مقاصد سورة التكوير
محتويات
القرآن الكريم
يعتبر القرآن الكريم معجزة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الباقية، وهو كلام الله تعالى الذي أنزله على رسوله محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- بواسطة الوحي جبريل -عليه السَّلام- في غار حراء، واستمرَّ بالنزول مدة ثلاث وعشرين سنة، أنزله الله تعالى بلسان عربي مبين، وهو الكلام المعجز بكلِّ صفاته الذي تحدَّى به الله تعالى العرب أهل الفصاحة والبيان، فعجزوا أن يأتوا بآية من مثله، قال تعالى: {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}[١]، ويتألف القرآن الكريم من 114 سورة، وهذا المقال سيسلط الضوء على سورة التكوير ومقاصد سورة التكوير.
سورة التكوير
تقع سورة التكوير في الربع الثاني من الحزب التاسع والخمسين والجزء الثلاثين من المصحف الشريف، وهي سورة مكية من سورِ المفصَّل، آياتها تسعٌ وعشرون آية، وهي السورة الحادية والثمانون في ترتيب سور المصحف الشريف، نزلت سورة التكوير بعد سورة المسد، وقد افتُتحتْ بعدد من أساليب الشرط المعطوفة وراء بعضها بأداة شرط إذا، قال تعالى في مطلع سورة التكوير: {إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}[٢]، والله تعالى أعلم.[٣]
سبب نزول سورة التكوير
أسباب النزول في سورة الكتاب وآياته متنوَّعة ومختلفة، فالقرآن الكريم نزلَ على دفعات طيلة ثلاث وعشرين سنة كاملة، وخلال هذه السنوات كان القرآن ينزل وفقًا للأحداث التي كانت تجري مع الصحابة أو مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، لذلك اختلفت أوقات النزول وأسباب النزول أيضًا، وسورة التكوير بشكل خاص جاء في سبب نزولها قول لسلمان بن موسى الذي قال: "لمَّا أنزلَ اللهُ -عزَّ وجلَّ-: {لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ}[٤]، قال: ذلك إلينا إنْ شئنا استقمْنَا وإنْ لم نشأْ لم نستقمْ، فأنزل الله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[٥]، والله تعالى أعلم.[٣]
مقاصد سورة التكوير
تتألف سورة التكوير من تسع وعشرين آية، تتوضِّح في تفسير هذه الآيات مقاصد سورة التكوير، والاطلاع على مقاصد القرآن الكريم من العلوم التي توجب الأجر والثواب، ففيه تدبُّرٌ للقرآن الكريم ومعرفة معانيه ومضامينه، وفيما يأتي مقاصد سورة التكوير مرتَّبة كترتيب آياتها:[٦]
- مقاصد سورة التكوير من الآية 1 حتَّى 14: تسرد الآيات الأولى من سورة التكوير علامات الساعة بأكثر من أسلوب شرط واحد، فإذا زال ضياء الشمس، وتساقطت النجوم وغاب بريقها، وإذا تحرَّكت الجبال وسرحتِ الأنعام من غير راعٍ يرعاها وإذا جمعت وحوش الأرض مع بعضها واشتعلتِ البحار وسُئلت البنت الموؤودة أي المقتولة وهي حية، وإذا نشرت أعمال الناس على أعين الأشهاد وإذا السَّماء أزيلتْ وإذا أوقدت نار جهنم واقتربت الجنان، حينئذ ستعلم النفوس ما فعلت في حياتها الدنيا، قال تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ}[٧].
- مقاصد سورة التكوير من الآية 15 حتَّى 29: يقول الله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ *إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ * وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ * فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ * لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[٨]، تشير هذه الآيات المباركات إلى حقيقة الرسالة المحمدية، وتؤكد إنّه رسول من عند الله تعالى، وأنَّه مؤيَّد بالوحي من الله -سبحانه وتعالى- وتبين أنّ هذا القرآن الكريم ذكر من عند الله -عزَّ وجلَّ- فمن شاء أن يستقيم عليه ويتبع تعاليمه فهو الكتاب الحق والدين الحق، والله تعالى أعلم.
أحاديث عن سورة التكوير
بعد ما وردَ من حديث عن مقاصد سورة التكوير، جدير بالحديث أنَّ هذه السورة المباركة وردَ في بعض الأحادي الشريفة التي تختلف من حيث صحتها، منها موضوع يُذكر للتنبيه على حكمه، ومنها صحيح يظهر فضل هذه السورة المباركة، مما جاء:
- حديث موضوع رواه أبي بن كعب -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "مَنْ قرأ سورةَ إذا الشمسُ كورتْ أعاذَه اللهُ أن يفضحَه حين تنشرُ صحيفتُه"[٩]. [١٠]
- وفي حديث صحيح عن عمرو بن حريث المخزومي -رضي الله عنه- قال: "صَلَّيْتُ خَلْفَ النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- الفَجْرَ فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ {فلا أُقْسِمُ بالخُنَّسِ * الجَوَارِ الكُنَّسِ}[١١]، وكانَ لا يَحْنِي رَجُلٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حتَّى يَسْتَتِمَّ سَاجِدًا"[١٢].[١٣]
سبب تسمية سورة التكوير
تتفق معظم سور القرآن الكريم في سبب التسمية، فالعدد الأكبر من سور القرآن الكريم سُمِّي بكلمات وردت في مطالع هذه السور، وبعض السور القرآنية من هذه السور: سورة الواقعة، سورة الحاقة، سورة النبأ، سورة غاشية، سورة القدر، سورة قريش، وغيرها، وقسم آخر من سور القرآن الكريم سُمِّي بأسماء قصص سردتها آيات هذه السور، كسورة البقرة التي سُمِّيت نسبة إلى قصة بقرة بني إسرائيل، وسورة يوسف سردت قصة نبي الله يوسف -عليه السَّلام- وغيرها، أمَا سورة التكوير، فُسمِّيت في أحاديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- باسم أول آية منها، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "مَن سرَّهُ أن ينظرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّهُ رأيُ عَينٍ فليقرأ: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَإِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ، وإِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ"[١٤]، ولكنَّ العدد الأكبر من التفاسير يسمونها بسورة التكوير وجاءت تسميتها من مشتقات الفعل الوارد في الآية الأولى، قال تعالى: {إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}[١٥]، وهو الفعل "كوّرتْ"، والله تعالى أعلم.[١٦]المراجع[+]
- ↑ سورة البقرة، آية: 23.
- ↑ سورة التكوير، آية: 1-6.
- ^ أ ب "سورة التكوير"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة التكوير، آية: 28.
- ↑ سورة التكوير، آية: 29.
- ↑ "تفسير سورة التكوير للناشئين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة التكوير، آية: 1-14.
- ↑ سورة التكوير، آية: 15-29.
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في الكافي الشاف، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 312، موضوع.
- ↑ "الحاوي في تفسير القرآن الكريم"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة التكوير، آية: 15-16.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمرو بن حريث المخزومي، الصفحة أو الرقم: 475، صحيح.
- ↑ "شرح النووي على مسلم"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3333، صحيح.
- ↑ سورة التكوير، آية: 1.
- ↑ "التحرير والتنوير سورة التكوير"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.