مقاصد سورة المطففين
محتويات
سورة المطففين
سورة المطففين إحدى سور القرآن الكريم المكيَّة، أي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة أو نزلت قبل هجرته إلى المدينة المنورة، وتقع السورة في الحزب التاسع والخمسين وفي الجزء ذي الرقم ثلاثين وهو آخر أجزاء القرآن ويطلق عليه اسمُ جزء عمَّ، رقم ترتيب السورة في المصحف ثلاثة وثمانون، وعدد آياتها ستةٌ وثلاثون آية، تسمَّى بسورة المطففين لأنها تتحدَّث عن تلك الفئة من البشر التي وصفها الله في السورة، كما تُسمَّى في بعض كتب التفسير سورة ويلٌ للمطففين، وفي هذا المقال سيتمُّ تسليط الضوء على سبب نزول سورة المطففين ومقاصد سورة المطففين وفضلها.[١]
سبب نزول سورة المطففين
قبل أن يتمَّ توجيه دفةِ الحديث إلى مقاصد سورة المطففين ستتحدَّث هذه الفقرة عن أسباب نزول السورة، حيثُ نزلَت معظم سور القرآن الكريم وآياته توجيهيَّة للناس، حتَّى ترسمُ لهم نهجًا قويمًا في حياتهم سواءً في أمور دنياهم أو في أمور آخرتهم، وكانت سورة المطففين من السور التي جاءت فيها توجيهات من الله تعالى في كيفيَّة تعامل الناس مع بعضهم في الموازين والابتعاد عن التطفيف وسرقةِ أموال الناس بالباطل، ويذكرُ ذلك ابن عباس -رضي الله عنه- في الحديث الصحيح حيثُ قال: "لمَّا قدِم النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- المدينةَ كانوا مِن أخبثِ النَّاسِ كَيلًا، فأنزَل اللهُ -عزَّ وجلَّ-: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}، فأحسَنوا الكَيلَ بعدَ ذلك"[٢]، وهذا كان السبب الرئيسي وراء نزول سورة المطففين.[١]
مقاصد سورة المطففين
تعدُّ أهمُّ مقاصد سورة المطففين هي التهديد والوعيد الذي بدأت به السورة لكل الذين يطفِّفون في الموازين ويتلاعبون بها، فينقِصُون حقوق الناس عند ببعهم ويأكلون ما حرَّم الله، قال تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}،[٣]وتشيرُ بلهجة قاسية إلى العذاب والعقاب الذي أعده الله تعالى لأهل الكفر والشرك والمجرمين جميعًا، قال تعالى: {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}،[٤]وتذكرُ الويلات التي سيلاقونها في ذلك اليوم العسير.[٥]
ومن مقاصد سورة المطففين أيضًا أنها تصفُ أحوال الأتقياء المؤمنين الذين سيكون جزاؤهم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار في نعيمٍ مقيم عند من لا يضيع عنده مثقال ذرةٍ، قال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}،[٦]وأمَّا في آخرالآيات فتنطوي مقاصد سورة المطففين على المقارنة بين عاقبة كلا الفريقين، فريق الكفار الذين ستكون عاقبتهم الهلاك والخسران لأنهم كانوا يستهزؤون بالمؤمنين ويضحكون منهم، وفريق المؤمنين الذين سيضحكون في النهاية من أولئك المجرمين كما كانوا يضحكون منهم في الحياة الدنيا، قال تعالى: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}،[٧]وهذا فضل من الله تعالى سيكرِمُ به المؤمنين على صبرهم وإيمانهم في حياتهم الدنيا.[٥]
معنى التطفيف
بعد معرفة مقاصد سورة المطففين سيتمُّ تسليط الضوء على معنى التطفيف كما وردَ في كتاب الله تعالى، حيثُ يعتقدُ الكثير من الناس أنَّ التطفيف هو فقط إنقاص الأوزان أثناء البيع، إلا أنَّ المعنى أوسع من ذلك بكثير، وقد عرَّف الإمام ابن كثير معنى التطفيف فقال: "المرادُ بالتطفيفِ هنا البخسُ في المِكيالِ والميزانِ، إمَّا بالازديادِ إن اقتضَى من النَّاس، وإمَّا بالنقصانِ إنْ قضاهُم"، أي إنَّ المطفِّف هو الذي يأخذُ من حقِّ الناس عندما يبيعهم فيعطيهم أقلَّ من حقِّهم، وعندما يشتري يأخذُ أكثر من حقِّه أيضًا، والدليل على ذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}،[٨]ويعدُّ التطفيف من الأخلاق المذمومة السيئة والتي حذَّر الله تعالى منها وتوعَّد المطففين يوم القيامة بعذابٍ أليم إذا هم لم يرجعوا عن ظلمهم وأكلهم أموال الناس بالباطل.[٩]
فضل سورة المطففين
لقد أنزلَ الله تعالى سورة المطففين قانونًا إلهيًّا حتى يسودَ العدل بين الناس وينعدمَ الظلم الذي يمارسه بعض ضعاف النفوس على غيرهم من البشر، وكما وردَ في الحديث الصحيح الذي رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنَّه قال: "لمَّا قدِم النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- المدينةَ كانوا مِن أخبثِ النَّاسِ كَيلًا، فأنزَل اللهُ -عزَّ وجلَّ-: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}، فأحسَنوا الكَيلَ بعدَ ذلك"،[٢]فقوَّم الله تعالى بها المعاملات وأحسنَ بعدها الناس الكيلَ فيما بينهم، وفي حديثٍ آخر عن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- أنَّه قال: "قدِمْتُ المدينةَ والنَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بخيبرَ ورجُلٌ مِن بني غِفارٍ يؤُمُّهم في الصُّبحِ فقرَأ في الأُولى {كهيعص}، وفي الثَّانيةِ {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}، وكان عندَنا رجُلٌ له مِكيالانِ مِكيالٌ كبيرٌ ومِكيالٌ صغيرٌ يُعطي بهذا ويأخُذُ بهذا فقُلْتُ: وَيْلٌ لِفُلانٍ"،[١٠]وهذا دليل على عظَم هذه السورة ومدى تأثيرها في نفوس صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.[١١]
وقد وردَ في فضل سورة المطففين العديد من الأحاديث الأخرى التي تشيرُ إلى عظيم فضل تلك السورة، فعن الصحابيّ أبي بن كعب -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قَرأَ سورَةَ المُطَفِّفينَ سقاهُ اللَّه منَ الرَّحيقِ المَختومِ يومَ القيامَةِ"،[١٢]بالإضافة إلى الفضل العظيم الذي مُنيَت به جميع سور القرآن الكريم من خلال قراءتها وفي ذلك جزاءٌ عظيم وأجر كبير ومن خلال تطبيق ما أمرَ الله تعالى به عباده فيها والالتزام بأحكامه الإلهيَّة -جلَّ وعلا-.[١١]المراجع[+]
- ^ أ ب "سورة المطففين"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن ابن عباس، الصفحة أو الرقم: 4919، أخرجه في صحيحه.
- ↑ سورة المطففين، آية: 1-6.
- ↑ سورة المطففين، آية: 16-17.
- ^ أ ب "تفسير سورة المطففين للناشئين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المطففين، آية: 22-25.
- ↑ سورة المطففين، آية: 34.
- ↑ سورة المطففين، آية: 2-3.
- ↑ "ويل للمطففين"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 7156، أخرجه في صحيحه.
- ^ أ ب "تفسير سورة المطففين"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الزيلعي، في تخريج الكشاف، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 4/173، فيه سلام بن سليم قال أبو حاتم متروك الحديث.