شروط استحقاق التعويض في المسؤولية
محتويات
التعويض
الإنسان بطبيعتِه البشريّة يُخطئ عَمدًا أو بغير عمد، وحمايةً لحقوق الآخرين كان لِزامًا عليه تعويض الأطراف المتضرّرة جَرّاء الأذى الذي لحق بهم من تلك الأضرار، وبذلك فإنّ التعويض هو مبلغ ماليّ يُمنح للشخص المتضرّر لجبر الضرر الذي لحق به، ويكون هذا التعويض عادلًا ومتناسبًا مع حجم الضرر الذي حل به، ويعود تقدير ذلك إلى المحكمة المختصة بنظر النزاع المتعلق بالتعويض عن المسؤولية التقصيرية بناءًا على عدة أسس يستند إلها قاضي الموضوع، فالتعويض عن الضرر المادي يختلف بطبيعته عن الضرر المعنوي وفيما يأتي حديث حول شروط استحقاق التعويض في المسؤولية التقصيرية.
التعويض عن الضرر المادي
يسمّى أيضًا بالضّرر الاقتصادي أو الضرر المالي؛ لأنه يمسّ حقًا ذا قيمة مالية؛ أي أنّه يصيب بحد ذاته الذمة المالية للشخص المتضرر، كحرق عقار أو مركبة تعود في ملكيتها له، وبذلك لا يمكن حصر مفهوم الضرر المادي لأنه مفهوم عامّ، أيْ أنه يشمل جميع الخسائر التي تصيب الذمة المالية للشخص، وقد يحدث الضرر المادي أيضًا نتيجة الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية والصناعية مثل طبع كتاب دون موافقة مؤلفه، أما عن تقدير التعويض عن الضرر المادي يلجأ القاضي بتعويض الشخص المتضرر بمقدار ما فاته من كَسب وما لحقه من ضرر.
ومن الأمثلة على ذلك: التاجر الذي يقوم بحفظ بضاعته في مخازن مخصصة لحفظها، فيقوم شخص ما -سواءً بِعَمْد أم بغير عَمد- بحرق هذه المخازن، فيتمّ تعويض هذا التاجر عن قيمة هذه البضاعة مضافًا إليها الأرباح التي كان من الممكن أن يكسبَها لولا هذا الحرق، ويسمّى ذلك بالكسب الفائت، إلّا أنّ الشرط الأساسيّ للتعويض عن هذه الأضرار المادية هي أن يكون ذلك الضرر نتيجة الفعل الضار الذي قد أوقعه الشخص المتسبب بالضرر، أيْ أن تكونَ هناك علاقة سببية بين الفعل الضارّ والضرر الذي نتج عنه. [١]
التعويض عن الضرر المعنوي
كما يمكن أن يكون الضرر ماديًّا يمكن أيضًا أن يكون معنويًّا، ويعرف الضرر المعنوي بأنّه ذلك الضرر الذي يلحق بالشخص في كرامته وشرفه وأخلاقه، كأن يقوم شخص ما بنشر صورة غير لائقة على وسائل الاتصال الاجتماعي لشخص آخر ممّا يلحق الضرر به في أخلاقه ومركزه الإجتماعي بين الناس، أما قديمًا كان الفقه القانوني يستبعد فكرة التعويض عن الأضرار المعنوية؛ لأنّ هذه الأضرار كامنة داخل النفس الإنسانية ويصعب جبرها ووتقديرها للتعويض عنها، إلا أنه بعد التطور الذي شهدته المسؤولية المدنية، خاصّة في مجال التعويض عن المسؤولية التقصيرية كان لا بد من التعويض عن الأضرار المعنوية كما يتم التعويض عن الأضرار المادية، أما بالنسبة للتعويض عن هذا الضرر فإن قاضي الموضوع يقوم بالتعويض عنه بصورة رمزية كالأضرار التي تصيب كرامة الإنسان وأخلاقه وشرفه، أما عن الأضرار التي تمس المركز الإجتماعي للشخص فإن التعويض عنها يكون إما عن طريق نشر اعتذار يردّ اعتبار هذا الشخص المتضرر، أو عن طريق اللجوء لوسائل عملية من خلالها يرد اعتباره، لكن إذا كان الضرر المعنوي مصاحبًا للضرر المادي كتشويه رجل في وجهه، حيث رغم أن الضرر وقع على جزء من جسده، إلا أنه كان مرافقًا لضرر قد يكمن في نفسه كأن يتقدّم لخطبة فتاة وترفضه بسبب هذا التشويه، فذهب الفقه باتجاه تعويضه تعويضًا معنويًا بنفس الطريقة التي يتم بها تقدير التعويض المادي. [٢]
شروط استحقاق التعويض في المسؤولية التقصيرية
لا يكفي وقوع الخطأ حتى تتحقق للعقيدة الإسلامية وعادات المجتمع، فهذا التعويض مقصورٌ فقط على أفراد عائلته.
المراجع[+]
- ↑ عدنان السرحان، نوري خاطر (2012)، شرح القانون المدني مصادر الحقوق الشخصية الإلتزامات (الطبعة الخامسة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 396-397. بتصرّف.
- ↑ عبدالقادر العرعاري (2011)، مصادر الإلتزامات المسؤولية المدنية، الرباط: دار الأمان، صفحة 103-106، الجزء الثاني، بتصرّف.
- ↑ علي سليمان (2003)، النظرية العامة للالتزام (الطبعة الخامسة)، الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، صفحة 170-190. بتصرّف.