إعراب تمييز العدد

التمييز

التّمييز اسمٌ نَكِرة، يُذكر ليفسّر اسمًا مبهمًا قبله، ويكون التَّمييز علـى معـنى "مـن"، وغالبًـا مـا تكـون مقـدّرة وتظهـر في بعـض المواضـع، فإذا قيل: اشتريت عشرين كتابًا، فالمعنى أنّك اشتريت عشرين من الكتب، وهو قسمان: تمييز ذات، ويسمّى تمييز مفرد، أو التّمييز الملفوظ، لأنّه ملفوظ فلا حاجة إلى تأويل، وتمييز نسبةٍ، ويسمّى تمييز جملة، أو التّمييز الملحوظ، يلحظ من خلال التّأويل، فأمّا تمييز الذّات ما كان مفسّرًا لاسم مبهم ملفوظ، نحو: عندي رطلٌ زيتًا، والاسم المبهم على أنواع: العدد، وما دلّ على مقدار، وما جرى مجرى المقادير، أمّا تمييز النّسبة: ما كان مفسّرًا لجملة مبهمة، نحو قوله تعالى: {فزادهم اللهُ مرضًا}^[١]،وبعد هذه المقدّمة سيكون الحديث عن تمييز العدد، ثمّ إعراب تمييز العدد. ^[٢]

تمييز العدد

تمييز العدد هو الاسم الذي يتبع العدد، أيْ: يقع بعده ليوضّحه ويفسّره وهو ما يسمّى بالمعدود، وينقسم إلى قسمين: تمييز العدد الصّريح: وهو ما جاء ليصف اسمًا قبله بلفظه الصّريح، نحو: اشتريتُ ثلاثةَ كتبٍ، وتمييز كنايات العدد: وهو ما جاء للتّعبير عن شيءٍ معيّن بلفظٍ غير صريحٍ للدّلالة عليه، ومن ألفاظ كنايات العدد "كم" الاستفهاميّة والخبريّة، و"كذا وكأيّن وكأيّ وبضع ونيّف و..." وسيكتفى بالحديث هنا على القسم الأوّل، وهو تمييز العدد الصّريح، ولينتقل منه إلى إعراب تمييز العدد.

تمييز العدد الصريح

إنّ تمييزَ العددِ الصَّريحِ مجموعٌ مجرورٌ بالإضافة وجوبًا، منَ الثلاثةِ إلى العشرة، نحو: جاءَ ثلاثةُ رجالٍ، وعشرُ نِسوةٍ، ما لم يكن التّمييزُ لفظَ "مِئَةٍ"، فيكون مفردًا غالبًا، نحو: "ثلاث مِئَةٍ"، وقد يُجمعُ نحو: "ثلاث مئينَ، أو مِئاتٍ". أمّا "الألفُ" إذا جاء معدودًا فمجموع البتّةَ، نحو: "ثلاثة آلافٍ"، وبالنسبة لتذكيره وتأنيثه: فلا بدّ أن يذكّر العدد ويؤنّث وفقًا لتذكير التّمييز وتأنيثه، وذلك حسب المكوّنات العدديّة الآتية:^[٣]

• العددان واحد واثنان: يذكّران مع المذكّر، ويؤنّثان مع المؤنّث، نحو: نجح طالبٌ واحدٌ، ونجحَ طالبانِ اثنانِ، أكلتُ تفّاحةً واحدةً، أكلتُ تفّاحتينِ اثنتينِ، وفي العدد المركّب، قوله تعالى: {رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً}.^[٤]وقوله تعالى: {َاثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً}،^[٥]، في الصّفّ واحدٌ وعشرونَ طالبًا، وإحدى وثلاثون طالبةً.
• الأعداد من ثلاثة إلى تسعة: تخالف معدودها في التّذكير والتّأنيث، نحو: هذه ثلاثُ تفّاحاتٍ في ثلاثِةِ صحونٍ، وإن كان العدد مركّبًا، خالف الجزء الأوّل معدوده، ووافق الجزء الثاني المعدود، نحو: غرست ثلاثَ عشرَةَ غرسةً في ثلاثةَ عشرَ مترًا، وإن كان العدد معطوفًا، خالف الجزء الأوّل معدوده، بينما الجزء الثّاني يبقى على حاله في التّأنيث والتّذكير، نحو: غادر البلدةَ خمسةٌ وستّونَ رجلًا، وثلاثةٌ وسبعونَ امرأة.
• العدد عشرة: يخالف العدد عشرة -إذا كان مفردًا- معدوده في التّذكير والتّأنيث، نحو: رأيتُ في المنتزه عشرةَ أطفالٍ وعشرَ نساءٍ، وفي حالة الترّكيب فإنّ العدد عشرة يوافق معدوده في التّذكير والتّأنيث، نحو: مضى على سفره ستةَ عشرَ يومًا، وقرأتُ أربعَ عشرة صحيفةً.
• ألفاظ العقود: وهي: عشرون إلى تسعون، وكذلك المئة والألف، لا تتغير مع معدودها في التّذكير والتّأنيث، نحو: في مكتبتي سبعونَ كتابًا، وطالعتُ عشرينَ قِصّةً، اشتركَ في الرّحلةِ مئةُ طالبٍ ومئةُ طالبةٍ، في المهرجان ألفُ رجلٍ وألفُ امرأةٍ. وبعد معرفة حكم تمييز العدد الصّريح، فلابدّ من معرفة إعراب تمييز العدد.

