الطلاق-بالثلاث-هل-فيه-رجعة

محتويات
الطلاق
شرع الله -سبحانه وتعالى- الزواج، وجعله مودةً ورحمة وسكنًا للزوجين، لكن في بعض الأحيان تُصبح الحياة الزوجية مستحيلة لا تُطاق، ولهذا شرع الله تعالى أيضًا الطّلاق الذي يكون إنهاء رابط الحياة الزوجية به، وجعل له أحكامًا عديدة تتعلّق بالطلاق الرجعي والطلاق البائن والطلاق بالثلاث، وعلى الرغم من أنّ الطلاق مُباح، إلّا أنّه من الأسباب التي تهدّ أركان الأسرة، وتُضيّع الأبناء، وتتقطّع به الأرحام، خصوصًا إن حدث الطلاق لأسبابٍ تافهة دون إدراكٍ للمبادئ العظيمة التي شرع الله تعالى لأجلها الزواج، وفي هذا المقال سيتم الحديث عن الطلاق، وسيتم معرفة إن كان الطلاق بالثلاث هل فيه رجعة.
أسباب الطلاق
انتشر الطلاق بشكلٍ كبير نتيجةً لأسباب كثيرة، منها أسباب تتعلّق بالزوجين أنفسهم وفي طبيعة كلّ واحدٍ منهما ونسبة التفاهم بينهما، ومنها أسباب خارجية تتأثّر بالظروف البيئية والعوامل الاجتماعية والاقتصادية وتدخّل الأهل والأشخاص الآخرين، أما أهم أسباب الطلاق فهي كما يأتي:[١]
- عدم شعور الأزواج بأهميّة الزواج والهدف الأساسي منه: يظهر هذا واضحًا بعدم الالتفات إلى جانب المودّة والرحمة فيه، واقتصار اهتمامهم بالعلاقة الجسدية القائمة على الجماع والوطء وتفريغ الشهوة دون أن يكون بين الزوجين مكانًا للسكينة والاطمئنان.
- الاختيار الخاطئ: في كثيرٍ من الأحيان يختار الزوج زوجته بشكلٍ خاطئ ووفق معايير لا تناسبه، وكذلك بالنسبة للزوجة التي قد تُركّز على صفات غير مناسبة، مما يُسبب شرخًا كبيرًا في العلاقة، ولهذا يجب أن يكون الاختيار صحيحًا، إذ يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "تُنكحُ المرأةُ لأربعٍ لمالِها ولحسبِها ولجمالِها ولدينِها فاظفر بذاتِ الدِّينِ تربت يداك"[٢]
- الغضب: يُعدّ الغضب من الشرور التي تُسبب وقوع الطلاق بين الأزواج، لأنّه يُفقد الزوج السيطرة على أعصابه ويُصبح غير متحكمًا بها، فيصبح غير قادرٍ على تقبّل أي حديث أو نقاش من زوجته، فيرمي عليها يمين الطلاق الذي قد يصل أحيانًا إلى الطلاق بالثلاث، وفي هذا قول رسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَفْرَكُ أي: لا يَبْغَضُ مؤمنٌ مؤمنةً إن سَخِطَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها غيرَه"[٣]
- تهاون الأزواج في الحقوق والواجبات: من أكثر أسباب الطلاق انتشارًا أن يتهاون أحد الزوجين في تأدية واجباته تجاه زوجه، كأن يكون الزوج دائم الانشغال وليس بينه وبين زوجته أي تفاهم أو حب أو ملاطفة، مما يُسبب بكسر قلبها وعمل فجوة كبيرة الزوج وزوجته، وقد يكون السبب ناتجًا عن إهمال المرأة لزوجها.
- تدخل طرف ثالث بين الزوجين: من أكبر الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الطلاق هي أن يدخل طرف ثالث بين الزوجين ويُفسد بينهما، مما يؤدي إلى تفاقم المشاكل أكثر، لهذا من الأفضل عدم إدخال الزوجين أي أحدٍ بينهما.
