أحكام التمييز في النحو
محتويات
تعريف التمييز
التمييز في اللغة العربية هو أحدُ المنصوبات، وقد قال علماء النحو في تعريفه أنّه اسم نكرة يُذكر تفسيرًا لمُبهم قبله، سواء كان ذاتًا أم نسبة، تمييز الذات هو تفسير كلمة مفردة غامضة قبله، أمّا تمييز النسبة فهو إزالة اللبس والغموض عن جملة قبله، إضافة إلى ذلك فإنّ تمييز النسبة له نوعان منه ما هو محول ومنه ما هو غير محول، وممّا هو جدير بالذكر أنّ أحكام التمييز في النحو كثيرة، وهذا يعود لكثرة الفروع الناتجة عنه، فالدارس يجد في تمييز الذات مجموعة أقسام، والأمر نفسه في تمييز النسبة. [١]
أحكام التمييز في النحو
التمييز في النحو له أحكام عدة، وهذه الأحكام تتعلق بالدرجة الأولى بعلامة إعرابه، أي متى يجوز نصبه، ومتى يجوز جرّه بحرف الجر "من"؟ ومتى يجوز جره بالإضافة؟ وتختلف هذه الأحكام حسب اختلاف نوع التمييز فتمييز الذات له أحكام تختلف عن تمييز النسبة وحتى تمييز العدد له أحكامه الخاصة، ومن أحكام التمييز في النحو:[٢]
حكم تمييز الذات
تمييز الذات هو ما يفسّر مبهمًا قبله كالعدد أو الوزن أو المقياس أو المساحة، وحكم هذا النوع من التمييز في النحو أنه يجوز نصبُهُ مثل: اشترينا رطلًا خضارًا، هذا هكتارٌ أرضًا، اشتريت ذراعًا قماشًا، إضافة إلى جوازِ جرُّه بحرف الجر من نحو: "اشترينا رطلًا من خضارٍ، هذا هكتارٌ من أرضٍ، اشتريت ذراعًا من قماشٍ. ويجوز جره بالإضافة أيضًا مثل: اشترينا رطلَ خضارٍ، هذا هكتارُ أرضٍ، اشتريت ذراعَ قماشٍ. ويستثنى من حكم جواز جر التمييز بالإضافة إذا اقتضت إضافتُهُ إضافتْين - بأن كانَ المُمَيّزُ مضافاً - فتمتنعُ الإضافةُ، ويتَعيَّنُ نصبُهُ أو جَرُّهُ بِمِن، نحو "ما في قلب الظالم مثقال ذرةٍ رحمةً أو من رحمةٍ".
حكم تمييز النسبة
تمييز النسبة له قسمان منه ما هو محول عن فاعل أو مفعول به أو مبتدأ، ومنه ما هو غير محول وهو في أصله تمييز، ولكل من هذين النوعين حكم خاص به:
- حكم تمييز النسبة المحوّل: تمييز النسبة المحول منصوبٌ دائمًا، ولا يجوزُ جرُّهُ بِمن أو بالإضافة، وله أمثلة كثيرة مثل قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [٣]كلمة "شيبًا" تمييز نسبة محول عن فاعل، والتقدير "اشتعل شيبُ الرأسِ"، وحكمه أنه منصوب وجوبًا لا يجوز جره بمن أو بالإضافة.
- حكم تمييز النسبة غير المحول: يجوز نصبُهُ نحو "لله درهُ بطلًا، سَموْتَ مقاتلًا في المعركة، ما أعظمهُ عملًا خيريًّا" ويجوزُ جَرهُ بِمن، نحو "لله درهُ من بطلٍ، سَموْتَ من مقاتلٍ في المعركة، ما أعظمهُ من عملٍ خيريٍّ".
