الإعجاز-العلمي-في-حوار-سيدنا-إبراه
محتويات
القرآن الكريم
يعدُّ القرآن الكريم آخرَ كتاب أنزله الله تعالى هدايةً للناس أجمعين على رسوله الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو المعجزة الخالدة أبدَ الدهر تحدَّى فيه الله -سبحانه وتعالى- جميع البشر للإتيان بمثله أو بسورة واحدة من مثله، قال تعالى: {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [١]، وقد جمعَ فيه الله تعالى خَيْرَيْ الدنيا والآخرة فمن تمسَّك به نجا ومن ضل عنه فقد هلك، وفي هذا المقال سيدور الحديث عن الإعجاز العلمي في حوار سيدنا إبراهيم مع أبيه والعبرة من هذه القصة.
الإعجاز العملي في القرآن الكريم
قبل الحديث عن الإعجاز العلمي في حوار سيدنا إبراهيم مع أبيه سيُشار إلى الإعجاز العلمي في القرآن الكريم الكريم، فرغم مرور أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمن على بزوغ فجر الإسلام ونزول القرآن الكريم على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يزال القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي أيَّد الله تعالى بها نبيه، حتّى الوقت الحاضر ما زال العلم يكتشف الكثير من الأمور العلمية التي تتوافق مع الآيات التي وردت في كتاب الله تعالى قبل مئات السنين، ومنها الإعجاز العلميّ في حوار سيدنا إبراهيم مع أبيه وغيره كثير، فكلُّ ما وردَ وأثبته العلم ما هو إلا دليل بعد آخر على قدرةِ الله تعالى وعظمته وعلى صدق دعوةِ نبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم-، حتّى هذا العصر لم يستطع أيّ شخص أن يُبطل الحقائق التي وردت في كتاب الله تعالى، وقد ذكر الله في محكم التزيل أنَّه سيكشفُ الحقائق المتعلّقة في الكون ويقيم الحجة على عباده أجمعين، قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [٢]. [٣]
إبراهيم -عليه السلام-
نبيُّ الله إبراهيم -عليه السلام- وأبو الأنبياء لأنَّ أنبياء بني إسرائيل من سلالته بالإضافة إلى آخر الأنبياء محمد -صلى الله عليه وسلم-، يقدَّر أنَّه عاش بين القرن العشرين والقرن الخامس عشر قبل الميلاد، وهو نبيٌّ في الديانات السماوية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، وسُمّيت هذه الديانات بالديانات الإبراهيمية نسبةً إلى إبراهيم -عليه السلام-، ويعدُّ إبراهيم -عليه السلام- أبًا لشعب بني إسرائيل من ولده إسحاق الذي قدَّمه إبراهيم -عليه السلام- ذبيحة لله تعالى حسب الرؤيا التي رآها وهذا في المعتقد اليهودي والمسيحي، أمَّا في الإسلام فيُعتقد أن إسماعيل -عليه السلام- هو الذي قدمه والده وهمَّ بذبحه استجابةً لأوامر الله تعالى، ومن نسل إسماعيل وُلدَ سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، ترتيبه العاشر في شجرة النسب بعد نبي الله نوح -عليه السلام-، وقد وردَ في القرآن الكريم حوار سيدنا إبراهيم -عليه السلام- مع أبيه عندما حاول أن يثنيه عن عباد الأوثان ويدعوه لعبادة الله تعالى، تزوَّج من ثلاث نساء: سارة، قطورة، هاجر، وهو من أولي العزم ومن أهم الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى. [٤]
الإعجاز العلمي في حوار سيدنا إبراهيم مع أبيه
في الحديث عن الإعجاز العلمي في حوار سيدنا إبراهيم مع أبيه لا بدَّ من ذكر نص الحوار نفسه، فقد قال تعالى في محكم التنزيل: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إبراهيم لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} [٥]، ويمكن استخلاص الكثير من العبر من حوار سيدنا إبراهيم مع أبيه، أولها أن العبادة لا تجوز لغير الله تعالى وهذه غاية جميع الأديان والرسالات، فالإنسان العاقل والحر والمكلف لا يتوجه بالعبادة إلا للخالق الواحد الأحد، وفي تقديم السمع على البصر في هذا الحوار صورة من صور الإعجاز العملي في كتاب الله، لأنَّ منطقة السمع في المخ يكتمل نموها عضويًّا قبل منطقة البصر أثناء الحمل وبعد الولادة، لذلك قدم الله السمع على البصر، قال تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [٦]، وفي الآية توجيه لحسن معاملة الوالدين حتى لو كانا كافرين ويظهر ذلك جليًّا في الردِّ الرقيق من -إبراهيم عليه السلام- على والده. [٧]
والد إبراهيم -عليه السلام-
بعد الحديث عن الإعجاز العملي في حوار سيدنا إبراهيم مع أبيه، سيدور الحديث حول والد نبيِّ الله إبراهيم -عليه السلام-، حيثُ يذكر أن اسمه آزر كما وردَ في كتاب الله تعالى، قال تعالى: {إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [٨]، وقال الإمام ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية: "فأولى القولين بالصواب منهما عندي قول من قال هو اسم أبيه لأنَّ الله تعالى أخبر أنَّه أبوه، وهو القول المحفوظ من قول أهل العلم"،وقد مات والد إبراهيم كافرًا ولم يتَّبع الهدى مع ولده إبراهيم، وأيضًا أشار الله تعالى إلى أنَّ والد إبراهيم بقي كافرًا في قوله: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [٩].
ووردَ في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "يَلْقَى إبْراهِيمُ أباهُ آزَرَ يَومَ القِيامَةِ، وعلَى وجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وغَبَرَةٌ، فيَقولُ له إبْراهِيمُ: ألَمْ أقُلْ لكَ لا تَعْصِنِي، فيَقولُ أبُوهُ: فاليومَ لا أعْصِيكَ، فيَقولُ إبْراهِيمُ: يا رَبِّ إنَّكَ وعَدْتَنِي أنْ لا تُخْزِيَنِي يَومَ يُبْعَثُونَ، فأيُّ خِزْيٍ أخْزَى مِن أبِي الأبْعَدِ؟، فيَقولُ اللَّهُ تَعالَى: إنِّي حَرَّمْتُ الجَنَّةَ علَى الكافِرِينَ، ثُمَّ يُقالُ: يا إبْراهِيمُ، ما تَحْتَ رِجْلَيْكَ؟ فَيَنْظُرُ، فإذا هو بذِيخٍ مُلْتَطِخٍ، فيُؤْخَذُ بقَوائِمِهِ فيُلْقَى في النَّارِ" [١٠]، وفي هذا الحديث دليل على أنَّ والده إبراهيم -عليه السلام- هو آزر وقد مات كافرًا أيضًا، والله أعلم. [١١]المراجع[+]
- ↑ {البقرة: الآية 23}
- ↑ {فصلت: الآية 53}
- ↑ إعجاز القرآن الكريم, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 13-3-2019، بتصرف
- ↑ إبراهيم, ، "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 13-3-2019، بتصرف
- ↑ {مريم: الآيات من 41 - 48}
- ↑ {مريم: الآية 42}
- ↑ حوار سيدنا إبراهيم مع أبيه, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 13-3-2019، بتصرف
- ↑ {الأنعام: الآية 74}
- ↑ {التوبة: الآية 114}
- ↑ الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3350، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ آزر والد إبراهيم عليه السلام عدو الله, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 13-3-2019، بتصرف