حياة طه حسين
طه حسين
في البَدْء كان الاسم لتبدأَ سيرةٌ من أكثر ما مرّ على الأدب العربيّ جدلًا، هو طه حسين علي سلامة، من المِنيا في الصّعيد الأوسط، وُلد عام 1889م، وكان وإخوته ثلاثة عشر، وكان أبوه موظّفًا بسيطًا في شركة السُّكّر، أُصيبَ بالرّمَد وكان ابن أربع سنوات، ولم يَرَه طبيبٌ بسبب جهل مُحيطه، ما أدّى إلى ذهاب بصره، لكنّ هذا لم يمنعه من حفظ القرآن الكريم والّلغة العربيّة في سنٍّ مبكّرة، فأذهل الجميع، ولعلّها كانت بداية ما حصّله فيما بعد من عِلم وثقافة ومنزلة أدبيّة وأكاديميّة، وسطرًا أوّلَ في كتاب حياة طه حسين.
طه حسين بين العِلم والأدب
لم تقف حياة طه حسين عند عتبة التعلّم في الكُتّاب، بلْ إنّ الطّفل الذي تعلّم في الكُتّاب كبرَ، فدخل الأزهر لتعلُّم الدّين وعلوم العربيّة، إلّا أنّه لم يرتوِ، فسنحت له الفرصة فيما بعد أن يكون أوّل المنتسبين إلى الجامعة المصريّة التي فتحت أبوابها عامَ 1908م، وبعد أن أخذ فيها من كلّ عِلمٍ بطرف، وتنقّلت معارفه بين الجغرافيا، والتّاريخ، والحضارة الإسلاميّة، والّلغات الشّرقيّة، ونالَ فيها شهادة الدّكتوراه الأولى في الآداب، أُوفِدَ إلى فرنسا عام 1915م لينال بعد ذلك درجة الدّكتوراه الثّانية في عِلم الاجتماع، ثمّ عادَ إلى مِصرَ أستاذًا لتاريخ الأدب العربي في الجامعة المصريّة.[١]
وممّا أحدثه على السّاحة الأدبيّة أنّه كان أديبًا ناقدًا، ومن أبرز الشّخصيّات في الحركة العربيّة الأدبيّة الحديثة، فقد برعَ في الرّواية والسّيرة الذّاتيّة، وما تزال أفكاره تثير الجدل إلى يوم النّاس هذا، ومنها فكرة كتابه (في الشِّعْر الجاهليّ) الذي ألّفه عام (1926م)، ونفى أن يكون للجاهليّين شِعرٌ كهذا، وأنّه منحولٌ كُتِبَ في الإسلام، ونُسبَ إلى أهل الجاهليّة، وكما هو متوقّعٌ لمثل فكرة كتابٍ كهذا، فقد هاجمه كثيرٌ من علماء الفلسفة والّلغة من مثل: مصطفى صادق الرّافعي ومحمود محمد شاكر، وقاضاه عددٌ من علماء الأزهر، إلّا أنّه نال البراءة من تهمة الإساءة إلى الدّين والقرآن الكريم، لكنّه عدّلَ في عنوان الكتاب، فأصبح "في الأدب الجاهليّ"، وحذف منه المقاطع الأربعة التي أُخذت عليه.[٢]