سؤال وجواب

اضطراب-الشخصية-الحدية


تعريف اضطراب الشخصية الحدية

إنّ اضطراب الشخصية الحدية منتشر بما يقارب 10% من بين مرضى العيادات النفسية الخارجية، وينتشر بين المرضى النفسيّين بما يقارب 25% في الوحدات الطبية الداخلية، ويعدّ هذا الاضطراب صراعَ أفكار، فلا يستطيع الفرد التحكّم في انفعالاته، ويجد صعوبة في تكوين العلاقات؛ فعلاقاته يحكمها النزاع أكثر من الحب، ويشعر الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية أنّه يكره نفسه؛ لأنه يستغرب كيف يمكن للغضب والغيظ في بعض الأحيان أن يُفقِدانَه مَن يحبّ، وهناك تنوّع هائل من الأعراض التي يعاني منها مريض اضطراب الشخصية الحدية، كما يعاني من أوقات عصيبة في الاستمرار في العمل والعلاقات.[١]

أعراض اضطراب الشخصية الحدية

إنّ أعراض الشخصية الحدية متنوعة، وتتشكل بنمطٍ كامل من عدم الاستقرار في العلاقات، وتؤثّر على صورة الذات والحالة الانفعالية وفي الوجدان، والسلوك الاندفاعي، وتبدأ الأعراض بالظهور منذ البلوغ الباكر، وتكون تلك الأعراض كالآتي:[٢]

  • المحاولة بجهد لتجنّب هجران حقيقي أو متخيّل: يرافق الفرد المصاب باضطراب الشخصية الحدية خوف شديد وقويّ من هجران شخص يحبه له، فهو يقلق من الشعور بالوحدة فيبدأ بالالتصاق في الشخص الآخر والاعتماد عليه عاطفيًا بشكل مبالغ فيه، ولا يعجب هذا التصرف الطرف الآخر، فيتحقّق خوفه، وقد ينتهي الأمر بإيذاء الذات.
  • تتسم العلاقات مع الآخرين بعدم الاستقرار والحدة: فينتقل الشخص المضطرب من أقصى الكمال إلى أقصى الحط من القدر، إن الأشخاص العاديّين لا يميلون للحدة في المشاعر؛ فهم لا يستجيبون بذلك العمق الذي يستجيب به الشخص المضطرب، فقد يلجأ الشخص المضطرب عندما يشعر بالحزن لقول كلام مُهين للاقتصاص من الطرف الآخر، وعند استخدم تلك العبارات يشعر الشخص المضطرب بالخزي والعار لما قاله، ويدفعه ذلك للتحول من كلام المهين إلى تأكيد أن الشخص الآخر أجمل شيء يحدث على الإطلاق، وبالنسبة للشخص الآخر الذي يتلقى كل تلك الهجمات المتقلبة الحادة، يدرك أن حياته مع الشخص المضطرب لا يمكن توقعها، وأنّه من الصعب الاستمرار معها واحتمالها.
  • اضطراب الهوية: يعاني الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية من عدم استقرار في صورة الذات أو تحديد الهوية، فيعاني من تغيرات مفاجئة وغير متوقعة في أهدافه واهتماماته وقيمه، مما ينعكس بالسلب على مسيرته المهنية وعلاقاته مع الآخرين.
  • الاندفاعية: يسلك الفرد المضطرب سلوكًا اندفاعيًا؛ بسبب عدم تفكيره بعواقب الأمور، وتكون تلك السلوكات الاندفاعية مثل الانفاق أو القيادة المتهوّرة.
  • سلوك انتحاري متكرر: بسبب معاناة الشخص المضطرب وتقلبات مشاعره التي تؤدّي إلى احساسه أن حياته بائسة وإدراكه أن علقاته بدأت بالانهيار يقدم الفرد على الانتحار ظنًا منه أنه المخرج الوحيد، وقد يسلك المضطرب سلوك إيذاء الذات بقصد لفت الانتباه وليس الموت، وهذا يختلف عن الانتحار.
  • التقلبات العاطفية والمزاجية: إلى جانب الصعوبة التي يواجهها الشخص المضطرب بالتحكّم في انفعالاته، فإنّ أحد الأعراض الأساسية هي تقلب المزاج في أوقات قصيرة، قد يشعر الأشخاص غير المصابين أن هذه التقلبات تحدث معهم، لكن الفرق بين الشخص السوي والشخص المضطرب يكون بالحدة وعدم إمكانية لتحكم بالانفعالات.
  • أحاسيس مزمنة بالفراغ: يعني هذا الشعور بالوحدة ويلجأ الشخص للاقتراب من الأشخاص للتخلص من هذا الشعور، ولكن سيواجه الصعوبات؛ لأنه يقترب من الأشخاص بشكل لا يطيقونه.

