بحث-عن-الوطن
بحث عن الوطن
فيكتور هوغو قال في إحدى كتاباته: "وعلّم نفسه أن يستعيض عن أمه المتوفاة بحنان أمّه التي لا تموت، الوطن"، فالوطن هو تلك البقعة من الكرة الأرضية التي تُمثِّل مكان إقامة الفرد واستقراره، وهي الأرض التي ينتمي لها سواءً وُلِّد على ترابها أم لم يولد بحيث ينتمي لها انتماءً حقيقيًّا فهو جزءٌ من النسيج الوطني لهذه الأرض ومعنويًّا بالعاطفة والشعور الوطني والقومي تجاه الوطن كأرضٍ وشعبٍ، وهذا بحث عن الوطن وصور من حبه والانتماء إليه وواجب أبناء الوطن تجاهه.
أجمع كلّ من كتب بحث عن الوطن من المفكرين والأدباء والساسة وأصحاب الرأي على أنّ الوطن يتألف من مجموعة عناصر تشكل في مجموعها البنية الوطنية بالنسبة لأي فردٍ إذ يتكوّن من الأُسرة والأقارب والأهل والعائلة والأصدقاء والمعارف ويُمثِّل لهم الأمن والأمان وإمكانية الحصول على كافة الحاجيات الأساسية كالتعليم والعلاج والمأوى، وأيضًا حقوق الفرد في التعبير والاختلاف وحرية الدِّين والمعتقد والتفكير والتكافؤ الاجتماعي والانتخاب، ويرتبط الوطن بذاكرة هذا الفرد أو ذاك من خلال العادات والطقوس والعبادات والاحتفالات الدينية والاجتماعية والتي تشكل ذاكرته عن الزمان والمكان والمنتقلة إلى الأجيال القادمة.
في بحث عن الوطن تتهادى كلمة حب الوطن في الفكر والوجدان، فهذا الحب من أبجديات الحب الأساسية التي فضلها غالبية الناس عامتهم وخاصتهم على حب الذات والأبناء والثروات والمجد، فكانت التضحية في سبيل الوطن من أسمى صور حبه خاصةً لدى تلك الأوطان التي رزحت تحت نار الاحتلال والاستعمار في كل العصور، ومنها أيضًا الحفاظ على أواصر الترابط والمحبة والإخاء بين أفراد الوطن كالنسيج الواحد المتآلف والتعاضد فكلما ازداد ترابط النسيج الداخلي ازداد الوطن قوةً وصلابةً في مواجهة الأخطار، وهذا الحب يتماشى ومع تعاليم الإسلام التي راعت مشاعر الإنسان وعواطفه، فكان حب الوطن من صور الإيمان فهو من أشكال الحب الفطري الذي جُبل عليه الإنسان، ولعلّ خير مثالٍ على ذلك حب النبي -صلى الله عليه وسلم- لموطنه مكة المكرمة على الرغم مما لقيه فيها من العذاب والتنكيل والرفض وأخيرًا الاضطرار لمغادرتها، فالحب والانتماء للأرض قبل الارتباط بالناس من أقارب وغيرهم.
عند كتابة بحث عن الوطن من الضروريّ بمكان التعريج على نقطةٍ بالغة الأهميّة وهي المسؤولية الملقاة على عاتق أبناء الوطن تجاهه، وهي مسؤوليةٌ أخلاقيّةٌ قبل أن تكون قانونيةً واجبةٌ على كلّ فردٍ من أفراد الوطن رجالًا ونساءً في مختلف المراحل العمرية تتمثل في الإخلاص والوفاء المطلقيْن للوطن في الشِّدة والرخاء والتضحية بغالي والنفيس في سبيل استقراره والذود عن حياضه ورد كيد أعدائه من الداخل والخارج، والحفاظ على أمن الوطن من كافة أشكال الأعمال غير المشروعة، والسعي إلى تطوير وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المحلي والتطوع والمساعدة في ذلك، والالتزام بكافة المدفوعات مقابل الخدمات الحكومية للحفاظ على الاقتصاد الوطني من الانهيار، ومحاربة الفساد والرشاوي والغش والتدليس للنهوض بمرافق الوطن العامة والخاصة، والمساهمة في بناء الوطن وتعافيه من أزماته المالية والاقتصادية والحربية والزراعية.