حكم تمييز العدد الصريح
تمييز العدد هو جزء من تمييز الذات، إلا أنه يختص بأحكام تختلف عن تمييز الذات نفسه، لذلك خُصِص له قسم خاص لتوضيح أحكامه:
- العدد من ثلاثة إلى عشرة: التمييز في النحو إذا جاء بعد الأعداد من ثلاثة إلى عشرة فحكمه مجموعٌ مجرور بالإضافة وجوبًا، مثل "اشتريت ثلاثة كتبٍ" و "قطفت تسع زهراتٍ"، ومما هو جدير بالذكر أن تمييز الأعداد من ثلاثة إلى عشرة إذا كان جمعًا يُجر بالإضافة، أما إذا كان اسم جمع أو اسم جنس فإنه يُجر بحرف الجر "من" ومثاله قوله تعالى: {قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا} [٤]، كلمة الطير هي اسم جنس لذلك جُرت بمن.
- العدد من أحد عشر إلى تسعة وتسعين: تمييز هذه الأعداد مفرد منصوب، ومثاله قوله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [٥]، كلمة كوكبًا جاءت تمييزًا مفردًا منصوبًا إذ سبقها العدد أحد عشر.
- تمييز المئة والألف: التمييز في النحو إذا جاء بعد العدد مئة أو ألف أو مثناهما أو جمعهما فهو مفرد مجرور بالإضافة، نحو "نجح مئة طالب" و "استشهد مئتا شابٍّ" و "أنتَ بألفَيْ رجلٍ".
أمثلة على التمييز في النحو
التمييز في النحو له أمثلة كثيرة في القرآن والحديث والشعر وفصيح الكلام، وكل مثال يختص بنوع من أنواع التمييز وله تفاصيله وحكمه الخاص به، ومن الأمثلة على التمييز ما يأتي:
- قوله تعالى: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [٦]، كلمة "عيونًا" تمييز منصوب، وهو تمييز نسبة محول عن مفعول به، إذ إنّ التقدير "فجرنا عيون الأرض" وإعرابه تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
- ما ورد في الآية الكريمة: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} [٧]، التمييز في هذه الآية هو كلمة "مالًا" وكلمة "نفرًا" إذ جاء بعد اسم التفضيل، وهو تمييز نسبة محول عن مبتدأ والتقدير "مالي أكثر من مالك، ونفري أعز من نفرك" وإعرابه تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
- مما ورد في الشعر العربي من التمييز قول عنترة بن شداد في معلّقته: [٨]
فيها اِثنَتانِ وَأَربَعونَ حَلوبَةً
- سوداً كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسحَمِ
كلمة "حلوبةً" تمييز منصوب جاء بعد العدد، وحكمه كما مر سابقًا أنه مفردٌ منصوب، وإعرابه تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
شروط التمييز
التمييز في النحو له شروط تساعد الدارس على التأكد من أن هذه الكلمة هي تمييز، وليست نوعًا آخر من اللغة العربية له أحكام كثيرة، وبما أن التمييز أحد المنصوبات في اللغة العربية، فلا بدّ من الحديث عن موضوع التقديم والتأخير في التمييز، القاعدة المتعارف عليها أن التمييز لا يتقدم على عامله إذ إنه يزيل الغموض عن عامله الذي قبله ولو تقدم على عامله لالتغت وظيفته في إزالة الغموض واللبس، ومما قيل في حكم التقديم والتأخير في التمييز أنه لا يتقدم على عامله إذا كان ذاتًا، أو فعلًا جامدًا نحو "حملت خمسة عشر كتابًا" و "ما أعظمه بطلًا"، أما إذا كان العامل في التمييز فعلًا متصرفًا فإن تقدّم التمييز على عامله المتصرف يكون نادرًا كما ورد في قول الشاعر: [١٠]
أَنَفْساً تَطِيبُ بِنَيْلِ المُنى؟
- وداعِي المْمَنُونِ يُنادي جِهارا!
المراجع[+]
- ↑ "التمييز تعريفه وأنواعه وأحكامه"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
- ↑ " التمييز"، almerja.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019.بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية: 4
- ↑ سورة البقرة، آية: 260.
- ↑ سورة يوسف، آية: 4.
- ↑ سورة القمر، آية: 12.
- ↑ سورة الكهف، آية: 34.
- ↑ "هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم ( معلقة )"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019.
- ↑ "إيضاح مسائل العربية على متن الأجرومية 30"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019.بتصرّف.
- ↑ "التمييز"، almerja.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019. بتصرّف.