الإعجاز العلمي في كانتا رتقًا ففتق
محتويات
الإعجاز العلمي
يعتبر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم علمًا حديث العهد، بدأ ملامحه تظهر بشكل واضح مع بداية الاكتشافات العلمية التي وصل إليها الإنسان مؤخرًا في العصر الحديث، ويُعرِّف أهلُ العلم الإعجاز العلمي في القرآن الكريم على أنَّه إخبار كتاب الله -سبحانه وتعالى- بحقائق علمية لم يكن الإنسان على علم بها في الفترة الزمنية التي نزل بها القرآن الكريم على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وإنَّما علم الإنسان هذه الحقائق بعد ما يزيد عن ألف سنة وبضعة قرون، ولهذا يُعتبر الإعجاز دليلًا مرئيًا على صحة الإسلام وصدق رسالته ومبتغاه، وهذا المقال سيسلط الضوء على الإعجاز العلمي في كانتا رتقًا ففتقناهما في سورة الأنبياء.
نبذة عن سورة الأنبياء
تعتبر سورة الأنبياء واحدة من السور المكية، أي من السور التي نزلَتْ على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بواسطة الوحي جبريل -عليه السَّلام- في مكة المكرمة، وقد سُمِّيت سورة الأنبياء بهذا الاسم لأنَّ الله عزّ وجلَّ- عَرَضَ فيها قصصَ كثير من الأنبياء وذكر فيها أمثلة كثيرة على صبر أنبيائه وتضحيتهم، وتعتبر هذه السورة سور المئين، يبلغ عدد آياتها 112 آية، وهي السورة الحادية والعشرون في ترتيب سور الكتاب حيث تقع في الجزء السابع عشر والحزب الثالث والثلاثين، وقد نزلت بعد سورة إبراهيم، وبدأت بفعل ماض، قال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ}[١]، وقد تناولت هذه السورة مثل سائر السور المكية مواضيع العقيدة الإسلامية من وحدانية الخالق والبعث والجزاء والساعة والحساب، وجدير بالذكر إنَّ في هذه السورة إعجاز علمي عظيم، في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كانتا رتقًا ففتقناهما ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}[٢]، وفيما يأتي شرح هذه الآية وتفصيل عن الإعجاز العلمي الوارد فيها.[٣]
شرح قوله تعالى كانتا رتقًا ففتقناهما
قال الله -تبارك وتعالى- في سورة الأنبياء: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كانتا رتقًا ففتقناهما ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}[٢]، وقد جاء في شرح وتفسير هذه الآية المباركة ما يأتي: أولم يشاهد وينظر إلى السماوات والأرض من في قلوبهم شكُّ وكفر بالله تعالى، حتى يعلموا أنَّ السماوات والأرض كانتا كتلة واحدة متصلة ببعضها لا ثُقب فيها، وقد فسَّر ابن زيد هذه الآية قائلًا: "كانت السَّماوات رتقًا لا ينزل منها مطرٌ، وكانت الأرض رتقًا لا يخرجُ منها نبات، ففتقهما الله، فأنزل مطرَ السَّماء، وشقّ الأرض فأخرج نباتها"، أمَّا قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}[٢]، قال قتادة في تفسيرها: "كُلُّ شيءٍ حيٍّ خُلِقَ من المَاء"، أفلا يؤمنون أي: "أفلا يصدّقون بذلك، ويقرّون بألوهية من فعل ذلك ويفردونه بالعبادة"، والله أعلم.[٤]
الإعجاز العلمي في كانتا رتقًا ففتقناهما
الإعجاز العلمي في القرآن هو إخبار القرآن الكريم بحقائق علمية عظيمة لم تكن معروفة في الفترة التي نزل بها القرآن الكريم على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ومن صور الإعجاز العلمي في القرآن هو الإعجاز في نظرية وحدة الكون، حيث تُشير النظريات العلمية التي تبحث في موضوع نشأة الكون أنَّ الأرض كانت جزءًا لا يتجزأ من المجموعة الشمسية في بداية الخلق ثمَّ انفصلت عنها وبدأ تتبرَّد وتتلاءم في درجة حرارتها حتَّى اصبحت مكانًا صالحًا للسكن والعيش، ويستند أصحاب هذه النظرية على وجود البراكين والحمم في باطن الأرض ويقولون: إنَّ هذه البراكين الموجودة في نواة الأرض إنَّما هي بقايا العهد القديم الذي كانت فيه الأرض جزءًا من الشمس، وهذه النظرية العلمية تحدَّث عنها كتاب الله تعالى قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمن، حيث قال تعالى في سورة الأنبياء: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كانتا رتقًا ففتقناهما ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}[٢]، والرتق هو الالتحام والالتصاق، والله تعالى أعلم.[٥]
بعض صور الإعجاز العلمي في القرآن الكريم
بعد الحديث عن الإعجاز العلمي في كانتا رتقًا ففتقناهما، جدير بالذكر أنَّ يتم المرور على أبرز ما جاء من صور الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، هذه الآيات والأمثلة التي تعتبر شاهدًا ودليلًا قطعيًا لا يقبل الشكَّ والطَّعنَ في وجه كلِّ من يترصد بالإسلام والمسلمين، وفيما يأتي مجموعة من صور الإعجاز العلمي في القرآن الكريم:[٥]
- شكل الأرض: اكتشف الإنسان في عصور متقدمة كروية الأرض بعد أن كان يؤمن البشر بنظرية الأرض المسطحة، ومع تطور العلم وتفكُّر الناس في البداية ثمَّ مع ظهور الأقمار الصناعية التي صوَّرت الأرض من الفضاء الخارجي، وقد أثبت العلم الحديث أنَّ الأرض ليست كروية تمامًا، بل هي تأخذ شكل البيضة، كما أثبت العلم أن النسية بين أقطار الأرض تتناقص من كلِّ طرف، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في سورة الأنبياء، قال تعالى: {بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ}[٦].
- الليل والنهار: إنَّ من آيات الله تعالى أن جعل الليل سكنًا للناس وهيأه لينام به الناس وتهدأ عقولهم وأجسادهم من نصب الحياة، وبعد أن تطور الطب الحديث اكتشف أن الجهاز العصبي في الليل يقوم بتهدئة الإنسان وتسكينه فينخفض ضغط الدم ودقات القلب، بينما في النهار ينشط ضغط الدم وتتزايد دقات القلب وهذا ما يقوم به الجسم بشكل طبيعي، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه النظرية العلمية في سورة يونس، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}[٧].
- نظرية الزوجية: كان علماء الأحياء يظنون أن الزوجية أي الذكر والأنثى توجد عند الإنسان والحيوان فقط، ولكن مع تطور العلم الحديث اكتشف العلماء أن الزوجية موجودة عن النبات والجماد، وموجودة في الذرة أيضًا، وهذا ما أشار وأخبر به القرآن الكريم في سورة الذاريات، قال تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[٨]، والله أعلم.
المراجع[+]
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 1.
- ^ أ ب ت ث سورة الأنبياء، آية: 30.
- ↑ "سورة الأنبياء"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "تفسير سورة الأنبياء"، www.quran.ksu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 12-06-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "الإعجاز العلمي في القرآن"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 44.
- ↑ سورة يونس، آية: 67.
- ↑ سورة الذاريات، آية: 49.