الفرق بين المسؤولية المدنية والجن
محتويات
المسؤولية
إنّ الإنسان بطبعِه يقع بأخطاء تجاهَ الآخرين، وعندما يتضرّر الآخرون من هذا الخطأ فلا بدّ أن تقعَ على عاتق الشخص المتسبب بالضرر مسؤولية تصون حق الغير وتحافظ على أمن المجتمع وسلامته، وتُعرف المسؤوليّة على أنّها محاسبة الإنسان على أخطائه التي يرتكبها ويضرّ الغير بها، أو محاسبته عن مخالفة قانونية ارتكبها منافية للآداب والقواعد العامّة، وتُقسم المسؤولية في القانون إلى قسمين: المسؤولية الجنائية وفقًا للقانون الجنائي والمسؤولية المدنية وفقًا للقانون المدني والتي تتفرّع بدورها إلى مسؤولية عقديّة ومسؤولية تقصيريّة.
المسؤولية المدنية
تقوم المسؤولية المدنية عند الإخلال بالالتزامات والواجبات التي يفرضُها مبدأ التعايش الإنساني، سواء أكانت هذه الالتزامات منصوصًا عليها على شكل بنود قانونية كالعقد وتسمّى المسؤولية العقدية، أو عن طريق المبادئ العامة التي تُحتّم احترام حقوق الغير وعدم الإضرار بهذه الحقوق وتسمّى المسؤولية التقصيريّة كالتعسّف باستعمال الحق وتجاوز حقوق الجوار، ومن خلال ما سبق فإنّ المسؤولية المدنية تُعرّف على أنّها "المسؤولية التي تهدف إلى جبر الضرر الذي يصيب المتضرّر عند إخلال المدين بالالتزام العقدي أو إخلال الشخص بالتزام قانوني مفروض عليه".
وفيما يخصّ الدعوى المتعلّقة بالمطالبة المدنية فيمكن أن تكونَ هذه الدعوى تابعة للدعوى العموميّة والعكس غير صحيح، حيث يمكن رفع الدعوى المدنية مع الدعوى الجنائية أمام المحاكم الجنائية، فتكون حينها دعوى مدنية تابعة لدعوى جزائية، أو يمكن رفع الدعوى المدنية بصورة مستقلّة عن الدعوى الجنائية أمام المحاكم المدنية، لكن في هذه الحالة الأخيرة يجب على المحكمة المدنية وقف النظر في الدعوى المدنية إلى حين قيام المحكمة الجنائية بالفصل بالدعوى الجنائية إعمالا بقاعدة الجنائي يعقل المدني، ويمكن للمتضرّر التنازل عن مطالبته المدنية وله كامل الحرية في ذلك لأنّها متعلقة بمصلحته الشخصية فقط، ويجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ الدعوى المدنية تتقادَمُ بعد مرور زمن معين؛ أي يسقط الحق بالمطالبة أمام المحاكم المدنية، ففي المسؤولية العقدية يسقط الحق بالمطالبة بعد مرور خمس عشرة سنة من تاريخ إبرام العقد، أمّا في المسؤولية التقصيرية فيسقط الحق بالمطالبة بعد مرور ثلاث سنوات عند العلم بوقوع الفعل الضارّ وفي جميع الأحوال بانقضاء خمسة عشر سنة من تاريخ وقوع الفعل الضارّ. [١]
المسؤولية الجزائية
تقوم المسؤولية الجنائية عند توفّر جميع أركان الجريمة، وهي الركن القانونيّ والماديّ والمعنويّ، ويتمثّلُ الركن القانوني بوجود نص قانونيّ يجرّم الفعل الذي وقَعَ من الجاني، ويحدّد هذا النص العقوبة المقررة لفعله ويعني ذلك أن الفعل مهما كانت خطورته لا يعدّ جريمة إلا إذا وجد نص على تجريمه، أما الركن المادي للجريمة يتمثل بالفعل أو السلوك الذي يجرمه القانون الجنائي ويرتب عليه عقوبة، ففي هذا الركن لا بدّ أن تتجسّد إرادة الجاني إلى فعل مجرم يقوم به وأن يبدأ القيام به، أما إذا بقيت إرادته كامنة في نفسه لا يجرم فعله وتعدّ مجرد نية دون تنفيذ، أمّا الركن المعنوي فهو القصد الجنائي للفاعل بحيث يكون الجاني واعيًا ومدركًا لما يقوم به، وفي حال توفّر هذه الأركان تقوم الجريمة وتلحق المسؤولية الجنائية على مرتكبها، وتعرف المسؤولية الجنائية على أنها "التزام الشخص بتحمل العواقب التي تترتب على فعله الذي باشره ما لم يكن هناك أسباب لا تستدعي قيامها كأسباب التبرير والإباحة". [٢]
الفرق بين المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية
يتّضح ممّا تقدّم أنّ هناك فروقًا بين المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية لا بدّ من إجمالها وتوضيحها تاليًا، حتّى يُؤتَمَن اللبس فيها، إذ إنّ هناك فروقات دقيقة تتجلّى في المصطلحات القانونيّة عامّة، أما الفرق بين المصطلحين هذين فيتلخّص فيما يأتي: [٣]
- المسؤولية الجنائية تقيدها قاعدة عامة أنْ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنصّ، مما يعني أن الشخص لا يمكن أن يسأل جزائيًّا إلا إذا كان فعله مجرمًا بنص القانون، ولكن هذه القاعدة لا تنطبق على المسؤولية المدنية؛ لأنّ المسؤولية المدنية تنسب إلى كل شخص أتى فعلًا ضارًّا تجاه الغير فيلتزم الشخص المتسبب بالضرر بالتعويض عنه للشخص المتضرر دون البحث فيما إذا كان الفعل مجرمًا بالقانون أم لا.
- تختلف المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية من حيث الهدف، فالأولى تسعى إلى تعويض الضرر الناشئ عن إخلال حاصل بالتزام قانونيّ، في حين تسعى الثانية إلى زجر الجاني وردعه.
- المسؤولية المدنية تُقام أمام المحاكم المدنية من الشخص المتضرّر أو ممّن ينوب عنه، في حين أنّ المسؤولية الجنائية تُحرَّك أمام المحاكم الجنائية بواسطة النيابة العامّة.
- قد يقترن الفعل الجرمي بالوقت نفسه بمسؤولية مدنية ومسؤولية جنائية، ولكن ليس دائمًا، فقد لا يسبّب الفعل الجرمي في بعض الأحيان ضررًا للآخرين كحمل السلاح دون رخصة، وقد تقع المسؤولية المدنية دون الجزائية كامتناع المدين عن الوفاء بالدَّيْن بموجب التزام عقديّ، حيث لا تعدّ هذه جريمة يعاقب عليها القانون.
المراجع[+]
- ↑ عبدالقادر العرعاري (2011)، مصادر الالتزامات الكتاب الثاني في المسؤولية المدنية (الطبعة الثالثة)، الرباط: دار الأمان، صفحة 12-14. بتصرّف.
- ↑ فرج القصير (2006)، القانون الجنائي العام، تونس: مركز النشر الجامعي، صفحة 38-83. بتصرّف.
- ↑ عدنان السرحان،نوري خاطر (2012)، شرح القانون المدني مصادر الحقوق الشخصية الالتزامات (الطبعة الخامسة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 351-352. بتصرّف.