بحث عن عام الفيل
مولد رسول الله
في ظلِّ غرَقِ العرب ومن حولهم في وحول الجاهلية، وفي الوقت الذي انتشرت فيه الصراعات والخلافات والثارات، ونشبتْ فيه الحروب التي لم تطفئ لهيبها السنون، وُلدَ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- المخلِّص العظيم، الذي حمل الأمة من ويلات الجاهلية إلى الإسلام والأمن والسلام، وكان مولد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في شعب بني هاشم في مكة المكرمة، يوم الاثنين في شهر ربيع الأول، في عام الفيل وهو ما يوافق عام 571م، وفيما يأتي بحث عن عام الفيل فيه تفصيل عن أحداث هذا العام الذي وُلد فيه خير البشر رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام-.[١]
بحث عن عام الفيل
يعتبر عام الفيل عند أغلب المؤرخين العام الذي وُلد فيه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في مكة المكرمة، وهو العام الموافق لعام 570 أو 571 ميلادية، وقد سُمِّي هذا العام بعام الفيل بسبب حادثة هجوم أبرهة الحبشي أو أبرهة الأشرم على مكة المكرمة بالفيلة، وتذكر الروايات التاريخية إنَّ أبرهة الأشرم قاد حملة عسكرية مدعومًا من النجاشي ملك الحبشة، وكانت هذه الحملة مدعومة ببعض الفيلة استهدف مكة المكرمة وكان هدفها الرئيس هو هدم الكعبة الشريفة قِبلة العرب رغبة من أبرهة بتحويل اهتمام العرب من الكعبة الشريفة في مكة المكرمة إلى كنيسة القلّيس التي بناها في اليمن، وقد حدث بعض الاختلاف في تحديد الوقت الصريح لعام الفيل، فقيل إنَّ حملة أبرهة على مكة كانت في السنة الأربعين لحكم كسرى أنُوشِيرْوان، وقد ذكر بعض المؤرخين الإيرانيين أنَّ كسرى أنُوشِيرْوان حكم فارس بين عامي 531 - 579 ميلادية، أي أنَّ عام الفيل بحسب هذا القول يكون سنة 571 ميلادية.[٢]
وعند الحديث عن عام الفيل لا بدَّ من التفصيل في قصة أبرهة الأشرم الذي جاء في البداية مع حملة النجاشي التي أرسلها لنصرة أصحاب الأخدود الذين وردَ ذكرهم في كتاب الله -سبحانه وتعالى- فقد حرق رجلٌ يهودي اسمه يوسف عددًا كبيرًا ممن يدينون بالمسيحية في اليمن وكان قد خيرهم بدخول اليهودية أو الحرق، فاستنجد أحد نصارى اليمن بعظيم الروم فبعثه إلى النجاشي ملك الحبشة الأقرب إلى اليمن، فأرسل إليه النجاشي جيشًا عظيمًا بقيادة رجل اسمه أرياط، وكان في هذا الجيش أبرهة الحبشي، الذي وبعد أن استقرَّت اليمن وقُتل اليهودي مُشعل الأخدود انقلب على أرياط وحكم اليمن وكسب رضى النجاشي بدهائه وحنكته، وبعد أن استقرَّ لأبرهة أمر اليمن كلِّه، بنى أبرهة الحبشي كنيسة القلَّيس في اليمن، وكانت بناءً عظيمًا لا يشبهه بناء على وجه الأرض، وكان قد سخَّر أهل اليمن في بنائها، ثمَّ أرسل إلى النجاشي يخبره بأمر الكنيسة العظيمة التي بناها، فأُعجب النجاشي بفعل أبرهة ورغب بتحويل حج العرب من مكة إلأى هذه الكنيسة، وكان هذا السبب الأول من أسباب هجوم أبرهة على مكة، والسبب الثاني هو ما فعله الرجل الكناني الذي لطَّخ كنيسة القليس ليلًا وخرَّب أثاثها من الداخل، فعندما علم أبرهة جهَّز جيشًا عظيمًا مدعمًا بالأفيال وقصد مكة لهدم الكعبة.[٣]
خرج أبرهة الحبشي من اليمن بجيش عظيم مدعوم باثني عشر فيلًا، وسار حتَّى وصل إلى بلاد خثعم وهناك قاتل ما اجتمع عليه من قبائل العرب وهزمهم، وأخذ أحد العرب ليدله على طريق مكة، وتابع أبرهة سيره باتجاه الكعبة، حتَّى إذا وصل إلى منطقة اسمها المغمس وهي منطقة قرية من مكة المكرمة، أغار على رزق الناس فأخذ مالهم وكان مما اُخذ مئتي بعير لعبد المطلب جدِّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ثمَّ وقبل أن يذهب إلى مكة أرسل أبرهة الحبشي رسولًا إلى أهل مكة وهو حُناطة الحميري وقال له: اسأل عن كبير مكة وأخبره أنّ أبرهة لم يأتِ لقتال أحد إلَّا إذا قاتلتموه وإنَّما جاء لهدم هذا البيت الذين تحج العرب إليه، وعندما أخبر حناطة الحميري عبد المطلب بقول أبرهة، قال عبد المطلب: "سنخلي بينه وبين البيت، فإن خلى الله بينه وبينه فوالله ما لنا به قوة"، وفي ردِّ عبد المطلب دليل على قوة أبرهة الحبشي وضعف قريش في مواجهته، وبعد أن أوصل الحميري رسالة أبرهة ذهب عبد المطلب معه إلى أبرهة يطلب منه أن يردَّ عليه بعيره التي أخذها منه، فالتقى عبد المطلب أبرهة وكان عبد المطلب رجلًا مهيبًا فلم يجد أبرهة بدًّا من احترامه وتوقيره، فقال عبد المطلب لأبرهة: "أيها الملك إنك قد أصبت لي مالًا عظيمًا فاردده عليَّ"، فقال أبرهة: "جئت إلى بيتٍ هو دينك ودينُ آبائك وعصمتكم ومنعتكم فأهدمه فلم تكلِّمني فيه، وتكلمني في مائتي بعير لك؟"، فأجاب عبد المطلب: "أنا رب هذه الإبل، ولهذا البيت رب سيمنعه"، فردَّ أبرهة إبل عبد المطلب وعاد عبد المطلب وصاح بأهل مكة أن يخرجوا إلى الجبال فجيش أبرهة أصبح على تخوم مكة.[٤]
دخل جيش أبرهة مكة في عام الفيل ووجه الفيل الأكبر بين الفيلة نحو الكعبة، فتوقف الفيل في مكانه وكأن قوة غيبية حالت دون تقدمه نحو الكعبة وهدمها، على الرغم من ضربه ودفعه نحو البيت إلَّا أن رب البيت حمى البيت بقدرته، ثمَّ بعث الله الطير الأبابيل التي رمت على جيش أبرهة حجارة من سجيل فلم تُبقِ من الجيش أحدًا، قال تعالى في سورة الفيل: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ}[٥]، وفي ختام ما جاء من بحث عن عام الفيل يمكن القول إنَّ قصة عام الفيل تجسد بداية البركة النبوية على الأرض فقد ولد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعد هذه القصة كما كانت هذه الحادثة رسالة صريحة مفادها إنَّه إذا عجز العرب عن حماية هذا البيت فللبيت ربُّ يحميه، والله تعالى أعلم.[٤]المراجع[+]
- ↑ "محمد بن عبد الله"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 18-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "عام الفيل"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "عام الفيل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-05-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "أصحاب الفيل"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-05-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الفيل، آية: 1-5.