شعر الحماسة في العصر الجاهلي
شعر الحماسة
يُطلقُ مصلطلح شعر الحماسة على الشعر الذي يؤجّجُ في نفوس الشعراء والمستمعين الحماس والانفعال بغضِّ النظر عن المواضيع التي يتناولها، فلا يقتصر شعر الحماسة على الشعر المرتبط بالحروب والمعارك الذي يصفها ويمدحُ أبطالها، فقد يظهرُ شعر الحماسة في أشعار الفخر والمدح والرثاء والهجاء حتّى في مجال الغزل أيضًا، ففي كلّ من تلك المجالات لا بدَّ من أن يتصف السامع أو الشاعر بالصبر والتأثُّر بالشعر حتّى يبلغَ المرء الحماس المطلوب، إلا أنَّه ارتبطَ بالشّجاعة والشدّة والمَنَعة، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول شعر الحماسة في العصر الجاهلي وأهم شعراء شعر الحماسة في العصر الجاهلي. [١]
شعر الحماسة في الشعر الجاهلي
في الحديث عن شعر الحماسة في العصر الجاهلي لا بدَّ من الإشارةِ إلى الشعر الجاهلي بشكلٍ عامّ، حيثُ يدلُّ الشعر الجاهلي على جميع الأشعار التي تمَّت كتابتها في العصر الجاهلي قبل الإسلام، حيثُ انتشرت الحروب والغزوات وصراعات سياسية وكان ميدانًا لظواهر تجارية واقتصادية واجتماعيىة إضافة إلى البيئة الصحراوية وحياة البداوة التي كان يعيشُها العرب، وذلك قبل أن يبدأ تدوين النصوص في اللغة العربيّة، وكان الناس يتداولون الأدب فيما بينهم سماعيًّا فظهرَ الكثير من رواة الشعر من أشهرهم: الأصمعي، المفضل الضبي، حمادة الراوي وغيرهم، ويعدّ الشعر في العصر الجاهلي من أكثر أنواع الأدب التي انتشرت في ذلك العصر؛ لأنه يرتكزُ على العواطف والخيال وبسبب قدرة العرب على الحفظ، وبسبب ذلك كان للشعر تأثير كبير على العرب ولا سيّما شعر الحماسة في العصر الجاهلي. [٢]
حيثُ يقوم شعر الحماسة على إثارة عواطف الناس والسامعين من خلال إظهار المشاعر واشعالها إضافةً إلى الاعتناء باللغة والألفاظ والصيغة اللغوية، فالشعر الجاهلي يعدُّ أساس الشعر العربيّ وأقوى شعر يَستشهدُ به العرب على اللغة وضوابطها وأوزان البحور فقد كان شعرًا ناضِجًا في لغتِه وشاعريَّته، ورغم أنَّ شعر الحماسة في العصر الجاهلي لا يقتصر على الفخر، إلا أنَّ الفخر أوسعُ باب في شعر الحماسة؛ لأنَّ الفخر يشملُ افتخار الشاعر بنفسه أو بقبيلته أو بأشعاره خاصّة في الحروب، حيثُ ارتبطت الحماسة بالحروب، وقد انتشر الفخر كثيرًا في ذلك العصر؛ لأنَّ نفوس العرب كانت تعشقُ العزة وتتغنى بالمجد كثيرًا، والشاعر هو لسان القبيلة والمدافع عنها. [٣]
وفي هذا المثال من شعر عنترة بن شدّاد، يرسم الشاعر في هذه الأبيات صورةً من صور المعركة ويُدخِل بوصفها ثغرَ الحبيبة البرَّاق ويشعلُ في النفوس ما يثيرُ الحماس ويسلبُ الألبابَ في صدق العاطفة ودقة التصوير وبراعةِ الأسلوب [٣]، فيقول: [٤]
ولقدْ ذكرتُكِ والرِّماحُ نواهلٌ
- منِّي وبيضُ الهندِ تقطرُ من دمِي
فوددتُ تقبيلَ السيوفِ لأنَّها
- لمعَتْ كبارقِ ثغرِكِ المتبسِّمِ
