مقاصد سورة الهمزة
محتويات
سورة الهمزة
سورة الهمزة سورة من السور المكية التي نزلتْ على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في مكة المكرمة، نزلتْ سورة الهمزة قبل سورة المرسلات وبعد سورة القيامة، وهي سورة من سور المفصل، تقع هذه السورة في الجزء الثلاثين والحزب الستين فهي السورة الرابعة بعد المئة من ترتيب سور المصحف الشريف، ويبلغ عدد آيات سورة الهمزة تسع آيات، وقد بدأ الله -سبحانه وتعالى- سورة الهمزة بالدعاء على من يسخرون أو يعيبون الناس، قال تعالى في مطلع هذه السورة: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}[١]، وفيما يأتي من فقرات هذا المقال حديث عن مقاصد سورة الهمزة وسبب نزولها.
سبب نزول سورة الهمزة
قبل الحديث عن مقاصد سورة الهمزة، سيكون الحديث عن سبب نزول هذه السورة المباركة، وأسباب النزول تختلف بين الآيات والسور القرآنية، وبعض السور لم يذكر لها أهل العلم سببًا صريحًا للنزول، وبالتخصيص في سبب نزول سورة الهمزة يمكن القول إنَّ هه السورة المباركة وردَ في سبب نزولها أكثر من قول ومما جاء في سبب نزولها من الأقوال ما يأتي:[٢]
- قال عطاء والكلبي في سبب نزول سورة الهمزة: "نزلت هذه السورة في الأخنس بن شريق، كان يلمز الناس ويغتابهم وبخاصّة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-".
- وقال مقاتل في سبب نزولها أيضًا: "نزلت في الوليد بن المغيرة، كان يغتابُ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- من ورائه ويطعنُ فيه في وجههِ".
- وقال محمد بن إسحاق: "ما زلنا نسمع أن هذه السورة نزلت في أمية بن خلف"، أي إنَّ أمية بن خلف هو من كان يهمز يلمز رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- والله تعالى أعلم.
مقاصد سورة الهمزة
لا يختلف الحديث عن مقاصد سورة الهمزة عن تفسير سورة الهمزة، فمقاصد السورة يعني مضمون السورة أو المواضيع التي تطرّقت إليها السورة في آياتها، ومقاصد سورة الهمزة واضحة كوضوح آياتها، حيث يقول الله تعالى فيها: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ}[٣]، الويل هو الوعيد بالعقاب الشديد، وقيل أيضًا الويل واد في جهنم، وقال أهل العلم في تفسير الهمز واللمز: "الهَمْز بالفعل؛ كأنْ يلوي وجهَه أو يُشير بيده ونحو ذلك؛ لعَيْب شخصٍ أو تنقصه، واللَّمْز باللسان، وهو من الغِيبة المحرَّمة"، أمَّا الذي جمع ماله فهذه صفة البخل وعدم البذل وهذه الآية وصف للهمَّاز اللمَّاز المقصود في الآية السابقة، وجمع المال ومنعه من الصفات القبيحة التي يمكن أن يتصف بها الإنسان، فيظنُّ أنَّ المال سيخلده وسيعيش معه أبدَ الدَّهر.
أمَّا وقوله تعالى: {لَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ}[٤]، معناه أنه سيلقى ويقذف في النار يوم الحساب، والحطمة هي نار الموقدة، وفي إضافة النار إلى الله تعالى في قوله: {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ}[٥]، قال أبو السعود: "وفي إضافتها إليه -سبحانه- ووصفِها بالإيقاد -أي: المشتعلة- مِن تهويل أمرها ما لا مزيدَ عليه"، وفي قوله تعالى: {الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ}[٦]، قال ابن جرير: "أي التي يطَّلع ألمُها ووَهَجُها على القلوب"، وعليهم مؤصدة أي مغلقة لا تفتح إلَّا بأمر الله، قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ}[٧]: "المعنى أنَّه يؤكِّد يأسَهم من الخروج، وتيقنَهم بحبس الأبد، فتؤصَد عليهم الأبواب، وتُمدَّد على العمد؛ استيثاقًا في استيثاق"، والله تعالى أعلم.[٨].
فضل سورة الهمزة
لم تذكر الأحاديث والسير الواردة أي حديث يدلُّ على فضل سورة الهمزة دون غيرها من سور القرآن الكريم، ولكنَّ مقاصد سورة الهمزة تشرح وتبيِّن فضل هذه السورة المباركة، فالأحكام التي شرَّعتها والمنهيات التي نهتْ عنها تشير إلى فضل هذه السورة العظيمة بالأصابع العشر، فسورة الهمزة تنهى عن الهمز واللمز والسخرية من الناس واحتقارهم، وهذا الأمر الإلهي العظيم الذي حملته هذه السورة يجعل لها فضلًا عظيمًا كبيرًا، وهذا بصرف النظر عن فضل تلاوتها، فهي سورة من سور القرآن الكريم والقرآن كلُّه متعبَّدٌ بتلاوته، وللإنسان في كلِّ حرف يقرؤه حسنة وأجر، روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- إنّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ ولَكِن ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ ولامٌ حرف"[٩]، والله تعالى أعلم.[١٠]
الفرق بين الهمز واللمز
في ختام ما ورد من مقاصد سورة الهمزة، جدير بالقول إنَّه جاء ذكر الهمز في القرآن الكريم في غير موضع واحد، قال تعالى في سورة الهمزة: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}[١]، وقال تعالى في سورة القلم: {هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ}[١١]، وفيما يأتي الفرق بين الهمز واللمز:[١٢]
- الهمز: هو إعابة الناس أو ذمِّهم باللسان، أي بالقول، والهمز من صفات الشياطين، فقد استعاذ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- منه، روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: "اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ منَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ وهَمزِهِ ونفخِهِ ونفثِهِ"[١٣].
- اللمز: هو أن يعيب الإنسان غيره بإشارة أو حركة وليس بقول، وقد ذمَّ الإسلام هذا الفعل ونهى عنه، فالهمز بالقول واللمز بالإشارة، والله تعالى أعلم.
المراجع[+]
- ^ أ ب سورة الهمزة، آية: 1.
- ↑ "سورة الهمزة"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الهمزة، آية: 1-9.
- ↑ سورة الهمزة، آية: 4-5-6.
- ↑ سورة الهمزة، آية: 6.
- ↑ سورة الهمزة، آية: 7.
- ↑ سورة الهمزة، آية: 9.
- ↑ "تفسير سورة الهمزة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 6469، صحيح.
- ↑ "النهي عن السخرية بالناس واحتقارهم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة القلم، آية: 11.
- ↑ "فصـل في تفسير:{وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}"، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 665، صحيح.