مقاصد سورة يونس
سورة يونس
سورة يونس هي السورة العاشرة بترتيب سور المصحف الشريف، تقع بالجزء الثاني عشر وعدد آياتها تسع ومائة اَية، تأتي بترتيب سور القرآن الكريم بعد سورة التوبة وقبل سورة هود، وحسب ابن عباس -رضي الله عنهما- أن السورة مكية إلا هذه الآية الكريمة حيث نزلت في المدينة المنورة: {وَمِنْهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لَّا يُؤْمِنُ بِهِ ۚ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ}،[١] وعن تسميتها لم يُذكر لها اسم غير هذا وسُميت بسورة يونس نظرًا لذِكرها لخصوصية قوم يونس -عليه السلام-، حيث أنهم اَمنوا بعد أن توعدهم رسولهم بنزول العذاب، فعفا الله -عز وجل- عنهم بسبب إيمانهم، في هذا المقال سيتم تناول مقاصد سورة يونس وقصة النبي في بطن الحوت وأهم دروس القصة.[٢]
مقاصد سورة يونس
سورة يونس غنية بمعانيها ودروسها وورد فيها الكثير من المقاصد والعبر والتعاليم الإسلامية ومن مقاصد سورة يونس أنها اعتنت بالحديث عن الموعظة والدعوة بالترغيب، وتضمنت موعظة وشفاء لما في الصدور بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}،[٣] بالإضافة لذِكر قوم يونس -عليه السلام- وكشف الله تعالى عنهم العذاب بعد إيمانهم وتعتبر هذه القصة أبرز ما جاء بالسورة الكريمة.[٢]
وسلطت آيات السورة الضوء على أصول عقائد الإسلام وهي توحيد الله تعالى، والوحي والرسالة، والبعث والجزاء، وبينت إعجاز القراَن الكريم وأحقيته وصدق وعده، وبينت فضل الله تعالى على عباده وتدبيره لأمورهم ورحمته بهم، وعلمه بشؤون الناس المخفية والمُعلنة، كما بينت حقيقة القراَن المُنزل من الله سبحانه لهداية الناس، وبيان الإيمان بالكُتب والرُسل، بالإضافة لبيان أمر النبوة بشكل عام ورسالة النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- بشكل خاص.[٢]
ومن مقاصد سورة يونس أنها بينت عقيدة البعث والجزاء وتذكير الناس برجوعهم إلى ربهم الذي بدأ الخلق بأجناسه وأنواعه المختلفة، ووضحت بأن جزاء الاَخرة أثر لازم لسلوك العبد في الدنيا، وذُكر بالسورة الكريمة بيان صفات البشر وعاداتهم مع الصفات الذميمة التي يجب معالجتها بالوازع والخُلُق الديني، ووضحت السورة أن مفهوم الإيمان التصديق الإذعاني الجازم بما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام- من الدين ويستلزم العمل به، أما مفهوم الإسلام فهو التسليم والانقياد بالفعل، وجاء في مقاصد سورة يونس دليل على مُلك الله تعالى لا شريك له وأن القراَن من عنده وأن عذاب الله لا ينزِل بالقوم المؤمنين وإنما بالقوم المُكذبين بسبب كفرهم وفسادهم في الأرض وقصة قوم يونس -عليه السلام- خير دليل.[٢]
قصة يونس
وردت قصة الأنبياء -عليهم السلام- بأكثر من موضع بالقراَن الكريم، وذكر الله تعالى قصة يونس -عليه السلام- بالسورة التي حملت اسمه، حيث أرسله رب العالمين إلى أرض نينوى التي تقع بالموصل شمال العراق، وبعد أن دعاهم إلى توحيد الله تعالى كذبوه واستمروا على كُفرهم، فلما طال الأمر خرج من بين أظهرهم ووعدهم حلول العذاب عليهم ولم يصبر عليهم كما أمر الله -عز وجل-، فابتلاه الله تعالى بشدة الضيق والحبس في بطن الحوت بالبحر، بعد أن ركب سفينة مملوءة بالراكبين فثقلت بهم وماجت وكادوا يغرقون، فتشاوروا فيما بينهم على أن يقترعوا فمن وقعت عليه القرعة ألقوه من السفينة ليخففوا الحمل عن السفينة، ووقعت القرعة على النبي يونس -عليه السلام- والذي ألقى نفسه بالبحر.[٤]
بعث الله تعالى حوتًا عظيمًا فالتقمه، وأمره ألا يأكل لحمه ولا يهشم عظامه، فقضى نبي الله في بطن الحوت وقتًا يعلمه رب العالمين، ثم أمر الحوت أن يلقيه في أرض خالية من الشجر والبناء، وكان ضعيف البدن ليُنبت الله تعالى شجرة من القرع تظلُه وينتفع بها حتى عاد إلى عافيته، فخافوا قوم النبي يونس من العذاب لما فارقهم وندموا على ما كان بهم من تفريط وتكذيب فتضرعوا إلى الله فكشف عنهم برحمته العذاب وعندما عاد إليهم النبي وجدهم مؤمنين بالله ليمتعهم الله بالحياة وكان عددهم مائة ألف أو يزيدون، كما وضحت الآية الكريمة: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ}.[٥][٤]
دعاء الكرب
عندما كان النبي يونس -عليه السلام- في بطن الحون كما تم الذكر سالفًا، دعا الله تعالى بدعاء يلهج به المكروب وكان هذا الدعاء سببًا لإنقاذه من ما كان فيه من كرب، حيث ورد الدعاء في قوله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}،[٦] واعتبر دعاء يونس -عليه السلام- دعاء الكرب والغم حيث كان سببًا لنجاته من بطن الحوت.[٧] وقال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: {أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا نَزَلَ بِرَجُلٍ مِنْكُمْ كَرِبٌ، أَوْ بَلَاءٌ مِنْ بَلَايَا الدُّنْيَا دَعَا بِهِ يُفَرَّجُ عَنْهُ؟ فَقِيلَ لَهُ: بَلَى، فقال: دُعَاءُ ذِي النُّونِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}.[٨]
دروس من قصة يونس
بعد ذكر قصة نبي الله يونس -عليه السلام- يجب ذكر الدروس المستفادة من القصة التي ذكرها الله تعالى لعباده في القراَن الكريم، ومن أبرز الدروس أن العبد بحال تاب بصدق بالوقت التي تُقبل فيه التوبة قبل الله توبته، وأن التسبيح سبب في تفريج الكروب وإزالة الهموم، حيث أن نجاة النبي يونس سببها كان التسبيح في بطن الحوت، وتدل القصة على فضل الدعاء بشكل عام، حيث أن الدعاء عبادة وقد وعد الله -عز وجل- عباده الداعين بالإجابة بقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}،[٩] وعلى العبد أن يجعل الدعاء بجميع حالات الحياة بالرخاء والشدة. وبشر الله تعالى عبادة بأنه لا يتركهم وحدهم فيما هم فيه من الهُموم والغم. [١٠]المراجع[+]
- ↑ سورة يونس، آية: 40.
- ^ أ ب ت ث "مقاصد سورة يونس"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة يونس، آية: 57.
- ^ أ ب "قصة يونس عليه السلام: دروس وعبر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة يونس، آية: 98.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 87-88.
- ↑ "أيهما أفضل : سيد الاستغفار أم دعوة ذي النون ؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه سعد رضي الله عنه، في الصحيحة، عن صححه الألباني ، الصفحة أو الرقم: 1744.
- ↑ سورة غافر، آية: 60.
- ↑ "قصة يونس في القرآن الكريم"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.