حكم الطلقة الأولى
من حكمة الله تعالى أن جعل الطلاق على مراحل، إذ يُمكن للرجل أن يُطلق زوجته الطلقة الأولى أو الطلقة الثاني أو يمكن أن يكون الطلاق بالثلاث، إذ يقول تعالى: "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ"[٤]، إذ أن حكم الطلقة الأولى هو نفسه حكم الطلاق الرجعي، ويُشرع فيه للرجل أن يُبقي زوجته في منزل الزوجية فلا تخرج المرأة منه، وذلك لقوله تعالى: "لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ"[٥]، كما قال أيضًا بعد ذلك في نفس الآية: "لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا"[٥]، وهذا فيه رجاء أن يتم الصلح بين الزوج والزوجة فيندم الرجل على طلاقه لزوجته وتتغير الأمور بينهما وتنصلح، ففي الطلقة الأولى يجوز للرجل أن يُعيد زوجته إلى عصمته، والجدير بالذكر أنّ طلاق الرجل لامرأته في طُهرٍ قد جامعها فيه مُحرّم، لأنّها قد تحمل ويطول الأمر عليها ويقع الرجل بالندم، كما يحرم طلاق المرأة وهي حائض، لكن يشرع له أن يُطلّقها في طُهرٍ لم يحدث بينه وبينها جماع فيه، أو أن يطلقها وهي حامل بعد أن أصبح حملها معروفًا بالنسبة له ولها.[٦]
حكم الطلقة الثانية
حُكم الطلقة الثانية مطابق لحكم الطلقة الأولى، إذ يجوز للرجل إرجاع زوجته بعد الطلقة الثانية، ويجوز له أن يُرجعها وهي في عدّتها ما دامت فيها وقبل أن تمر عليها ثلاث حيضات، فإن مرّ عليها ثلاث حيضات ولم يُرجعها زوجها فإن الطلاق يُصبح بائنًا بينونة صغرى ولا يجوز للرجل إرجاع زوجته إلا بموافقتها وبعقد ومهر جديدين، وهذا ينطبق أيضًا على الطلقة الأولى في حال انقضاء العدّة ولم يُعيد الرجل الزوجة إلى عصمته.[٧]
حكم الطلقة الثالثة
حكم الطلقة الثالثة مختلف عن حكم الطلق الأولى والثانية، إذ أن الطلاق بالثلاث يكون فيه الرجل قد استنفذ عدد الطلقات، وليس له مراجعة زوجته إلّا بعد أن تنكح زوجًا غيره دون اتفاقٍ معه، إذ يقول الله تعالى في ذكر الطلاق بالثلاث: "فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ"{البقرة: آية 230}، وكما ذُكر سابقًا فإنه في الطلقة الأولى والثانية لا مانع من مراجعة الزوجة ما دامت في العدّة، علمًا أن عدّة المطلقة إذا كانت تحيض تكون ثلاث حيضات، أما الكبيرة الآيسة والصغيرة فعدتهما ثلاثة أشهر، وللرجل أن يُعيد زوجته بعد انقضاء العدّة ولكن بمهرٍ وعقدٍ جديدين، كما أنّه في الطلاق بالثلاث تحرم المرأة على الرجل تحريمًا معلقًا، أي معلقًا بزواجها برجلٍ آخر بحيث يحدث بينهما جماع ومن ثم يطلّقها وتنقضي عدّتها أو يُفارقها بالموت، وهنا يجوز له الزواج بها، أمًا إذا كان من تزوجت به مُحلّل فإن زواجه بها لا يحل.[٧]
الطلاق بالثلاث هل فيه رجعه
الطلاق بالثلاث ليس به رجعة إلّا بشرط، وهو أن زواج المرأة برجلٍ آخر دون اتفاقٍ مسبق، وأن يُفارقها هذا الزوج بالطلاق أو الموت فتنقضي عدّتها، وفي هذه الحالة يجوز للرجل أن يُعيدها، أما بالنسبة لوقوع الطلاق بالثلاث فقد اختلف في شأنه العلماء، إذ إنّ البعض قالوا إنه يقع بلفظ واحد في مرّات متفرّقة، والبعض قالوا إنّه يقع بألفاظ متوالية في نفس المرأة، وبغضِّ النظر عن هذا فإنّ الطلاق بالثلاث طلاق بائن بينونة كبرى ولا رجعة فيه إلّا إذا حصل التفصيل الذي تم توضيحه.[٨]
فيديو عن الطلاق بالثلاث
في هذا الفيديو يُقدّم فضيلة الدكتور بلال إبداح، دكتور الشريعة والعقيدة الإسلاميّة توضيحًا فيما إذا طلق الرجل زوجته ثلاث طلقات كيف يرجعها.[٩]
المراجع[+]
- ↑ الطلاق .. وأسباب انتشاره, ، "www.saaid.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 26-8-2018، بتصرّف.
- ↑ المصدر: حلية الأولياء، الصفحة أو الرقم: 8/429، خلاصة حكم المحدث: صحيح متفق عليه [أي:بين العلماء] من حديث يحيى بن سعيد.
- ↑ المصدر: غاية المرام، الصفحة أو الرقم: 247، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ {البقرة: آية 229}
- ^ أ ب {الطلاق: آية 1}
- ↑ الطلاق في الإسلام, ، www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 26-8-2018، بتصرّف.
- ^ أ ب أحكام الرجعة, ، "www.binbaz.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 26-8-2018، بتصرّف.
- ↑ حكم الرجعة بعد الطلاق الثلاث بلفظ واحد أو الفاظ متتالية, ، "www.fatwa.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 27-8-2018، بتصرّف.
- ↑ اذا طلق الرجل زوجته ثلاث طلقات كيف يرجعها, ، "www.youtube.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 28-8-2018