وقد كانت المعلقات العشر أو السبع كما جعلَها بعض النقَّاد من أشهر القصائد في الشعر العربي، وهي زاخرة بالكثير من شعر الحماسة في العصر الجاهلي، فهي تتناول مختلف المواضيع، حيثُ فيها الغزل والمدح والفخر والمعارك ووصف الطبيعة والخيل والرثاء وما إلى هنالك من مواضيع مطروقة في تلك الفترة، فاشتملت على كثير من الحماسة التي تؤججُ المشاعر، حيثُ يمتاز شعر الحماسة بشكلٍ عامّ بعدة خصائص وهي: المبالغة في الافتخار، اعتداد الشاعر بنفسه بشكل كبير، وصف الخصوم بشكل ساخر وغيرها. [١]
من شعراء شعر الحماسة في العصر الجاهلي
بعد الحديث عن شعر الحماسة في العصر الجاهلي سيتمُّ ذكر لمحة عن بعض أهم الشعراء الجاهليين الذين ظهرَت الحماسة في أشعارهم بشكل كبير رغمَ أنَّ الشعر الجاهلي بمجملِهِ لا يخلو من شعر الحماسة بشكل أو بآخر، إلا أنَّ أهم الشعراء الجاهليين في شعر الحماسة فيما يأتي:
- عنترة بن شداد: هو الشاعر الجاهلي عنترة بن شداد بن معاوية العبسي وُلدَ عام 525م، من أشهر شعراءِ العرب في الجاهليَّة، واشتُهِر بأشعار الفروسيَّة والمعارك والحروب التي خاضها فقد كان بطلًا مقدامًان إضافةً إلى شعر الغزل العفيف الذي تناول فيه معشوقَته عبلة، وله المعلقة المشهورة، وقد توفّي عام 608م، وله المعلقة الشهيرة التي مطلعها: [٥]
هلْ غادرَ الشعراءُ من متردَّمِ
- أم هلْ عرفتَ الدارَ بعد توهُّمِ؟
يا دارَ عبلةَ بالجواءِ تكلَّمي
- وعمِي صباحًا دارَ عبلةَ واسلمي
فوقفتُ فيها ناقتِي وكأنَّها
- فدنٌ لأقضِي حاجة المتلوِّمِ
- طرفة بن العبد: هوالشاعر عمرو بن العبد بن سفيان من بني ضبيعة، لقِّبَ بطرفة، وأمُّه وردة أخت الشاعر المتلمس، ولهُ أخت شاعرة أيضًا تدعى الخرنق، ولدَ 539م وتوفّي عام 564م، له المعلقة الشهيرة التي مطلعها: [٦]
لخولةَ أطلالٌ ببرقةِ ثهمدِ
- تلوحُ كباقي الوشمِ في ظاهرِ اليَدِ
بروضةِ دعميٍ فأكنافِ حائلٍ
- ظللتُ بها أبكِي وأبكي إلى الغدِ
وقوفًا بها صَحبي عليَّ مطيُّهم
- يقولونَ: لا تهلِكْ أسىً وتجلَّدِ
- الأعشى: ميمون بن قيس بن جندل يعودُ نسبُه إلى ضبيعة من بكر بن وائل، لقب بالأعشى لأنَّ بصره كان ضعيفًا، أدركَ الإسلام ولم يسلم، كان يتغنى بشعره كثيرًا فلقب أيصًا صناجة العرب، من شعراء الطبقة الأولى، كان غزير الشعر، وله المعلقة الشهيرة التي مطلعها:[٧]
ودِّع هريرةَ إنَّ الركبَ مرتَحِلُ
- وهل تطيقُ وداعًا أيُّها الرجلُ!
غرَّاءُ فرعاءُ مصقولٌ عوارضُها
- تمشي الهوينى كمَا يمشي الوجِي الوحلُ
كأنَّ مشيتَها من بيتِ جارتِها
- مرُّ السحابةِ لا ريثٌ ولا عجَلُ
المراجع[+]
- ^ أ ب "حماسة (شعر)"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "الأدب العربي في العصر الجاهلي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-05-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "الفخر والحماسة في الشعر العربي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "ديوان عنترة بن شداد"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "عنترة بن شداد"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "طرفة بن العبد"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "الأعشى"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-05-2019. بتصرّف.