حكم-صيام-الجنب
محتويات
تعريف الجنابة
مصطلح الجنابة مصطلح إسلامي يطلق على الرجل والمرأة الذين حصلَ بينَهما جِماع، وتُطلق أيضًا على من أنزل شهوته بغير جماع، وهي توجب الغُسل، قال تعالى في سورة المائدة: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}[١]، وقد جعل الله تعالى للجنابة أحكامًا كثيرة تتعلَّق بكيفية الغسل منها وشروط الغسل وحكمها في نهار الصيام وحكم صيام الجنب أيضًا، فالإسلام حرَّم بعض العبادات على من كان جُنُبًا كالصلاة مثلًا، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا}[٢]، وهذا المقال سيسلط الضوء على حكم صيام الجنب في الإسلام.
الجنابة التي توجب الغسل
تعتبر الجنابة من موجبات الغسل في الإسلام، وهذا لأنَّ الجنابة تؤدي إلى انعدام الطهارة والطهارة شرط أساسي من شروط صحة الصلاة، فلا يمكن للإنسان أن تصح صلاته إذا لم يغتسل من الجنابة، وجدير بالذكر إنَّ الغسل في الجنابة واجب سواء أنزل الإنسان أو لم ينزل أثناء الجماع، فإذا مس الختانُ الختانَ وجبَ الغسل وإذا جلس الرجل بين شُعَبِ المرأة الأربع وجب الغسل، وهذا ما أشار إليه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في قوله: "إذا جلس بين شُعَبِها الأربعِ، ومسَّ الختانُ الختانَ، فقد وجب الغُسلُ"[٣]، وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "إذا جَلَسَ بيْنَ شُعَبِها الأرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَها، فقَدْ وجَبَ عليه الغُسْلُ"[٤]، والله تعالى أعلم.[٥]
حكم صيام الجنب
في الحديث عن حكم صيام الجنب في الإسلام، جدير بالقول إنَّ من جامع زوجته في الليل ولم يغتسل حتَّى دخول وقت الصيام فلا حرج عليه وصيامه مقبول، وقد أشارت الأحاديث النبوية الشريفة على صحة صيام من جامع في الليل ولم يغتسل من الجنابة إلَّا بعد دخول وقت الصيام، ففي حديث السيدة عائشة -رضي الله عنها- الذي يشرح حكم صيام الجنب قالت: "إنَّ رَجُلًا جَاءَ إلى النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يَسْتَفْتِيهِ، وَهي تَسْمَعُ مِن وَرَاءِ البَابِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ، أَفَأَصُومُ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-: وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فأصُومُ، فَقالَ: لَسْتَ مِثْلَنَا، يا رَسولَ اللهِ، قدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ، فَقالَ: وَاللَّهِ، إنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بما أَتَّقِي"[٦]، وفي حديث آخر روته أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: "كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يُصْبِحُ جُنُبًا مِن غيرِ احْتِلَامٍ، ثُمَّ يَصُومُ"[٧]. وقال الشوكاني في شرح هذه الأحاديث الشريفة التي تبين حكم صيام الجنب في الإسلام: "هذه الأحاديثُ استدلَّ بها من قال: إنَّ من أصبح جُنُبًا فصومُهُ صحيحٌ ولا قضاءَ عليه من غير فرق بين أن تكونَ الجنابةُ عن جماع أو غيره، وإليه ذهب الجمهور وجزم النووي بأنَّهُ استقرَّ الإجماعُ على ذلكَ"، والله أعلم.[٨]
كيفية غسل الجنابة
بعد الحديث عن حكم صيام الجنب في الإسلام، إنَّه لجدير بالقول الحديث عن كيفية غسل الجنابة في الإسلام، والسنة النبوية المباركة حددتْ كيفية غسل الجنابة، فقد صحَّ عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- حديث روته السيدة عائشة -رضي الله عنها- تشرح فيه كيفية غسل الجنابة كما كان يغتسل رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام-، حيث قالت: "كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فيُدْخِلُ أصَابِعَهُ في أُصُولِ الشَّعْرِ، حتَّى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أفَاضَ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ"[٩]، أي إنَّ كيفية الغسل من الإجابة كما كان يغتسل رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، هي أن يغسل الإنسان يديه أولًا، ثمَّ يفرغ الماء بيده اليمنى على جنبه الأيسر ويغسل فرجه، ثمَّ يتوضأ أثناء الغسل وضوء الصلاة، ثمَّ يدخل أصابعه في شعره، ثمَّ يفرغ الماء على رأسه ثلا مرات ثمَّ يفرغ الماء على سائر جسده ثمَّ يغسل رجليه، والله تعالى أعلم.[١٠]
الحكمة من تشريع الغسل من الجنابة
قبل الخوض في الحديث عن الحكمة من تشريع الغسل من الجنابة، يجب على الإنسان أن يسمع ما شرَّع الله تعالى بأذن راضية، وأن يثق تمام الثقة أنَّ الله تعالى لا يُشرِّعُ إلَّا بحكمة، ولا ينهى عن أمر إلَّا لحكمة بالغة يعلمها -جلَّ وعلَا-، وعلى الإنسان المسلم أن يلتزم بالسمع والطاعة، قال تعالى في محكم التنزيل: {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}[١١]، أمَّا عن الحكمة من تشريع الغسل من الجنابة، فإنَّ الغسل يساعد على استعادة حيوية الإنسان التي فقد جزءًا منها أثناء الجماع، فالجماع يرهق جسد الإنسان والغسل يبعث على النشاط من جديد، وقد قال ابن القيم -رحمه الله- في هذا الأمر: "الاغتسال من خروجِ المني من أنفع شيءٍ للبدنِ والقلبِ والرُّوحِ، بل جميعُ الأرواح القائمةُ بالبدنِ؛ فإنَّها تقوى بالاغتسالِ، والغُسلُ يخلف عليه ما تحلَّل منه بخروج المني، وهذا أمرٌ يُعرفُ بالحِسّ"، ولا شكَّ في أنَّ الغسل يرمي عن جسد الإنسان الكسل والتعب، قال أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- عندما اغتسل من الجنابة: "كأنما ألقيت عني حملًا"، لذلك فإنَّ قيمة الاغتسال بعد الجنابة لا يدركها إلّا كلُّ ذي فطرة سليمة وقلب وعقل سليمين، والله تعالى أعلم.[١٢]
فيديو عن حكم صيام الجنب
فيديو يتحدَّثُ فيه فضيلةُ الدُّكتور بلال إبداح عن حكمِ الصِّيام على جنابة في الإسلام.[١٣]
المراجع[+]
- ↑ سورة المائدة، آية: 6.
- ↑ سورة النساء، آية: 43.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 480، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 348، صحيح.
- ↑ "موجبات الغسل"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1110، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سلمة هند بنت أبي أمية، الصفحة أو الرقم: 1109، صحيح.
- ↑ "صحة صوم من أصبح جنبا صار إجماعا أو كالإجماع"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 316، صحيح.
- ↑ "شرح حديث غسل الجنابة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 285.
- ↑ "ما الحكمة من أحكام الجنب في الإسلام؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "حكم الصيام على جنابة"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.