنّه: "تلاقي القَبول مع الإيجاب لإحداثِ أثرٍ قانونيّ"، وتتنوّع العقود وتتعدّد، فهناك ما يسمّى بالعقود الرضائية التي يكفي فيها توافق الإرادتين لانعاقد العقد، وهناك ما يسمى بالعقود الشكلية التي تحتاج إلى شكلية معينة حتى يعدّ العقد صحيحًا، كعقد العمل الذي يشترط فيه الكتابة الفقه العقد على أنه: "توافق الإرادتيين على إحداث أثر قانوني هو إما إنشاء إلتزام أو تعديله أو نقله أو إنهائه"، فيعد عقد البيع من العقود الملزمة لجانبين، حيث ينشأ التزام على عاتق البائع بنقل ملكيّة المبيع إلى المشتري وتسليمه له، وينشأ التزام على المشتري بدفع ثمن المبيع إلى البائع، ويتضح من خلال ذلك أن البائع لم يكن ملزمًا بتسليم المبيع إلى المشتري ولا بنقل ملكيته له، كما أن المشتري غير ملزم بدفع قيمة المبيع إلى البائع لولا أنهما أبرما عقدًا فيما بينهما، ألا وهو عقد البيع الذي أنشأ التزاماتٍ متبادلةً على كلّ طرف من الأطراف.[١]
أمّا بالنسبة لتعديل الالتزامات الواردة في العقد، فلو فرضنا أنّ البائع والمشتري اتّفقا في عقد البيع على أن يدفع المشتري الثمن نقدًا إلى البائع ثم اتفقا في عقد لاحق على جعل هذا الثمن على عدة أقساط شهرية فهنا قد يكونا عَدَلا عن الالتزام، أما بالنسبة لنقل الإلتزام كأن يتفق البائع والمشتري على أن يقوم المشتري بدفع قيمة المبيع إلى شخص آخر يعنيه البائع، أما عن انتهاء العقد كأن يتفق الطرفان على فسخه، وهناك عقود قانونية كما تم تفصيله مسبقًا، وعقود صورية كما سيتم بيان العقد الصوري في القانون السعودي.[١]
أركان العقد
إنّ العقد هو: "ارتباط القَبول بالإيجاب على وجه يثبت أثره في المعقود عليه"، والأصل في العقود أنها رضائية يكفي لانعقادها توافق إرادة المتعاقدين، وهناك أنواع أخرى للعقود تتنوع بحسب الزاوية التي ينظر إليها، وحتى يعدّ العقد قانونيًا لا بُدّ من توفّر فيه أركان معينة، وهي كالآتي:[٢]
التراضي
يعدّ ركن التراضي ركنًا جوهريًا في العقد، ويتحقق وجود التراضي في العقد بتوافق القبول مع الإيجاب للمتعاقدين، والأصل العام أن يقوم كل متعاقد بالتعبير عن إرادته بنفسه، إلا أنه من الممكن أن ينيب الشخص غيره للتعاقد عنه، وهذا ما يسمى بالإنابة في التعاقد، وعند توافق إرادة أطراف العقد يتم العقد ويرتب آثاره القانونية، ويجب أن تكون هذه الإرادة حرة لا يشوبها أي عارض من عوارض الرّضا، كالإكراه أو التغرير أو الغلط.
المحل
يقصد بالمحل الغاية القانونية المراد تحقيقها من العقد، وعلى كل طرف من أطراف العقد محلًا للإلتزام يجب القيام به، فالبائع في عقد البيع محل التزامه نقل ملكية المبيع وتسليمه للمشتري، ومحل إلتزام المشتري دفع الثمن المتفق عليه للبائع، ويجب أن يكون المحل ممكنًا، حيث إنّ المحل الذي يجعل الالتزام مستحيلًا يبطل العقد ولا يرتب أي أثر، ويجب أن يكون المحل غير مخالف للنظام العام.
السبب
وهو الغرض المباشر الذي يسعى إليه أطراف العقد، ويجب أن يكون ركن السبب موجودًا، فرغبة المشتري من عقد البيع هو الحصول على المبيع، فيجب أن يكون هذا المبيع موجودًا، كما أنه يجب أن يكون مشروعًا وصحيحًا.
العقد الصوري في القانون السعودي
يعدّ العقد الصوري في القانون السعودي من العقود الباطلة؛ لأنه من العقود التي ترمي إلى تحقيق مصلحة غير مشروعة، ويعرف العقد الصوري على أنه: " اتفاق طرفي التصرف القانوني على إخفاء إرادتهما الحقيقية تحت شعار أو مظهر كاذب، سواء أكانت الصورية مطلقة أم نسبية؛ وذلك لغرض ما يخفيانه عن الغير، فيكون المتعاقدان في مركزين قانونيين متعارضين، أحدهما ظاهر ولكنه كاذب يعتقده الغير أنه هو الحقيقة، والآخر حقيقي ولكنّه خفي عن الغير، ومن هنا وجد التصرف الظاهر وهو التصرف الصوري، ووجد التصرف المستتر وهو التصرف الحقيقي والذي يسمّيه البعض بورقة الضدّ".[٣]
ويتّضح من ذلك أن العقد الصوري في القانون السعودي عبارة عن اتفاق أطراف العقد على إخفاء أمر غير مشروع بأمر ظاهر مشروع، لكن يجب أن يكون العقدان مختلفيْن من الناحية القانونية، وإلّا عُدّ العقد الأول تعديلًا لأحكام العقد الآخر.[٣]
أنواع العقد الصوري
بعد توضيح مفهوم العقد الصوري في القانون السعودي، لا بد أيضًا من معرفة أنواع هذه الصورية، حيث أن صورية العقد تقسم إلى قسمين أساسين، القسم الأول هو الصورية المطلقة، والقسم الثاني هو الصورية النسبية، وسيتم بيان ذلك كالآتي:
- الصورية المطلقة: تعرف الصورية المطلقة على أنها: "تلك الصورية التي تتعلق بالعقد ذاته، حيث إنّ التصرف ظاهر لا وجود له في الحقيقة، وكذلك الأمر فإن الاتفاق المستتر لا يتضمّن عقدًا آخر يختلف عن العقد الظاهر، إلا أن الاتفاق المستتر يثبت أن التصرف الظاهر تصرف صوري لا وجود له".[٤]
- الصورية النسبية: وهي تلك الصوري التي تتم عندما يتفق أطراف العقد عاى إخفاء أمر حقيقي في ظل أمر ظاهر، حيث إنّه يخفي طبيعة ذلك التصرّف، أو أحد عناصره، أو تاريخه، أو شخصيّة أحد أطرافه.[٥]
المراجع[+]
- ^ أ ب عباس الصراف، جورج حزبون (2014)، المدخل إلى علم القانون (الطبعة الخامسة عشرة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 151.
- ↑ عدنان السرحان، نوري خاطر (2012)، شرح القانون المدني مصادر الحقوق الشخصية الإلتزامات (الطبعة الخامسة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 59-195. بتصرّف.
- ^ أ ب الشواربي، عبدالحميد الدناصوري (1997)، الصورية في ضوء الفقه والقضاء (الطبعة الخامسة)، الإسكندرية: الفكر الجامعية، صفحة 15. بتصرّف.
- ↑ أنور، سلطان (1980)، أحكام الإلتزام، بيروت: دار النهضة العربية، صفحة 152. بتصرّف.
- ↑ جلال علي، العدوي (1986)، أحكام الإلتزام، بيروت: الدار الجامعية، صفحة 210.