بحور-الشعر-النبطي
الشعر والنثر
يمكنُ تعريفُ الشعر على أنَّه أحد أشهر فنون الأدب في اللغة العربية إنْ لم يكن أشهرها، وهو كلام موزون مقفًّى، أي هو ما كُتبَ من كلام على أحد أوزان الخليل بن أحمد الفراهيدي، وما كانَ مُقفًّى بقافية موحّدة، وأقدم ما وصلَ إلينا من شعر هو شعر أمرئ القيس بن حجر، والنثر هو كلام فنّي بهيُّ ومتقن، ولا يقع تحت قيود الوزن الإيقاعيّ، فهو غير موزون بعكس الشعر، وهذا ما يفقده الموسيقا أو الإيقاع، ومن فنون النثر القصة والرواية والخاطرة والمقالة، وهذا المقال مخصّص للحديث عن الشعر العربي وبحورِهِ، وعن الشعر النبطي وبحورِهِ.
الشعر العربي
إنَّ ما اشتهر وذاع سيطُهُ من تعريف الشعر، هو أنَّ الشعر كلامٌ موزون مقفًّى، مقصود به أمرٌ معين، ومن تعاريفه أيضًا أنَّهُ كلام ذات معنى رُصِّعَ بالوزن والقافية فصار إيقاعيًّا هادئًا تارة وتارة صاخبًا، وقد عرّفَهُ ابن منظور فقال: "الشعر: منظوم القول غلب عليه؛ لشرفه بالوزن والقافية، وإن كان كلّ علم شعرًا"، قيلَ في تعريفِهِ أيضًا: "الشعر العربي هو: النظم الموزون، وحده ما تركّب تركُّبًا متعاضدًا، وكان مقفى موزونًا، مقصودًا به ذلك، فما خلا من هذه القيود أو بعضها فلا يسمى شِعرًا ولا يُسمَّى قائله شاعرًا، ولهذا ما ورد في الكتاب أو السنة موزونـًا، فليس بشعر لعدم القصد والتقفية، وكذلك ما يجري على ألسنة الناس من غير قصد؛ لأنه مأخوذ من "شَعرْتُ" إذا فطنْتُ وعلمْتُ، وسُمِّيَ شاعرًا؛ لفطنَتِهِ وعلمِهِ بهِ، فإذا لم يقصدْهُ، فكأنَّهُ لم يشعرْ بهِ"، وبناءً على هذه التعريفات يمكن أنْ يكون للشعر أربعة أعمدة رئيسة وهي: المعنى، الوزن، القافية، القصد، فدون هذه الأربعة لا يكون الكلام شعرًا، ويقول الجرجاني: "أنا أقول -أيدك الله- إنَّ الشعر علمٌ من علوم العرب يشترك فيه الطبعُ والرّواية والذكاء". [١].
بحور الشعر العربي
لقد نَظَمَتِ العرب الشعر قبل أن يكتشف الخليل بن أحمد الفراهيدي بحور الشعر العربي الحالية، وكانَ أساس الكتابة يعتمد على السليقة العربية والفطنة وعلى الموسيقا الشعرية المخصصة لكلِّ قصيدة، وهذا دليل دامغ على فطنة العرب وفصاحتهم العظيمة، وعندما جاء الخليل قام بوضع علم يُعنى بأوزان الشعر العربي، وأسماه علم العروض وهو أحد علوم اللغة العربية المختص ببحور الشعر العربي، وقد قسم الفراهيدي أوزان الشعر إلى بحور وكانت خمسة عشر بحرًا عند الخليل، وجاء بعد الخليل الأخفش وزاد بحرًا جديدًا فأًصبح العدد ستة عشر بحرًا شعريًّا، لكلِّ بحر وزنُهُ الخاص وجوازتُهُ وضوابطه وزحافاتُهُ، وهذه البحور هي:
- البحر الطويل: سمِّيَ بالطَّويل لأنَّهُ طالَ بتمامِ أجزائِهِ، وهو أكثر الأوزان شيوعًا عند الشعراء الأقدمين، ويعتبر قائد البحور الشعرية المخضرم، ومثالُهُ معلقة امرئ القيس الشهيرة ويقول فيها: قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزِلِ بسقطِ اللوى بين الدَّخولِ فحومَلِ
- البحر البسيط: وهو بحر بسيط غنائيٌّ مرن، ومن أمثلتِهِ معلّقة النابغة الذبياني الشهيرة: يا دارَ ميّة بالعلياء فالسَّنَدِ أقوتْ وطالَ عليها سالفُ الأمَدِ
