سؤال وجواب

كيفية-الغسل-من-الجنابة


الجنابة

الجنابة لغة: من الفعل أجنبَ وهي خروج المني، ويُقال جُنب للذكر والأنثى في حالات الجمع والإفراد والتثنية، أمَّا الجنابة اصطلاحًا فهي أن ينزل الرجل ماءه أو تنزل المرأة ماءها بجماع أو باستمناء، وهي التقاء الختانين، وسمّيت الجنابة بهذا الاسم لأنَّها سبب من أسباب تجنب الصلاة عند الذكر والأنثى حتَّى يتم الغسل من الجنابة، وتُعرَّف أيضًا على أنَّها أمر معنوي يحدث في بدن الإنسان، ذكرًا كان أم أثنى، وهذا الأمر يمنع صحة الصلاة حتَّى يزول بالغُسل، وهذا المقال سيتناول الحديث عن كيفية الغسل من الجنابة في الإسلام.

موجبات الغسل في الجماع

ينبغي على كلِّ مسلم أن يكون داريًا بكلِّ الأمور الفقهية التي تتعلق بالجماع والجنابة، فهي من صلب الحياة وهي مسائل فقهية يحتاجها كلُّ إنسان مُحصن من المسلمين، لذلك يجب أن يعرَف أنَّ الأمور التي توجب الغسل في الجنابة هي الأمور التالية:[١]

  • الجماع: والمقصود هنا هو إيلاج ذكر الرجل في فرج الزوجة وإن لم يحدث إنزال، وهذا من الأمور التي يجب بعدها الغسل، فقد جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "إذا جَلَسَ بيْنَ شُعَبِها الأرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَها، فقَدْ وجَبَ الغُسْلُ"[٢]، وقد قال النووي في شرح الحديث: "ومعنى الحديث: أنَّ إيجابَ الغسلِ لا يتوقَّفُ على نزولِ المني، بل متى غابت الحشفة في الفرج: وجب الغسل على الرجل والمرأة، وهذا لا خلاف فيه اليوم".
  • نزول المني: إذا نزل ماء الرجل أو المرأة وجب الغسل، روى أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "إنَّما المَاءُ مِنَ المَاءِ"[٣]، وجدير بالذكر هنا أنَّه ينبغي على الرجل والمرأة معرفة السائل الذي إذا خرج وجب الغسل وهو المني، فالمذي لا يوجب الغسل ويكفيه الوضوء، وقد وصف رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ماء الرجل والمرأة الذي يوجب الغسل إذا نزل، قال في الحديث: "إنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أبْيَضُ، ومَاءَ المَرْأَةِ رَقِيقٌ أصْفَرُ"[٤]، والله أعلم.

كيفية الغسل من الجنابة

بعد الحديث عن الأمور التي توجب الجنابة، يمكن القول إنَّ كيفية الغسل من الجنابة تقوم على أمرين اثنين، وهما: صفة الغسل الواجب وصفة الغسل الكامل، أمَّا صفة الغسل الواجب وهو أن ينوي الإنسان الغسل لرفع الحدث عنه، ثمَّ يغتسل بهذه النية ويغمر جسده بالماء، أمَّا صفة الغسل الكامل فهو أن يجمع المغتسل بين ما يجب عليه وبين ما يُستحب في كيفية الغسل من الجنابة، فينوي أولًا ثمَّ يغسل كفيه قبل أن يدخلهما في الإناء، ثمَّ يغرف الماء بيده اليمنى ويغسل شماله وفرجه، ثمَّ يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل رجليه آخر الغُسل، ثمَّ يفرق شعر رأسه ويفيض عليه بالماء ثلاث مرات، والدليل على هذه الطريقة، هو ما روت ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- قالت: "أَدْنَيْتُ لِرَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- غُسْلَهُ مِنَ الجَنَابَةِ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ أدْخَلَ يَدَهُ في الإنَاءِ، ثُمَّ أفْرَغَ به علَى فَرْجِهِ، وغَسَلَهُ بشِمَالِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بشِمَالِهِ الأرْضَ، فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ أفْرَغَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِلْءَ كَفِّهِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عن مَقَامِهِ ذلكَ، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أتَيْتُهُ بالمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ"[٥]، وهذا ما صح في كيفية الغسل من الجنابة والله أعلم.[٦]

فوائد الغسل من الجنابة

بعد الحديث عن كيفية الغسل من الجنابة يمكن القول إنَّ تشريعات الإسلام وأوامره ونواهيه جاءت بحكمة بالغة من رب العالمين -سبحانه وتعالى- ولهذا لم يفرض الإسلام الغُسل من الجنابة بشكل عشوائي بل أثبت العلم أنَّ الغُسل بعد الجنابة له فوائد عظيمة ذكرها ابن القيم -رحمه الله- في قوله: "فهذا من أعظم محاسن الشريعة وما اشتملتْ عليه من الرَّحمة والحِكمة والمصلحة، فإنَّ المني يخرجُ من جميعِ البَدن، ولهذا سمَّاه الله -سبحانه وتعالى- سُلالة؛ لأنَّهُ يسيلُ من جميعِ البدنِ، وأمَّا البول فإنَّما هو فضلةُ الطعامِ والشَّراب المستحيلةِ في المعدةِ والمثانة فتأثُّر البدن بخروجِ المني أعظم من تأثُّره بخروجِ البول، وأيضًا فإن الاغتسال من خروج المني من أنفع شيء للبدن والقلب والروح، بل جميع الأرواح القائمة بالبدن، فإنها تقوى بالاغتسال، والغُسل يخلف عليه ما تحلل منه بخروج المني وهذا أمر يعرف بالحس، وأيضًا فإنَّ الجنابة توجب ثقلًا وكسلًا، والغُسل يحدثُ له نشاطًا وخفَّة، والله أعلم.[٧]

العبادات المحرمة عند الجنابة

في ختام الحديث عن كيفية الغسل من الجنابة، تجب الإشارة إلى أنَّ الجنابة عكس الطهارة وهي تتنافى مع الطهارة تمامًا لذلك كانت الجنابة في الإسلام سببًا لمنع الجُنب من القيام ببعض العبادات، وهذه العبادات هي:[٨]

  • الصلاة: يمنع الجُنب من أداء الصلاة حتَّى يغتسل لأنه فقد شرطًا أساسيًا من شروط صحة الصلاة وهو الطهارة، والجنابة حدث أكبر، وقد جاء في الحديث إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: "لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أحَدِكُمْ إذا أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ"[٩].
  • الطواف بالبيت: يمنع الجنب من الطواف لأنه فاقد للطهارة وحكمه كحكم الحائض، وقد جاء في حديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال لعائشة -رضي الله عنها- عندما حاضت: "افْعَلِي ما يَفْعَلُ الحَاجُّ غيرَ أَنْ لا تَطُوفي بالبَيْتِ حتَّى تَطْهُرِي"[١٠].
  • قراءة القرآن: لأنَّ قراءة القرآن تشترط الطهارة، قال تعالى: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}[١١]، والله أعلم.

فيديو عن كيفية الغسل من الجنابة

المراجع[+]

  1. "ما هي الجنابة التي توجب الغسل؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 29-05-2019. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 291، صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 343 ، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 311، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم: 317، صحيح.
  6. "كيفية الغسل من الجنابة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-05-2019. بتصرّف.
  7. "فوائد الغسل من الجنابة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-05-2019. بتصرّف.
  8. "باب الغسل من الجنابة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-05-2019. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6954 ، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1211، صحيح.
  11. سورة الواقعة، آية: 79.