سؤال وجواب

موضوع عن عمر بن الخطاب وعدله


موضوع عن عمر بن الخطاب وعدله

ثاني الخلفاء الرَّاشدين، رجلٌ دَعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "اللهم أيدِ الدينَ بعمرَ بنِ الخطابِ، ولفظٌ الآخر: اللهم أعزَّ الإسلامَ بعمرَ" [١]، فكانت عزَّة الإسلام به، وهذا المقال موضوع عن عمر بن الخطاب وعدله، الرَّجل الوحيد من المسلمين الذي هاجر إلى المدينة المنورة جهرًا، بينما كان المسلمون يهاجرون من مكة سرًّا، يصرخُ في مكة بأعلى صوته قبل أن يهاجر فيقول: "من أراد أن تثكله أمه، وييتم ولده، أو ترمل زوجته، فليلقني خلف هذا الوادي" رجلٌ قويُّ الجأش، صائب الرَّأي، مقيمٌ للحقِّ، محبٌّ لله ورسوله -عليه الصَّلاة والسلام-.

اشتُهِرَ عمر بن الخطاب بالعدل وسنسوق قصصًا في هذا المقال عن موضوع عن عمر بن الخطاب وعدله، أطلق عليه لقب الفاروق؛ لتفريقِه بين الحقِّ والباطل، شديدُ التَّمسك بأحكام الله وآياته، فكان إذا نهى الناس عن شيء جمع أهله وقال: "إني قد نهيت الناس عن كذا وكذا وإنهم إنما ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم فإن وقعتم وقعوا، وإن هبتم هابوا، وأيم الله لا أوتي برجل منكم فعل الذي نهيت عنه إلا أضعفت عليه العقوبة، لمكانه مني فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر".

وحدَثَ أن وقع ابنه عبد الرحمن يومًا في شرب الخمر، فيذكر القصة ابن عمر قائلًا: شَرِب أخي عبد الرحمن بن عمر وشرب أبو سروعة عقبة بن الحارث وهما بمصر في خلافة عمر فَسَكِرا، فلمَّا أصبحا انطلقا إلى عمرو بن العاص، وهو أمير مِصر، فقالا: طهرنا فإنَّا سكرنا من شراب شربناه فقال عبد الله: فذكر لي أخي أنَّه سكر، فقلت له: ادخل الدار أطهرك، ولم أشعر أنَّهما أتيا عمروًا، فأخبرني أنَّه أخبر الأمير بذلك فدخل الدار، فقال عبد الله: لا يحلق القوم على رؤوس عامة النّاس، ادخُلِ الدّارَ أحْلقْكَ -وكانوا إذ ذاك يحلقون مع الحدود- فدخل الدار، فقال عبد الله: فحلقت أخي بيدي ثمّ جلدهم عمرو، فسمع بذلك عمر، فكتب إلى عمرو أن ابعث إليَّ بعبد الرحمن، ففعل ذلك فلمَّا قدم على عمر جلده وعاقبه لمكانه منه -أيْ ضرب عمر -رضي الله عنه- ليس من باب الحدّ بل من باب التأديب- ثم أرسله، فلبث شهرًا صحيحاً ثمَّ أصابه قدره فمات، فيحسب عامة النَّاس إنَّما مات من جلد عمر، ولم يمت من جلد عمر".

كان شديد الخشية من الله، فلا يخاف في الله لومة لائم، ففي يومٍ من الأيَّام مرَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الناس متسترًا؛ ليتعرف أخبار رعيته فرأى عجوزًا، فسلَّم عليها، وقال لها: ما فعل عمر؟ قالت: لا جزاه الله عنِّي خيرًا، قال: ولم؟ قالت: لأنه واللهِ ما نالني من عطائه منذ وَلِيَ أمْرَ المؤمنين دينارًا ولا درهمًا، فقال لها: وما يدري عمر بحالك، وأنت في هذا الموضع؟ قالت: سبحان الله! والله ما ظننت أنَّ أحدًا يلي عمل الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها، فبكى عمر ثم قال: وا عمراه! كلُّ أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر، ثم قال لها: يا أَمَة الله، بكم تبيعني ظلامتك من عمر؟ فإنِّي أرحمه من النار قالت: لا تهزأ بنا يرحمك الله، فقال لها: لست بهزّاء، ولم يزل بها حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين دينارًا.

وبينما هو كذلك إذ أقبل عليّ بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما- فقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فوضعت العجوز يدها على رأسها، وقالت: واسوأتاه أشتمْتَ أمير المؤمنين في وجهه! فقال لها عمر: لا بأس عليك رحمك الله، ثم طلب رقعة يكتب فيها فلم يجد، فقطع قطعة من ثوبه وكتب فيها: "بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي إلى يوم كذا وكذا بخمسة وعشرين دينارًا، فما تدعى عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى فعمر منه بريء"، وشهد على ذلك علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود ورفع عمر الكتاب إلى ولده، وقال: "إذا أنا متُّ فاجعله في كفني، ألقى به ربّي". هذه إحدى القصص التي تندرج في موضوع عن عمر بن الخطاب وعدله.

هي قصصٌ لو قرأها الرَّجل لحَسَبها من الأساطير، وقد وردَ في الأثر أنه كان رجالٌ في يومٍ من الأيَّام أشدَّاء في حدود الله على أنفسهم وأولادهم قبل عامَّة النَّاس، إذا ذُكِرَ العدل والقوة فإنَّك تذكر عمرًا، وإذا ذكرت عمرًا فإنّك تذكر العدل والقوة، وفي يومٍ أرسل ملك الفرس رسولًا إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فلمّا دخلَ المدينة سأل أهلها: أين ملككم؟ فأجابوه: ليس لدينا ملك بل لنا أمير، وقد ذهب إلى ظاهر المدينة، فذهب الرسول في طلب عمر -رضي الله عنه- فرآه نائما في الشمس على الأرض فوق الرَّمل، وقد وضع عصاه كالوسادة، والعرق يتصبّب من جبينه، فلما رآه على هذه الحالة وقع الخشوع في قلبه وقال: رجل تهابه جميع الملوك وتكون هذه حاله! ولكنّك عَدَلت فأمِنْت فنِمْت ياعمر، وقد أسلم رسول ملك الفرس بعد ذلك.

لقد ماتَ عمر، ولكن ما ماتت قصص عدل عمر، هو ليس استعراض كلمات عن عمر -رضي الله عنه-، أو موضوع عن عمر بن الخطاب وعدله بل هو تذكيرٌ بصحابة رسول الله ليقتديَ المسلمون بهم اليوم، أحد العشرة المبشَّرين بالجنَّة، لم يغرُّه ذلك، بل زاده حرصًا وعدلًا، رَحِمَ الله عمرًا، فكم أتعبَ الخلفاءَ بعدَه.

المراجع[+]

  1. رواه السخاوي، في المقاصد الحسنة، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 114، له شاهد.