سؤال وجواب

ما-هو-المنجنيق


الأسلحة في الحروب القديمة

إنّ الحروبَ كانت وما زالت سطرًا داميًا في كتاب الإنسانيّة، ولكنّها كثيرًا ما تكون آخر العلاج إذا كان المرض لا بُدّ سائرًا في الجَسد المريض، فإنْ كان جسد الدّولة مريضًا، وقد نهشه العدوّ، فلا بدّ من الحرب ليموت ذاك الجسد المريض، ويجيء مكانه جسدٌ من الشّجعان الذين يحافظون على حياة ذلك الجسد حتّى حين، ومن الأدوات التي كان المقاتلون يستعملونها في الحرب سواء في الدّفاع عن أنفسهم أم في الهجوم السّكّين، وهو سلاح دفاعيّ، وكذلك السّيف والرّمح، وهي للدّفاع والهجوم، وأيضًا هناك السّهام، وتستعمل لإصابة العدوّ في المدى البعيد، وغير تلك الأسلحة كثير، ومن ذلك أيضًا المنجنيق، وسيتحدّث هذا المقال عن المنجنيق، ما هو المنجنيق تحديدًا.[١]

ما هو المنجنيق

إذا أراد المرء أن يعرف ما هو المنجنيق، فيجب أن ينظر في معناه في اللغة أولًا، وهو في اللغة كلمة فارسيّة مُعرّبة، وعند علماء فقه اللغة الكلمة التي يجتمع فيها الجيم والقاف هي غير عربيّة، وكذلك المنجنيق، فهي فارسيّة كما يرى الفيروز آبادي في القاموس، وأصل المنجنيق وأوّل استعمال له غير معروف بدقّة، ولكن هناك أقوال وآراء تذهب إلى أنّ استعمال المنجنيق بدأ من الصّين، مع أنّ اسمه مأخوذ من الفارسيّة، وهذا ما يجعل البتّ في أمره صعبًا نوعًا ما، ويُقال إنّه وصل إلى البلاد العربيّة في بدايات القرن الخامس الميلادي، وهو عبارة عن آلة لرجم المقذوفات الثّقيلة إلى حصون العدو، أو إلى داخل الحصون، وقد يصل وزن المقذوف إلى قرابة 160 كغ، وفي بداياته كان المنجنيق يدويًّا؛ أي: يُحرّكه مجموعة من الرّجال فيسحبون المقلاع بواسطة الحبال ثمّ يتركونه ينطلق ويطلق المقذوفات.[٢]

وازدهرت صناعة المنجنيق عندما صار المسلمون يطوّرونه، ويصنعون منه أنواعًا شتّى؛ إذ رافق تقدّم العسكريّة الإسلاميّة تطوّرٌ هائل في صناعة الأسلحة الحربيّة الكبيرة، والعالم كلّه صار يَدين للمسلمين في تطوير الأسلحة الحربيّة، وبخاصّة في القرون الوسطى، وظلّ المنجنيق هو الآلة الأهمّ حتّى ظهور البارود، وبالتّالي صارت المدفعيّة النّاريّة أهمّ منه، وأقوى في دكّ حصون العدو، وكان المنجنيق قد بلغ ذروته من حيث الأهمّيّة ما بين القرون الثّاني عشر، والرّابع عشر، ومع ظهور البارود في القرن الخامس عشر كان ذلك إيذانًا في غياب شمس المنجنيق إلى الأبد، وبعد معرفة ما هو المنجنيق ستقف الفقرة القادمة على أنواع المنجنيق.[٢]

أنواع المنجنيق

بعد معرفة ما هو المنجنيق يجب الوقوف على أنواع المنجنيق المذكورة في الحضارة الإسلاميّة، ولكن هناك ثلاثة أنواع مذكورة في الكتب عن المجانق، وهي منجنيق السَّحْب، والمنجنيق اليدويّ، والمنجنيق ذو الثّقالة الموازنة.[٢]

أمّا منجنيق السّحب فهو النّوع الأوّل من المجانق التي ظهرت قرابة القرن السّادس الميلادي، وكان مختلفًا عن المجانق التي سبقته، حتّى قيل إنّه يرشق جبالًا وتِلالًا، وهذا المنجنيق يتكوّن من عارضة خشبيّة ضخمة تدور على محور، ويمتدّ منها ذراعان، الأولى طويلة، والثّانية أقصر وتنتهي بما يشبه الوعاء، ويكون من الخشب أو الجلد إن كانت المقذوفات من الحجارة، وأمّا إذا كان نارًا فيكون عندها من المعدن الصّلب، ويكون في طرف هذه الذّراع ثِقَل كبير لموازمة القذيفة، فإذا كانت القاذفة فارغة فإنً الكفّة التي يوضع فيها المقذوف تكون مرتفعة إلى أعلى، وإذا أرادوا أن يقذفوا شيئًا ما فإنّهم يسحبون الكفّة إلى أسفل ويربطونها بالحبال، ثمّ إذا أرادوا أن يطلقوا المقذوف فإنّهم يقطعون الحبال فينطلق المقذوف بسرعة عالية بحسب وزن الثِّقَل الذي كان في الجهة المقابلة من الذّراع، ويمتاز عن سابقيه أنّه يرمي أكبر عدد من القذائف خلال مدّة زمنيّة قصيرة.[٢]

