المفعول به وأنواعه
محتويات
تعريف المفعول به
الحديث عن المفعول به وأنواعه لا بدّ أن يبدأ بتعريفٍ بسيطٍ للمفعول به، وممّا لا خلافَ فيه أنّ المفعول به وأنواعه المتعدّدة ينتمي إلى عائلة المنصوبات في اللغة العربية، وممّا يقال في تعريفه أنّه اسم منصوب يدلّ على من وقع عليه فعل الفاعل، وهو من أركان الجملة الفعلية التي يكون فعلها متعديًّا، وتتعدّد علامات نصبه وأشكاله، وأنواعه، ومن أمثلة المفعول به ما ورد في القرآن الكريم: {لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} [١] كلمة "قومًا" هي اسم منصوب دلّ على من وقع عليه فعل الإنذار، فهي مفعول به. [٢]
المفعول به وأنواعه
اللغة العربية غنية بقواعدها من نحو وصرف، إذ يجد الدارس في الباب الواحد من أبواب النحو أنواعًا متعددة ومتباينة، والمفعول به وأنواعه باب من أبواب المنصوبات التي تتعدّد أنواعها، وتختلف من مكان إلى آخر، ومن تركيب إلى آخر، وهذا التعدّد موجود في القرآن والحديث والشعر والكلام المتداول بين الناس، أمّا أنواع المفعول به فهي كالآتي: [٣]
- المفعول به الصريح: والمقصود به أنه مذكورٌ بشكل مباشر، وله نوعان:
- الاسم الظاهر: وهو اسم مُعرَب منصوب، وأمثلته كثيرة جدًّا، ومنها ما ورد في القرآن الكريم: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [٤] كلمة "الحكمة" وقع عليها فعل الفاعل، فهي مفعول به، وبما أن الكلام عن المفعول به وأنواعه فإن نوع المفعول به هنا هو اسم ظاهر.
- الضمير: قد يكون المفعول به ضمير نصب منفصلٍ، وذلك كما ورد في الآية الكريمة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [٥] فـ "إيّاك": ضمير منفصل في محلّ نصب مفعول به مقدّم، وتقديم المفعول به هنا جاء لغرض الاختصاص، أيْ نعبدك ولا نعبد غيرك، كما يكون المفعول به ضميرًا متّصلًا بالفعل، والضّمائر التي تتّصل بالفعل وتكون في محلّ نصب هي: نا الدّالة على الجماعة، هاء الغائب، ياء المتكلم، وكاف الخطاب، والشواهد على هذا النوع من المفعول به وأنواعه كثيرة، ومنها ما ورد في القرآن الكريم: {فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىٰ*لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى} [٦] الكاف التي اتصلت بالفعل أنذر، والهاء التي اتصلت بالفعل يصلى، هما ضمير متصل مبني في محلّ نصب مفعول به.
- المفعول غير الصريح: والمقصود به أنه يحتاج إلى تأويل بمفرد، وله أكثر من نوع، ومنها:
- المؤول بمصدر: ويكون مكونًا من حرفٍ مصدري مع ما بعده، والأحرف المصدرية هي "أن، أنّ، ما، لو، كي" ومثاله ما جاء في قوله تعالى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا}[٧] الفعل "علم" هو فعل متعدٍ والمفعول به لهذا الفعل -حسب المفعول به وأنواعه- هو غير صريح، وهو مكوّن من أنّ واسمها وخبرها، وتأويله هو "علمَ اللهُ ذِكرَكم لهنّ".
- المؤول بجملة: ومن أمثلته جملة: "علمْتُ الصدقَ ينجي" فالصدق هو المفعول به الأوّل للفعل علمَ، و"يُنجي" جملة فعلية مكونة من الفعل "ينجي" وفاعله المستتر "هي" في محلّ مفعول به منصوب، وتأويل المفعول به هنا "مُنجيًا".
علامات نصب المفعول به
دراسات كثيرة تتناول المفعول به وأنواعه بالشّرح والتفصيل، والأمر الذي لا بدّ من لَفت انتباه الدّارسين إليه، هو علامات نصب المفعول به، وبما أنّ المفعول به وأنواعه المتعدّدة هو موضوع دراسةٍ لباحثين كُثر، فإن علامات نصب المفعول به أيضًا ستكون جزءًا مهمًّا من دراسة الباحثين، وعلامات نصب المفعول به هي: [٨]
- الفتحة: سواء كانت هذه الفتحة ظاهرة على آخر الاسم أم مقدّرة، وتكون علامة نصب المفعول به الفتحة إذا كان اسمًا مفردًا، أو جمع تكسير، ومن أمثلة ذلك، قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[٩] "أزواجًا" هي جمع تكسير وقع عليه فعل الفاعل، فهي مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. وأيضًا قوله تعالى: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا}[١٠] كلمة "موسى" اسم مفرد وقع عليه فعل الفاعل، فهي مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة.
- الياء: تكون علامة نصب المفعول به الياء إذا كان:
- مثنّى: أي أن يكون المفعول به دالًّا على المثنى، وذلك مثل جملة "زودَ العاملُ السيارتينِ بالوقودِ" فكلمة السيارتين هي اسم مثنى وقع عليه فعل الفاعل، فهي مفعول به منصوب بالياء لأنه مثنى.