- البحر الكامل: وهو بحر كاملٌ في حركاتِهِ، ومن أمثلتِهِ معلّقة عنترة بن شداد العبسي التي يقول في مطلعِها: هل غادرَ الشعراءُ من متردَّمِ أم هل عرفت الدّارَ بعدَ توهُّمِ؟
- البحر الوافر: وهو من أوفر البحور عطاءً، وقد كُتبت عليه معلقة عمرو بن كلثوم الذي يقول: ألَا هُبِّي بصحنِكِ فاصبحينا ولا تُبقي خمورَ الأندرينا
- البحر المديد: سمِّي مديدًا لأنَّ قواعدهُ امتدَّتْ في أجزائِهِ السُّبَاعية، فصار أحدها في أول الجزء، والآخر في آخرِهِ، وهو بحرٌ ثقيلٌ على السَّمعِ لذا يجتنبُهُ الكثيرُ منَ الشُّعراء، ومثالُهُ قول الشاعر: أدَلالٌ ذاكَ أمْ كَسَلُ أمْ تَنَاسٍ منك أمْ مَلَلُ أمْ -وقاك اللهُ- فِي كدَرٍ أمْ علَى الأعذارِ مُتَّكِلُ
- البحر الهزج: سُمِّي بالهزجِ لأنَّ العرب كانت تغني به، والهزج لون من الغناء، ومثالُهُ: جميلُ الوجهِ أخلاني منَ الصَّبر الجميلِ غزالٌ ليسَ لي منهُ سوى الحزنِ الطَّويلِ
- البحر الهزج: وهو أقل البور تناسقًا في الإيقاع لكثرة جوازاتِهِ، وكانتْ العرب ترجزُ ارتجالًا، ومن أمثلتِهِ: يا منْ إليهِ أشتكي منْ هجرِهِ هلْ أنتَ تدري لوعةَ المَهجورِ؟
- البحر الرمل: سمِّيَ بالرَّمل لسرعة النطق به، ويمتاز بالرقة لذا يصلح لشعراء الغزل، ومن أمثلتِهِ الشهيرة قصيدة إبراهيم ناجي التي قال في مطلعها: يا فؤادي لا تسلْ أينَ الهوى كانَ صرحًا من خيالٍ فهوى
- البحر السريع: من اسمِهِ يعتبرُ أسرعَ البُّحورِ الشِّعريةِ، ويصلحُ لوصفِ العَواطف، ومثالُهُ قولُ نزار قباني في قصيدتِهِ: أكرهها وأشتهي وصلَها لكنَّني أحبُّ كرهي لها
- البحر المنسرح: سُمِّي المنسرح لانسراحِهِ أي لسهولتِهِ على اللسانِ، لكنَّه صعبٌ على الشعراء، لذا قلة من كانوا ينظمون قصائدهم عليه، ومن أمثلتِهِ: أواه يا ليل طال بي سهري وساءلتني النُّجوم عن خبري
- البحر الخفيف: سُمِّيَ بالخفيفِ لخفتِهِ طبعًا، ومن أمثلتِهِ المعلقة الشهيرة التي تقول: آذنتنا ببينها أسماءُ رُبَّ ثاوٍ يمِلُّ منه الثَّواءُ
- البحر المضارع: سُمِّي كذلك لمضارعته أي مشابهته لبحر الخفيف، ومن أمثلتِهِ: وغائبًا عن عيونِي وحاضرًا في خيالِي
- البحر المقتضب: سُمِّيَ بالمُقتضب لأنَّه اقتضب، أي اقتطع من بحر المنسرح بحذف تفعيلته الأولى، من أمثلتِهِ: قد أتاكَ يعتذرُ لا تسلْهُ ما الخَبَرُ
- البحر المجتث: سُمِّي مجتثًّا لأنَّه اجتُثَّ، أي اقتطع من بحر الخفيف بتقديم مستفعلن على فاعلاتن، ومثالُهُ: سئمتُ كلَّ قديمٍ عرفتُهُ في حياتِي
- البحر المتقارب: سُمِّيَ بالمُتقارب لقرب أسبابِهِ من أوتاده، وهو يصلح للسَّرد والتعبير عن العواطف الجياشة، ومن أمثلتِهِ: أخي جاوزَ الظَّالمونَ المُدى فحقَّ الجِهادُ وحقَّ الفِدا
- البحر المتدارك أو المحدث: هو آخرُ بحور الشعر العربي، وسُمِّيَ كذلِكَ لأنَّ تلميذَ الخليل تداركَ بهِ آخرَ بحور معلمه الذي أهمله، ويصلح هذا البحر للموشحات والغناء، ومن أمثلتِهِ ما قال نزار قباني: فمُها مرسومٌ كالعنقود ضحكتها أنغام وورودْ[٢].