إعراب تمييز العدد

لإعراب تمييز العدد حالات عدّة، والأعداد بحسب حالات إعرابها تنقسم إلى ثلاثة مجموعات، تبدأ من العدد ثلاثة، لأنّ العددين واحد واثنان لا تمييز لهما، لأنهما يتبعان ما قبلهما في حالات إعرابهما، وأمّا حالات إعراب تمييز العدد:^[٣]

• الأعداد من ثلاثة إلى عشرة: يكون تمييزها جمعًا مجرورًا هذا على المشهور، والصّحيح إعرابه مضافًا إليه مجررًا، نحو: قوله تعالى: {َفصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ}،^[٦] وقوله تعالى: {انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ}.^[٧]
• الأعداد من أحد عشر إلى تسع وتسعين: يكون تمييزها مفردًا منصوبًا، نحو قوله تعالى: {إنّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً}،^[٨]وقوله تعالى: {هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}.^[٩]
• العدد مئة وألف، ومضاعفاتهما: يكون تمييزها مفردًا مجرورًا بالإضافة، نحو: زار المكتبةَ مئةُ طالبٍ، وفي البستانِ ثلاثُ مئةِ شجرةٍ، ونحو: في المكتبة خمسةُ آلافِ كتابٍ، ووصل المدينةَ ألفُ زائرٍ.
  
  

جديرٌ بالذّكر أنّه عندما يسبق العددين "مئة وألف" عدد، فيكونان هما المعدود "التّمييز" لما سبقهما من أعداد كالمثالين السّابقين، وحكمهما "مئة" لفظ مؤنّث، و"ألف" لفظ مذكّر، "خمسة آلاف كتابِ"، فآلاف معدود لخمسة، وكتاب معدود لآلاف، وهكذا قد تمّ تعريف الدّارس على إعراب تمييز العدد.

حالات إعراب العدد

بعد معرفة إعراب تمييز العدد، سيتمّ التعرّف على حالات إعراب العدد، للأعداد أيضًا حالات إعرابية عدّة، فتعرب بحسب موقعها من الجملة والكلام، ولكن منها ما يلازم حالة الإعراب ومنها ما يلازم حالة البناء، ومنها ما يعرب إعراب الاسم المفرد، أي بالحركات، ومنها ما يعرب إعراب المثنى أو جمع المذكّر السّالم "بالحروف"^[١٠]، وتنقسم إلى عدّة مجموعة، وهي كالآتي:^[١١]

• العددان واحد واثنان: لا يقعان إلّا بعد المعدود ويعربان صفةً له، نحو: وصل رجلٌ واحدٌ، وامرأتان اثنتانِ، وقد لا يستعملان، إنّما يُكتفى بذكر المعدود مفردًا أو مثنّى للدلالة عليهما، نحو: رأيتُ طفلًا، ورجلينِ.
• الأعداد من ثلاثة إلى عشرة والمئة والألف: تعرب بحسب موقعها من الكلام، فقد تعرب مبتدأ، نحو: لديّ ثلاثةُ إخوة، أو خبرًا، نحو: هؤلاء ثلاثةُ إخوة، أو فاعلًا: حضرَ الدّرسَ خمسةُ طالباتٍ، أو مفعولًا به: اشتريتُ أربعةَ كتبٍ، أو مضافًا إليه: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}.^[١٢]
• الأعداد المركّبة: تكون مبنيّة على فتح الجزأين، نحو: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ}^[١٣]، و "بحثتُ في ثمانيَةَ عشَرَ كتابًا"، باستثناء العدد "اثنان" فإنّه يعرب إعراب المثنّى، أي: يعرب بالحروف عوضًا عن الحركات، قالَ تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً}.^[١٤]
• ألفاظ العقود: تعرب ألفاظ العقود بحسب موقعها في الكلام، إعراب الملحق بجمع المذكّر السّالم، علامة رفعها الواو، وعلامة نصبها وجرّها الياء، نحو: حضر الاجتماعَ عشرون عضوًا، اشتريتُ ثوبًا بثلاثين دينارًا.
• الأعداد المعطوفة: من واحد وعشرينَ إلى تسعٍ وتسعينَ، تعرب إعراب الاسم المعطوف قبلها "رفعًا ونصبًا وجرّا"، نحو: سافرَ ثلاثةٌ وثلاثونَ شابًا، أكرمتِ المدرسةُ أربعًا وعشرينَ طالبةً، استعنتُ بواحدٍ وعشرينَ كتابًا.

