مفهوم الالتزام في الأدب
القضايا النقدية
تعددت وتنوعت القضايا النقدية التي تناولها النقاد في الأدب الغربي والعربي، وعلى مر الأزمان، ولكن كان منها أربع قضايا مثلت الشغل الشاغل للنقاد في النقد بالفنون الأدبية، وتأليفه وأسبابه وتأثيره. وقد كانت قضية الالتزام ومفهوم الالتزام في الأدب من أبرز القضايا الأربع التي حظيت بأكبر قدر من الاهتمام من النقاد؛ وذلك لما لها من تأثير في الوعي الإنساني الجديد الذي اهتم بالإنسان، والإحساس به وبالمشكلات التي تعترض طريقه وتمنعه من الوصول إلى ما يريد ومن الحصول على السعادة التي يسمو إليها، وقد شغل بها والمعتقدات الدينية والسياسية وغيرها. وقد انبثق مفهوم الالتزام في الأدب الحديث من "النظرية الأخلاقية" في الأدب ولا تتجاوز بدايته قرن مضى، وتجاوزها إلى ضرورة العمل "على تنظيم وظيفة الأدب وتعميق الوعي بها، وتحديد مسؤولية الأديب"، ومنها كان على الأديب الالتزام بهذه المسؤولية، أو أنه ينطلق في أدبه من موقفه الإيديولوجي الذي يتسم بالوعي النظري.[٢]
ولمزيد من التوضيح، فإن مفهوم الالتزام في الأدب هو أن يشارك الأديب الناس همومهم السياسية والاجتماعية والوطنية، وأن يقف بحزم لمواجهة هذه الهموم، وإن استلزم ذلك إنكار الذات لتحقيق ما يلتزم به الأديب. ويقوم مفهوم الالتزام في الأدب على الموقف الذي يلتزم به الأديب، ويتطلّب منه وضوحًا وصدقًا وإخلاصًا واستعدادًا تامًّا للمحافظة على ما التزم به دائما، مع تحمّله كل مل يترتب على التزامه من حسنات أو سيئات، وبهذا يكون الالتزام في الأدب هو الصورة المؤدلجة والواعية والمنظمة.[٢]
وقد كان لسارتر رأي في مفهوم الالتزام في الأدب فقال: "الأثر المكتوب واقعة اجتماعيّة، ولا بدّ أن يكون الكاتب مقتنعا به عميق اقتناع، حتى قبل أن يتناول القلم. إنّ عليه بالفعل ، أن يشعر بمدى مسؤوليته، وهو مسؤول عن كلّ شيء، عن الحروب الخاسرة أو الرابحة، عن التمرّد والقمع. إنّه متواطئ مع المضطهدين إذا لم يكن الحليف الطبيعي للمضطّهدين" وفي هذا القول، ينبه سارتر إلى الدور الهامّ الذي يلعبه الأديب في مصير المجتمعات، وحريتها واستعمارها وتطوّرها وتخلفها، فكلمته هي سلاحه في هذه المجتمعات.[٣]
موقف النقاد من قضية الالتزام في الشعر
ذهب الكثير من النقاد إلى أنَّ الأدب لا يجب أن تقتصر وظيفته على التسلية والمتعة، بل يجب أن تكون له غاية في طلب الحقيقة والسعادة التي يسعى إليها الإنسان، وعندما يحاول الشاعر تحقيقها في أدبه، فإنه لا يحققها لنفسه، بل للمجتمع الذي ينتمي إليه، وللمجتمعات كافة، وبذلك يسهم الشعر في بناء المجتمعات، وبناء حياة جديدة.[١] وذهب آخرون إلى أن الأدب فن جميل، ويثير الشعور بالجمال، والجمال هو غاية الأدب، وهو الوسيلة التي تتحقق بها شعرية الأدب، والجمال في الشعر هو الشعور به، والتأثر بما فيه من أسباب فنية ومظاهر فنية، ويتحقق كل ذلك في الشعر من ما فيه من خصائص الإبداع الفني والأسلوب الأدبي، من روعة البيان وسمو التعبير والعواطف والأخيلة والانفعالات، وإن حقق الشاعر كل ذلك، وأثر في المتلقي فقد حقق الغرض من الشعر فالغرض منه التأثير الفني الجمالي لا مناقشة الأفكار والقضايا والنظريات. [١]
وهناك رأي ثالث ذهب إلى أنه لا تعارض بين الخير والشر والوظيفة الفنية والجمالية للشعر فهذا جمع بين غائبين لا متناقضين.[١]المراجع[+]
- ^ أ ب ت ث بدوي بطاينة، قضايا النقد الأدبي، مصر: المريخ للنشر، صفحة 9. بتصرّف.
- ^ أ ب "الالتزام في الأدب"، www.marefa.org. بتصرّف.
- ↑ "مفهوم الالتزام في الادب"، www.saaid.net. بتصرّف.