- جمعًا مذكّرًا سالمًا: عندما يكون المفعول به دالًا على جماعة الذكور العقلاء، أي جمع مذكر سالم، يُنصب بالياء، ومثال ذلك جملة "احترمْتُ الساهرِينَ لحماية الوطنِ" كلمة "الساهرين" جمع مذكر سالم، وقع عليه فعل الفاعل، فهي مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء.
- الكسرة: ينصب المفعول به بالكسرة بدلًا من الفتحة في حالٍ واحدة، وهي إذا كان جمع مؤنث سالمًا، ومثال ذلك ما ورد في القرآن الكريم: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} [١١]، فكلمة "الصالحاتِ" جمع مؤنث سالم، وقع عليها فعل الفاعل، فهي مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلًا من الفتحة.
- الألف: تكون علامة نصب المفعول به الألف إذا كان من عائلة الأسماء الخمسة، نحو قوله تعالى: {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ} [١٢] كلمة "أباهم" من الأسماء الخمسة وقد وقع عليها فعل الفاعل فهي مفعول به منصوب وعلامة نصبه الألف.
تقدم المفعول به وتأخره
المفعول به وأنواعه المتعدّدة لها أحكامٌ وشروطٌ وقواعدُ متعدّدة، منها ما يتعلق بعلامات النصب، ومنها ما يتعلق بالأنواع، ومنها ما يتعلق بتقديم المفعول به وتأخيره، وهناك حالات عدة يجب فيها تقديم المفعول به على الفعل والفاعل، ومنها: [١٣]
- إذا جاء المفعول به للتخصيص كما ورد في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [١٤] إياك ضمير منفصل في محل نصب مفعول به مقدم، وهذا الضمير أفاد التخصيص لذلك وجب تقديم المفعول به، وإن تأخّرَ المفعول به ستصير الجملة: «نَعبُدُكَ» وهذا فيه تغيير للمعنى وإضاعة للمعنى البلاغي.
- ومن حالات وجوب تقديم المفعول به عندما يقع فعله بعد فاء الجزاء التي تدخل على جملة الجواب لأسلوب شرط أداته "أمَّا" نحو ما ورد في الآية الكريمة: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [١٥] كلمة "اليتيمَ" مفعول به مقدم وجوبًا، وذلك ليفصل بين "أمَّا" والفعل.
تعدد المفعول به
إنّ المفعول به وأنواعه المتعدّدة يفتح للدارس بابًا لا يمكن إغلاقه بسهولة، ويجعله يغوص في بحر قواعد المفعول به، ومما هو جدير بالاهتمام في باب المفعول به هو تعدّد المفعول به لفعل واحد، فنجد أفعالًا تتعدى لمفعول به واحد، وأفعالًا تتعدى لمفعولين، وأفعالًا تتعدى لثلاثة مفاعيل، وأمثلة ذلك كثيرة في القرآن والسنّة وكلام العرب. [١٦]
- الأفعال المتعدية لمفعول به واحد: وردت بكثرة -وهي الأصل- في أمثلة وشواهد كثيرة ومنها جملة: "حملتُ الكتبَ إلى المكتبةِ" الفعل"حملَ" هو فعل متعدٍ إلى مفعول به واحد، والمفعول به في الجملة هو "الكتبَ".
- الأفعال المتعدية لمفعولينِ: تغلب على الأفعال المتعدية لمفعولين معاني العطاء والمَنْح، ومثال ذلك ما ورد في القرآن الكريم: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)[١٧] الفعل "أعطى" هو فعل متعدٍ لمفعولين، المفعول به الأول هو الضمير المتصل بالفعل، كاف الخطاب، والمفعول به الثاني هو "الكوثرَ".
- الأفعال المتعدية لمفاعيل ثلاثة: قد يتعدَّى الفعل بثلاثة مفاعيل، ومن الأفعال التي تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل "أرى، أعلمَ، حدَّثَ، أخبر، خبَّر، أنبأ، نبَّأ" نحو ما جاء في الآية الكريمة: {كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ}[١٨] الفعل "يريهم" هو فعل مضارع، والماضي منه "أرى" وهو فعل متعدٍ لثلاثة مفاعيل، المفعول به الأول هو هاء الغائب المتصلة بالفعل، والمفعول به الثاني هو أعمالَهم، أما المفعول به الثالث فهو كلمة "حسراتٍ" وهي منصوبة بالكسرة بدلًا من الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم.
المراجع[+]
- ↑ سورة يس، آية: 6.
- ↑ "مفعول به"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "تعريف المفعول به وأقسامه وترتيب جملته"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 269.
- ↑ سورة الفاتحة، آية: 5.
- ↑ سورة الليل، آية: 14-15.
- ↑ سورة البقرة، آية: 235.
- ↑ "مفعول به"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 234.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 2.
- ↑ سورة الكهف، آية: 107.
- ↑ سورة يوسف، آية: 16.
- ↑ "فاعل"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الفاتحة، آية: 5.
- ↑ سورة الضحى، آية: 9.
- ↑ "المفعول به"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الكوثر، آية: 1.
- ↑ سورة البقرة، آية: 167.