أمثلة إعرابية على تمييز العدد

بعد اطّلاع الدّارس وتعرّفه على حالات إعراب تمييز العدد، وحالات إعراب العدد؛ فلا بدّ من دعمها بالشّواهد التّطبيقية، ليكون الدّارس على بيّنة أكثر بالموضوع، ويتوضّح له البحث أكثر من ذي قبل، ومن هذه الشّواهد:

المثال الأول

قال الله تعالى: {َمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ}^[١٥]

الشّاهد في الآية الكريمة {ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ}، حيث أضيف العدد "ثلاثة" إلى تمييزه "أيّام" الجمع، فجرّ بالإضافة.

• فصيام: الفاء: رابطة لجواب الشّرط، صيامُ: مبتدأ خبره محذوف تقديره "عليه صيامُ" مرفوع وعلامة رفع الضّمّة.
• ثلاثةِ: مضاف إليه مجرور وعلامة جرّه الكسرة.
• أيّامٍ: مضاف إليه مجرور وعلامة جرّه الكسرة.

المثال الثاني

ثلاثةُ أنفسٍ، وثلاثُ ذودٍ

لقد جار الزّمان على عيالي

الشّاهد في البيت الشّطر الأوّل منه، فقد جاء تمييز الثّلاثة جمعًا مجرورًا بإضافة العدد إليه، وكذلك التّمييز "ذود"،وقد وافق العدد معدوده في التّأنيث ظاهرًا في"ثلاثة أنفس" ولكنّه يقصد بكلمة "أنفس" أشخاص، وبذلك يكون قد خالف العدد معدوده في التّذكير والتّأنيث.

• ثلاثةُ: خبر لمبتدأ محذوف تقديره "نحنُ" مرفوع وعلامة رفع الضّمّة الظاهرة..
• أنفسٍ: مضاف إليه مجرور وعلامة جرّه الكسرة الظّاهرة.
• الواو: حرف عطف، ثلاثُ: اسم معطوف على مرفوع فهو مثله، ذودٍ: مضاف إليه مجرور.

المثال الثالث

قال اللهُ تعالى: {إنّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا}.^[١٦]

الشّاهد في الآية الكريمة: {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا}، حيث جاء العدد مركّبًا وبني على فتح الجزأين، وتمييزه مفرد منصوب.

• أحدَ عشرَ: مركّب عددي مبنيّ على فتح الجزأين في محلّ نصبٍ مفعولًا به.
• كوكبًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة.

المثال الرابع

إذا عاشَ الفتى مئتينِ عامًا

فقد ذهب المسرّة والفتاء^[١٧]

الفتاء: الشّباب، والشّاعر ربيع يعدّ من المعمّرين، فقد رويَ بأنّه عاش ثلاثمئة وأربعين سنة، وقيل: إنّه أدرك الإسلام ولم يسلم، وقيل: أسلم، والشّاهد في البيت "مئتين عامًا" حيث أبقى الشّاعر النّون في "مئتين" للضّرورة ونصب تمييزها، وكان الوجه حذف النّون، وجرّ التّمييز بعدها بإضافتها إليه، فشبهت ألفاظ العقود بثبوت نونها ونصب تمييزها.

• مئتين: مفعول فيه ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الياء لأنّه مثنّى، والنّون عوض عن التّنوين في الاسم المفرد.
• عامًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

المثال الخامس

قال الله تعالى: {أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ}.^[١٨]

الشّاهد في الآية الكريمة: {بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ}، جاء تمييز العدد مجرورًا بحرف الجرّ "من" لأنّه اسم جنسٍ.

• ألفٍ: اسم مجرور بالباء وعلامة جرّه الكسرة الظّاهرة، والجار والمجرور متعلّقان باسم الفاعل "ممدّ".
• من الملائكة: من: حرف جر، الملائكة: اسم مجرور وعلامة جرّه الكسرة، والجار والمجرور متعلّقان بنعت "لألف".
• مردفين: حال منصوب وعلامة نصبه الياء لأنّه جمع مذكّر سالم.

المراجع[+]

1. ↑ سورة البقرة، آية: 10
2. ↑ "تمييز (نحو)"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019. بتصرّف.
3. ^ ^{أ ب} "التمييز تعريفه وأنواعه وأحكامه"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019. بتصرّف.
4. ↑ سورة يوسف، آية: 4.
5. ↑ سورة البقرة، آية: 60.
6. ↑ سورة البقرة، آية: 196.
7. ↑ سورة المرسلات، آية: 30.
8. ↑ سورة يوسف، آية: 4.
9. ↑ سورة ص، آية: 23.
10. ↑ "العدد الأصلي والعدد الترتيبي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019. بتصرّف.
11. ↑ "إعراب العدد"، www.ar.lib.eshia.ir، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019. بتصرّف.
12. ↑ سورة المائدة، آية: 89.
13. ↑ سورة المدثر، آية: 30.
14. ↑ سورة التوبة، آية: 36.
15. ↑ سورة المائدة ، آية: 89.
16. ↑ سورة يوسف، آية: 4.
17. ↑ "شَوَاهِدِ الْعَدَدِ:"، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-07-2019.
18. ↑ سورة الأنفال، آية: 9.