ما هو الشعر النبطي
إنَّ الشعر النبطي هو شعر يُراعي الأنماطَ التَّقليدية للشِّعرِ العربي من حيث الشكل العمودي و الالتزام بقافية واحدة في كلِّ القصيدة، كما يستخدم ذات الأوزان العروضية المستخدمة في الشعر الفصيح أو أوزان أخرى مشتقة منها، وإنْ كان أصحاب هذا الشعر يعرفون تلك الأوزان بأسماء أخرى، كما تضيف الكثير من القصائد النبطية المتأخرة قيدًا إضافيًا و هو الالتزام بقافية واحدة للشطر الأول من كل بيت و ليس الشطر الثاني فقط، كما في الشعر الفصيح، وبالرغم من كون الشعر النبطي منظومًا باللهجةِ المحكيةِ إلَّا أنَّه يكثُرُ فِيه الاعتماد على مفردات فصيحة، ويكونُ ذلكَ عادة تلبيةً لضرورة الوزن مثل قول: الذي والتي بدلاً من قول: اللي، وفي الواقع إنَّ الاختلاف الجوهري بينه و بين الشعر الفصيح يكمنُ في التَّخلي عن علامات الإعراب في أواخر الكلمات، وفي نطقِ بعضِ الحُروف، وليس في التراكيب والصرف والمفردات التي لا تزال تشابه الفصحى إلى حدٍّ كبير، ومن الجدير بالذكر إنَّ الشعر النبطي في الأساس شعر مسموع وصل أكثرُهُ إلينا عن طريق الرواية و الإلقاء بشكل مشابه للشعر العربي في الجاهلية وصدر الإسلام، ولا يزال الاستماعُ وليس القراءة هو الطريقة المثلى لتلقّي الشعر النبطي لدى المهتمين به. [٣].
بحور الشعر النبطي
بعدَ ما وردَ سابقًا من تعريف الشعر العربي الفصيح وتعداد بحور الشعر العربي الفصيح، وتعريف الشعر النبطي ، فلا بدّ من المرور على بحور الشعر النبطي وأوزانِهِ، وتتألف أوزان هذا الشعر من ثلاثة عشر بحرًا، وهذه البحور هي:
- البحر المسحوب: وهو بحر شعبي، ويعتبر أشهر بحور الشعر النبطي وأكثرها شيوعًا وتفعيلاته هي: مستفعلن مستفعلن فاعلاتن مستفعلن مستفعلن فاعلاتن
- البحر الهجيني: وهو بحر شعبي، وهو قريب من تفعيلات البحر المجتث في الشعر الفصيح، وتفعيلاته:
- فاعلاتن فعولن فاعلاتن فعولن
- مستـفعلن فاعلاتن مستـفعلن فاعلاتن
- مستفعلن فاعلن فعلن مستفعلن فاعلن فعلن
- فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلن
- البحر الصــخري: ويلتقي هذا البحر مع البحر الوافر في الشعر الفصيح، ويكثر النظم عليه قديمًا وحديثًا، وتفعيلاته: مفاعلتن مفاعلتن فعولن مفاعلتن مفاعلتن فعولن
- البحر الطويـل: وهو ذات البحر العربي الفصيح، تفعيلاته: فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
- البحر البسيط: وهو ذات البحر العربي الفصيح، وتفعيلاته: مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
- بحر الهـزج: وهو بحر عربي كثير الاستعمال، وتفعيلاتُهُ هي:
- مفاعيـلن مفاعيلـن مفاعيـلن مفاعيلـن.
- مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن.
- البحر المديد: وهو بحر عربي وله مثيلُهُ في الشعر الفصيح، وتفعيلاته: فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن.
- البحر المتقارب: وهو بحر له نظيرُهُ في الشعر الفصيح، وتفعيلاته: فعولن فعولن فعولن فعولن فعولن فعولن فعولن فعولن
- بحر الرجز: وهو بحر عربي، وردَ في بحور الشعر العربي الفصيح، وتفعيلاته:
- مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن.
- مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن
- البحر الهلالي: وهو بحر شعبي يزيد على بحر المسحوب حرفًا في نهايتهِ، وتفعيلاتُهُ: فاعـلاتن فعولـن فاعـلن فاعـلاتن فعولـن فاعـلن
- البحر اللويحاني: وتفعيلاته: مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن
- بحر الحداء: يكثر استخدام هذا البحر في الشعر النبطي الحماسي، وتفعيلاته: مستفعلن مستفعلن
- البحر المسحباني: له العديد من التفعيلات، وأشهرها: مستفعلن فاعلاتن [٤].
المراجع[+]
- ↑ تعريف الشعر وفائدته وفضله وعناصره, ، "www.diwanalarab.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 25-09-2018، بتصرّف
- ↑ بحور الشعر العربي, ، "www.analbahr.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 25-09-2018، بتصرّف
- ↑ الشعر النبطي, ، "www.marefa.org"، اطُّلِع عليه بتاريخ 25-09-2018، بتصرّف
- ↑ أوزان وبحور الشعر النبطي, ، "www.qhtaan.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 25-09-2018، بتصرّف