تعريف شعر الفتوح
الشعر في صدر الإسلام
إنَّ الشعرَ العربيّ كان السلاحّ القوليّ الأقوى في الجاهلية عند العرب، وقد عبّروا من خلالِه عن قِيَمهم ودافعوا عنها دفاعًا شديدًا، ومع بداية البعثة النبويّة وظهور الإسلام كدينٍ جديدٍ تغيَّرت الكثيرُ من القيم والعادات الجاهليّة التي امتدت لمئات السنين، فحاربه الكثيرون دفاعًا عن موروثهم الفكريّ وحملوا السلاح في وجهه، وكان الشعر في مقدمة هذه الأسلحة فكتبوا الأشعار يهجون فيها المسلمين والنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ويصغرون من شأنِ دعوته المباركة، ووقف الشعراء المسلمون مدافعين عن النبيِّ والإسلام بأشعارهم، ومع بداية الفتوحات الإسلاميَّة ظهر ما يُسمى شعر الفتوح الإسلامية، وسيتحدث هذا المقال عن تعريف شعر الفتوح. [١]
تعريف شعر الفتوح الإسلامية
يمكنُ تعريف شعر الفتوح أنَّه الشعر الممثِّل للشعر الإسلامي الذي انفصلَ عن الشعر القديم، وكما يرى الباحثون أنَّ شعر الفتوح الإسلاميَّة لم يكن على مستوى واحد؛ فقد كانت أشعار الفتوحات الشرقيَّة غزيرة جدًا، فكان الشعر يصف كلّ ما يحدث في المعارك وصفًا دقيقًا، ويصّور حياة المجاهدين، لذلك يُعدّ هذا الشعر وثيقةً تاريخيَّة مهمة، أمَّا الأشعار من جهة الفتوحات في الشام وفلسطين فكانت قليلة، بينما كان الشعر من مصر وإفريقيا يكاد يكون نادرًا، وكلُّ ذلك يعود إلى طبيعة الجيوش الفاتحة فقد عُرفت الجيوش التي فتحت العراق بمواهبهم الشعريّة فهم من عرب الشمال، بينما كانت الجيوش الفاتحة للشام من عرب الجنوب وليس لديهم موهبة قرض الشعر، بالإضافة إلى أنَّ العراقيين اعتنوا عنايةً فائقة برواية الشعر، فبذلك يكون شعر الفتوح هو البذرة الأولى للشعر العربي في البلاد الإسلاميّة المفتوحة، فكان يصوّر الفروسيَّة العربيَّة في أبهى صورها، ويردّ على كلّ القائلين بضعف الشعر الإسلاميِّ. [٢]
أبيات من شعر الفتوح الإسلامية
وفي تعريف شعر الفتوح أيضًا تُذكر موضوعاته، وفيما كُتب، فقد تعدّدت أغراضه وتنوعت أسباب كتابته، فكتب الشعراء شعرًا يصورون فيه الحنين والشوق إلى أوطانهم، وكتبوا شعرًا يصفون فيه البلاد الجديدة التي فتحوها، ومن أمثلة الشعر على تلك الأغراض ما يأتي:
- أبيات للشاعر بِشر بن ربيعة الخثعمي يتحدثُ فيها عن معركة القادسية: [٣]
تذكَّر هداكَ اللهُ وقعَ سيوفِنا
- ببابِ قديسٍ والمكرُّ عسيرُ
وإذا ما فرغْنَا من قِرَاعِ كَتيبَةٍ
- دلَفْنَا لأخْرَى كالجبالِ تَسِيرُ
تَرى القومَ فيها أجمَعِينَ كأنَّهُم
- جمالٌ بأحمَالٍ لهنَّ زفيرُ
عشيَّةَ ودَّ القومُ لو أنَّ بعضَهُم
- يعارُ جناحَيْ طائرٍ فيطيرُ
- أبيات للشاعر أبي ذُؤَيْب الهذليّ يرثي فيها أبناءه الذين توفَّوْا بالطاعون: [٤]
أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ
- وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِبًا مُنذُ
- اِبتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعًا
- إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ
- أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
- أبيات للشاعر عبد الله بن سبرة الجرشي يرثي يدَه المقطوعة: [٥]
منّي يدي غدَتْ مني مفارقةً
- لم أستطعْ يومَ فلطاسَ لها تبعَا
وقائلٌ غابَ عن شأنِي وقائِلةٌ
- ألا اجتنبتَ عدوَّ اللهِ إذ صَرعَا
وكيفَ أتركُه يسعى بمنصلِه
- نَحوي وأعجزُ عنه بعدما وقعا
ما كان ذلكَ يومَ الرَّوعِ من خُلقِي
- ولو تقاربَ منّي الموتُ فاكتنَعا
- أبيات لشاعر يصف الشتاء في إحدى البلاد المفتوحة وهي "مرو" فيقول: [٦]
وأرى بمرو الشاهجانِ تنكّرت
- أرضٌ تتابعَ ثلجُها المذرورُ
إذ لا ترى ذا بزّة مشهورة
- إلّا تخالُ كأنَّه مقرورُ
كلتا يديهِ لا تزايلُ ثوبَه
- كلَّ الشتاءِ كأنَّه مأمورُ
المراجع[+]
- ↑ "الشعر في صدر الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "من اغراض الشعر في العصر الاسلامي "، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 20-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "وصف المعارك م شعر الجهاد"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 20-06-2019.
- ↑ " أمن المنون وريبها تتوجع"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-06-2019.
- ↑ "من اغراض الشعر في العصر الاسلامي "، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 20-06-2019.
- ↑ "شعر الجهاد والفتوح الإسلامية "، www.almerja.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-06-2019.