من-هو-شاعر-الرسول
الشعر في العصر الإسلامي
لقد أحدث ظهور الإسلام تحوّلًا مُتكاملًا وجذريًّا في تاريخ الأمة العربيّة، وكان لا بُدّ لهذا الحدث أن يعكس صداهُ الواسع في تاريخ الحياة الأدبيّة للأمّة، ومن الطبيعي أنّ أيّ نتاج شعريّ يتأثر ويتفاعل مع البيئة التي تحيط به، وحين تُرصدُ القصائد الشعريّة التي قيلت في العصر الإسلامي يتبيّن بجلاء جميع ما تركه الإسلام من بصمات واضحة في مسيرة الحياة الأدبيّة، حيث ظلّ أغراضًا شعريّة تقوم على خدمته ، كشعر الجهاد الجاهلية ستين سنة، والإسلام ستين سنة أخرى، وقد نشأ وشبّ في بيت جاهٍ وشرف، تميّز حسان شاعر الرسول في العصر الجاهلي، حيث كان لسان قومه في الحروب التي نشبت بين الأوس والخزرج، وعندما بلغ حسان بن ثابت من عمره الستين سمع بالإسلام فدخل فيه، وراح يردّ هجمات قريش اللسانية ويدافع عن سيدنا محمد -عليه السلام- وعن الإسلام ويهجو خصومها، ولم يكن حسان وحده يردُّ غائلة المشركين، بل يقف إلى جانبه أيضًا الكثير من الشعراء، حيث كان لا يقوى قلبه للقتال في الحرب؛ فاكتفى بقول الشعر ونصر رسول الله بلسانه لا بسيفه، حيث أنّه لم يشهد مع رسول الله معركة ولا غزوة، وفي عهد معاوية بن أبي سفيان توفي حسان بن ثابت عن عمر قد تجاوز 120 عامًا في المدينة المنوّرة، وقد كان ذلك عام 54 للهجرة.[٢]
شواهد شعريّة لحسان بن ثابت
اتّفق الرواة والنقّاد العرب على أنّ حسان بن ثابت كان أشعر أهل عصره، وقد خلّف ديوانًا ضخمًا رواه ابن حبيب، إلّا أنّ الكثير من الشعر المصنوع دخل فيه، وقد أكثر حسان بن ثابت شاعر الرسول من شعر الهجاء وما تبقى من شعره كان في الافتخار بالأنصار، فمن خلال شعره يُلاحَظ أنّه اكتسب الرّقة في التعبير وتأثّر بالقرآن الكريم والحديث الشريف، وفيما يلي سيتمّ استعراض بعض النماذج الشعريّة لحسّان بن ثابت شاعر الرسول:[٢]
- قصيدة عفتْ ذاتُ الأصابعِ فالجواءُ:[٣]
عفتْ ذاتُ الأصابعِ فالجواءُ
- إلى عذراءَ منزلها خلاءُ
دِيَارٌ مِنْ بَني الحَسْحَاسِ قَفْر
- تعفيها الروامسُ والسماءُ
وكانَتْ لا يَزَالُ بِهَا أنِيسٌ
- خِلالَ مُرُوجِهَا نَعَمٌ وَشَاءُ
فدعْ هذا، ولكن منْ لطيفٍ
- يُؤرّقُني إذا ذَهَبَ العِشاءُ
لشعثاءَ التي قدْ تيمتهُ
- فليسَ لقلبهِ منها شفاءُ
- قصيدة صَلّى الإلهُ على الّذِينَ تَتَابَعُوا:[٤]
صَلّى الإلهُ على الّذِينَ تَتَابَعُوا
- يَوْمَ الرّجِيعِ، فأُكْرِمُوا وأُثِيبوا
رأسُ الكتيبةِ مرثدٌ وأميرهمْ
- ابنُ البكيرِ أمامهمْ وخبيبُ
وابنٌ لطارق، وابنُ دثنة فيهمِ
- وافاهُ ثمّ حمامهُ المكتوبُ
مَنَعَ المَقَادَة َ أنْ ينَالوا ظَهْرَهُ
- كحتى يجالدَ، إنهُ لنجيبُ
والعاصمُ المقتولُ عندَ رجيعهمْ
- كسبَ المعالي، إنهُ لكسوبُ
- قصيدة قالتْ لهً يوماً تخاطبهُ:[٥]
قالتْ لهُ يومًا تخاطبهُ
- نُفُجُ الحَقِيبَةٍ، غَادَة ُ الصُّلْبِ
أما الوسامةُ والمروءةُ، أوْ
- رَأيُ الرّجالِ فقدْ بداء، حَسْبي
فوددتُ أنكَ لوْ تخبرنا
- منْ والداكَ، ومنصبُ الشعبِ
فَضَحِكْتُ ثمّ رَفَعْتُ مُتّصِلًا
- صَوْتي أوَانَ المَنْطِقِ الشَّغْبِ
جَدّي أبُو لَيْلَى، وَوَالِدُهُ
- عَمْرُوٌ، وأخْوَالي بَنُو كَعْبِ
- قصيدة لقدْ خابَ قومٌ غابَ عنهمْ نبيهمْ:[٦]
لقدْ خابَ قومٌ غابَ عنهمْ نبيهمْ
- وقُدّس مَنْ يَسْري إليهِمْ ويَغْتَدي
ترحلَ عن قومٍ فضلتْ عقولهم،
- وَحَلَّ عَلى قَومٍ بِنُورٍ مُجَدَّدِ
هداهمْ بهِ بعدَ الضلالةِ ربهم،
- وأرشدهمْ، من يتبعِ الحقَّ يرشدِ
وهلْ يَستوي ضُلاّلُ قوْمٍ تَسَفّهوا
- عمىً، وهداة ٌ يهتدون بمهتدِ؟
لقدْ نزلتْ منهُ على أهلِ يثربٍ
- رِكابُ هُدىً، حلّتْ عليهِمْ بأسعُدِ
- قصيدة واللهِ ربي لا نفارقُ ماجدًا:[٧]
واللهِ ربي لا نفارقُ ماجدًا،
- عَفَّ الخَلِيقَةِ، ماجِدَ الأجدادِ
متكرمً يدعو إلى ربّ العلا
- بذلَ النصيحة رافعَ الأعمادِ
- مِثلَ الهِلالِ مُبارَكًا، ذا رَحمة
سَمْحَ الخَليقة، طَيّبَ الأعْوَادِ إنْ تَتْرُكوهُ، فإنّ رَبّي قادِرٌ
- أمسى يعودُ بفضلهِ العوادِ
واللهِ ربي لا نفارقُ أمرهُ
- ما كانَ عَيْشٌ يُرْتَجَى لمَعادِ
المراجع[+]
- ↑ "الأدب العربي في صدر الإسلام والعصر الأموي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "حسان بن ثابت شاعر الرسول"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "عفت ذات الأصابع فالجواء"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019.
- ↑ "صَلّى الإلهُ على الّذِينَ تَتَابَعُوا"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019.
- ↑ "قالتْ لهً يوماً تخاطبهُ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019.
- ↑ "لقدْ خابَ قومٌ غابَ عنهمْ نبيهمْ،"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019.
- ↑ "واللهِ ربي لا نفارقُ ماجدًا"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019.