وأمّا منجنيق الثّقالة الموازنة فهو نوع مطوّر من المجانق، ويختلف عن سابقيه في تركيبته، إذ كان يُنقل بواسطة دواليب وأيضًا له مكابح لضمان عدم تحرّك المنجنيق أثناء القذف، وله قاعدة قد أُتقِنَت هندسيًّا، وأيضًا فإنّ مركز الموازنة قد أُتقِنَ واستُعمِلَت في تصميمه الهندسة المتطوّرة؛ إذ قد زاد وزن الثِّقَل الموازن، ليُعطي ارتدادًا أقوى لرامية المقذوفات، فكلّما كان الوزن ثقيلًا كان رمي المقذوفات أبعد وأكبر حملًا، وقد بلغت حمولة هذا المنجنيق التي تُرمي أكثر من 300 كغ، وميزة هذا المنجنيق أنّه أسرع في رمي القذائف من سابقه بفضل الهندسة الحديثة التي دخلت في صناعته.[٢]

أول من رمى بالمنجنيق في الإسلام

بعد معرفة ما هو المنجنيق، وبعد معرفة أنواعه فيجب أن يعلم القارئ من أوّل من رمى بالمنجنيق من المسلمين، أو أوّل من رمى بالمنجنيق في الإسلام، فإنّ الرّوايات في معظمها تُشير إلى أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هو أوّل من رمى بالمنجنيق عند معظم كُتّاب السّيرة النّبويّة، فقد روى ابن هشام في سيرته أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد رمى أهل الطّائف في هوازن وثقيف بعد أن ضرب حصارًا عليهم، وكذلك ذكر قريب من ذلك السّهيليّ في الرّوض الأُنُف، وويذكر ابن عبد البر في كتابه الدّرر في اختصار المغازي والسّير أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد سار إلى الطّائف بعد انصرافه من غزوة حُنين، وحتّى قبل أن يقسِمَ غنائم حُنين، وهكذا يكون القارئ قد علم من أوّل من رمى بالمنجنيق في الإسلام، وكذلك يعلم ما هو المنجنيق ببساطة ويُسر، وتقف الفقرة القادمة على المنجنيق في العصر الحديث.[٣]

المنجنيق في العصر الحديث

بعد معرفة ما هو المنجنيق، ومعرفة أنواعه، ومن أوّل من رمى به في الإسلام بقي أن يُذكر المنجنيق المعاصر، فالمنجنيق هو آلة لرجم المقذوفات على حصون العدو أو إلى داخلها، وهو كان آلة من آلات الحصار القديمة التي تستعملها الجيوش، واليوم المنجنيق اختلف، ولكنّ المبدأ واحد، وهو حصار العدو، ورجمه بالقذائف من بعيد، وصار المنجنيق اسمه راجمة الصّواريخ، والرّاجمة وإن اختلفت طريقتها في القصف، ولكنّ مبدأها هو دكّ تحصينات العدوّ من بعيد، والرّاجمة هي آلة تستخدم لقذف الصّواريخ من بعيد، وتكمن أهمّيّتها في أنّها توفّر الدّعم الناريّ لجنود الجيش، وكذلك تستهدف تحصينات العدوّ ومصادر نيرانه لإخمادها، وقد تتركّز أحيانًا لضرب مُعدّات الدّفاع الجوّيّ لتؤمّن حماية للطّيران الحربيّ،[٤]

ولعلّ أهمّ راجمة في الوقت الحالي هي ما يُعرف براجمة جهنّم أو جوباريا، وهي قاذفة صواريخ تحوي على 240 أنبوبًا لقذف الصّواريخ، ما يجعلها أكبر مدفعيّة صاروخيّة في العالم من حيث عدد الأنابيب، وهذه الرّاجمة صُمّمت للجيش الإماراتي فقط، بالتّعاون بين شركة روكستان التّركيّة، وشركة الجابر لاند سيستم، وتمتاز هذه الرّاجمة بأنّها تستطيع إطلاق الـ240 صاروخًا في دقيقتين، بمعدّل طلقتين في الثّانية، ومن ميزاتها أيضًا أنّها تُحمل على مركبة واحدة، وتحوي أربع قاذفات صواريخ، في كلّ واحدة منها 60 صاروخًا، ولا تحتاج لأكثر من ثلاثة أفراد لتشغيلها، وبذلك يكون قد عُرف ما هو المنجنيق، وما هو المنجنيق الحديث، ومعه يكون قد انتهى مقال ما هو المنجنيق.[٥]

المراجع[+]

  1. "قائمة أسلحة العصور القديمة"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-10-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج "منجنيق"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-10-2019. بتصرّف.
  3. "هل صح حديث في المنجنيق؟"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-10-2019. بتصرّف.
  4. "راجمة صواريخ"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-10-2019. بتصرّف.
  5. "الراجمة جهنم"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-10-2019. بتصرّف.