شروط استيفاء القصاص
القصاص
إنّ الإسلام هو دين الرحمة والمغفرة والعدل والمساواة، ومن مظاهر تأكيد الإسلام على المساواة شَرعُه القصاص، قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[١]، فالقصاص هو قتل القاتل ومعاقبة الجاني بمثل أوقعه من فعل على المجني عليه، حتى يتم ردعه وجعله عبرةً لمن يقدم على فعلته، وبذلك يأخذ حقّ المجني عليه وعائلته، فلو ترك كل شخص بالمجتمع يأخذ حقه بيده أدى ذلك إلى نتائج خطيرة على المجتمع والإخلال بأمنه وعدم استقراره، فعندما يضمن الأفراد وجود عقاب يرد الحقوق لهم تشيع الطمأنينة بنفوسهم لإيمانهم بوجود العقاب الراد لاعتبارهم، وفي ذلك سيتم التعرف على معنى القصاص وحكمه، وشروط استيفاء القصاص.
تعريف القصاص
يعني حدّ القصاص أن يتلقى الجاني عقابَه بمثل ما فَعل مِن فِعل يحرمه الإسلام، وقد وضع حد القصاص طريقًا صحيحًا لتهدئة النفوس واستقرار المجتمع وأمانه، فلو أخذ كل فرد من أفراد المجتمع حقه بيديه، أدى ذلك إلى انتشار الجرائم في المجتمع، وضياع الحقوق بين الأفراد، أمّا عندما تقوم الدولة بتشريع القصاص وإيقاعه على الجناة، فإن ذلك يؤدي لاستقرار الطمأنينة بين أفراد أسرة المجني عليه وتفرغهم لأعمالهم، كما أن الدولة التي لا توقع حد القصاص على الجناة ستعمه الجرائم، لأن أهل المجني عليه نتيجة حزنهم الذي سيظل في صدورهم من الممكن أن يقدموا على أخذ حقهم من أسرة المجني عليه وارتكاب سلسلة طويلة من الجرائم من غير الممكن إنهائها، فالقصاص حياة للمجتمع وأمته.[٢]
الحكمة من تشريع القصاص
إن الله تعالى رحيم بعباده، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- عادلًا بين أمته، وكان حافظًا لحدود الله مقيمًا عليها، حيث أقسم أن لو فاطمة بنت محمد سرقت لقطع يدها، وهذا يدل على أهيمة الحدود في الإسلام وعدم التهاون في تطبيقها، حيث أن الحدود التي وضعها الخالق صالحةً في كل زمان ومكان، فالذي وضعها هو أرحم الراحمين، فالحكمة من وضع الحدود لدرء المفاسد وعدم ارتكاب الجرائم، فالبلدة التي تطبق الحدود هي بلدة آمنة ومستقرة.[٣]
أما البلدان التي لا تطبق هذه الحدود يكثر فيها الجرائم والطغيان، ومن الحدود التي شرعها الله تعالى هي القصاص، حيث أن القاتل المتعمد يقتل إذا توافرت جميع شروط استيفاء القصاص، والحكمة من تشريع القصاص ردع أي شخص تسول له نفسه قتل شخص آخر لأنه سيعلم مسبقًا أنه سيقتل، ومن المعلوم أن القصاص هو حق لأولياء أمر المجني عليه فلهم الحرية في اختيار القصاص أو الدية، وهذا من عدل الله تعالى بين عباده.[٣]
شروط استيفاء القصاص
عندما يشرع أي حد في الدين الإسلامي، يجب أن تتوفّر شروط معينة حتى يتم تطبيقه، وشروط استيفاء القصاص يجب أن تكون مجتمعة معًا حتى يقوم حد القصاص ويتم تنفيذه، وهي ثلاثة شروط أساسية يجب توفرها، وهي كالآتي:[٤]
- أن يكون الشخص الذي يقع عليه القصاص مكلفًا: أي أن يكون بالغًا عاقلًا مدركًا لما يفعل، فالصبي أو المجنون أو من به مرض عقلي يجعله فاقدًا لأهليته لا قصاص عليهم.
- اتفاق جميع الأولياء على استيفائه: لأن القصاص حق مشترك للجميع، فلا يجوز اتفاق البعض دون البعض الآخر، فإن عفا بعضهم سقط القصاص ولا يجوز الرجوع على الجاني فيما بعد به، وقيل "كل من ورث المال ورث القصاص على قدر ميراثه من المال حتى الزوجين وذوي الأرحام، ومن لا وارث له وليه الإمام إن شاء اقتص ، وإن شاء عفا".
- أن يؤمن في الاستيفاء التعدي إلى غير الجاني: فإذا وقع القصاص على إمرأةٍ حامل، فلا يقام حد القصاص بحقها حتى تضع مولودها وتتم رضاعته، وهذا من دلائل رحمة الإسلام على عباده.
المراجع[+]
- ↑ سورة البقرة، آية: 179.
- ↑ "ولكم في القصاص حياة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-7-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "الحكمة من القصاص والحدود"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-07-2019. بتصرّف.
- ↑ برهان الدين بن محمد بن عبدلله الحنبلي (1997)، المبدع في شرح المقنع (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 223-230، جزء السابع. بتصرّف.