أسباب اضطراب الشخصية الحدية

يعود اضطراب الشخصية الحدية لعدّة أسباب؛ فهو اضطراب عميق لا يمكن إرجاعه لسبب واحد، بل إنّ اندماج عدة عوامل وأسباب تؤدي بالنهاية إلى ظهور هذا الاضطراب، ومن هذه الأسباب كالآتي:[٣]

  • الخلل البيولوجي: يكون مرتبطًا بالعوامل الجينيّة والوراثيّة وبخلل في تراكيب الدماغ، مثل الخلل في اللوزة الدماغية التي تكون في حالة نشاط زائد عند المضطربين في اضطراب الشخصية الحدية، ممّا يجعل الاستجابات العاطفية التي تنشأ كبيرة ومبالغ فيها، وأيضا الخلل في قشرة الفص الجبهي المسؤول عن الوظائف التنفيذية.
  • الأسباب البيئية: التي تعود لنمط التنشئة الخاطئ عند الأسرة وعلاقة الأم بطفلها ومشاكل التعلّق المرضيّ في الطفولة، وتظهر مظاهر التعلق من خلال مرض الطفل في حال غياب الأم والبكاء بشكل مفرط دون توقّف، وهذا ينعكس عندما يكبر هذا الفرد، ويصبح خائفًا من ترك الافراد له، كما كانت تتركه أمه في الطفولة، ولا يعي الفرد هذه الخبرات لأنّه تكون مكبوتة في اللاشعور.

الاضطرابات المصاحبة لاضطراب الشخصية الحدية

الكثير من المصابين بهذا الاضطراب يعانون من اضطرابات المصاحبة، فهذا ليس غريبًا؛ فإن كثير من الاضطرابات تكون سببًا في اضطراب الشخصية الحدية أو العكس، وهذا يعني تزامن عدة اضطرابات في الوقت نفسه عند الشخص نفسه، وهذا يزيد خطورة الاضطراب وآثاره وصعوبة العلاج، ومن الاضطرابات التي قد يعانيها كالآتي:[٤]

  • اضطراب القلق: ويكون اضطراب القلق بالفزع المستمر وفرط التفكير المستمروعدم القدرة على التخلص من المخاوف
  • اضطرابات الادمان: وتكون إمّا بتعاطي الكحول بشكل كبير يؤدي إلى الإدمان أوبتعاطي المواد المخدرة كالحشيش والأفيون.
  • اضطراب الوسواس القهري: قد يرتبط اضطراب الوسواس القهري باضطراب الشخصية الحدية بسبب أن الاضطرابين يملكان سمة أساسية وهي الأفكار القهرية، وعدم القدرة على التحكم في هذه الأفكار.
  • الاكتئاب: إن الاكتئاب شعور مستمرّ بالحزن، ويرتبط مع اضطراب الشخصية الحدية؛ لأنه يؤدّي إلى الشعور الدائم بالإحباط عند الشخص، ما يولّد لديه الاكتئاب.

علاج اضطراب الشخصية الحدية

إن علاج الشخصية الحدية يكون بالنظر إلى الأسباب، فإن كان من الأسباب خلل بيولوجي، فيكون العلاج بالدواء، إذ إنّه هو الحل الأمثل، أما إن كان السبب نفسيًا فيمكن التطرّق للعلاج المعرفي العقلاني؛ فإن مبدأ هذا العلاج يكون بكشف الأفكار اللاعقلانية واستبدالها بأفكار أكثر عقلانية، وتكون كالآتي:[٥]

  • الانتباه للحدث: وهو يعني الحدث الذي يؤثر في الشخصية مثل الاتصال بشخص عدة مرات وعدم الرد
  • التعرف على الاعتقاد الخاطئ: وهذا يمثل الاعتقاد اللاعقلاني عند الفرد مثل التفكير أن الشخص الذي لا يرد يفكر في الرحيل أو أن مكروهًا اصابه مع أنّه كان قريب منه قبل قليل.
  • اكتشاف الانفعالات: وتكون هذه الانفعالات بردة الفعل على طريقة التفكير بالحدث بالقلق والغضب ومحاولات الاتصال بأي طريقة.
  • التخلص من الأفكار اللاعقلانية: من خلال الحوار مع الذات بشكل منفتح والحوار مع الطرف الآخر والتعلم من التجارب السابقة، وتغيير المفردات الحادة.
  • التفكير العقلاني: أيّ التفكير بمنطقية بالأحداث وحسب الموقف والاعتراف الكامل بالمسؤولية حول نشأة المشكلات التي يعاني منها الفرد والاستمرار في عملية دحض الأفكار الخاطئة فهي لا تتنتهي عند حد معين.
  • الانفعالات الجديدة: وتكون النتيجة للأفكار الجديدة على الحدث وتكون أكثر مناسبة للموقف.

المراجع[+]

  1. بليز أجري، جيليان جالين (2018)، الانتباه لاضطراب الشخصية الحدية (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: مكتبة جرير، صفحة 17. بتصرّف.
  2. الجمعية الأمريكية للطب النفسي (2013.)، الدليل التشخيصي والاحصائي الخامس للاضطرابات النفسية ، صفحة 247. بتصرّف.
  3. بليز آجري، جيليان جالين (2018)، الانتباه لاضطراب الشخصية الحدية (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: مكتبة جرير، صفحة 37،38،39. بتصرّف.
  4. بليز آجري، جيليان جالين (2018)، الانتباه لاضطراب الشخصية الحدية (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: مكتبة جرير، صفحة 47. بتصرّف.
  5. أحمد أبو سعد، أحمد عربيات (2012)، نظريات الإرشاد النفسي والتربوي، عمان-الأردن: دار المسيرة ، صفحة 207. بتصرّف.