أحداث معركة الحاضر
فتح بلاد الشام
بعد انتهاء حروب الردّة، وسيطرة الخلافة الإسلامية الراشدة على جميع مناطق شبه الجزيرة العربية، وخضوع القبائل المرتدة لحكم الإسلام وأوامره بالحفاظ على أركانه الخمسة دون ترك أي منها؛ عقد الخليفة أبو بكر الصدّيق اجتماعًا بين كبار الصحابة عرضَ عليهم فيه الانتقال لفتح الأمصار الشّمالية الشام والعراق، فتخوّف الأكثرية من قتال الروم والفرس؛ إلى أن عُقِدَ العزم على تجهيز الجيّوش الإسلامية التي سارت تباعًا فحققت انتصارات عظيمة وسريعة في عهد الصِّديق، ثم في عهد أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه-، وكان من أعظم تلك الانتصارات نصر اليرموك، وفتح بيت المقدس؛ لتنطلق بعدها الجيوش مجددًا في مختلف أنحاء بلاد الشام، ولا سيما المناطق الشمالية التي شهدت العديد من المعارك، وسيتم ذكر أحداث معركة الحاضر خلال المقال.[١]
أحداث معركة الحاضر
بعد عودة الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من القدس إلى المدينة المنّورة استأنفت الجيوش الإسلامية تحركاتها وفق تعليماته، فتوجه يزيد بن أبي سفيان بجيشه إلى القيصرية ليفتحها مجددًا، وتوجه عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة -رضوان الله عليهما- لإعادة فتح فلسطين والأردن، وسار أبو عبيدة بن الجراح مع خالد بن الوليد -رضي الله عنهما- بجيشه البالغ عدده سبعة عشر ألف مقاتل من القدس لفتح شمال بلاد الشام، واضعًا نصب عينيه قنسرين وحلب وأنطاكيا.[٢]
تقدم خالد بن الوليد -رضي الله عنه- ومعه أفضل المقاتلين وأسرعهم على رأس سريّة من الفرسان سريعة الحركة، وهي طليعة جيش أبي عبيدة، فوصل الحاضر التي تقع على بعد ثلاثة أميال شرق قنسرين، وهناك تعرضت السرية للهجوم البيزنطي بقيادة ميناس قائد الحامية البيزنطية في قنسرين، وكان يتمتع بالشدّة في القتال والدهاء؛ حيث قرر الخروج لملاقاة السريّة، قبل أن تتّحد مع القسم الرئيس من الجيش؛ وقد فضّل هذه الخطّة عن البقاء في المدينة، ثم تسليمها للمسلمين بعد الحصار كنتيجة حتميّة في ظل انكسار شوكة جيوش بيزنطة، ويقينه بعدم إمكانية إرسال الدعم من قبل الإمبراطور هرقل، فالتقى ميناس بجيش خالد في سهل الحاضر الذي شهد أحداث معركة الحاضر ذات النتائج المهمة والمؤثرة في سلسلة الفتوحات الإسلامية لشمال بلاد الشام.[٣]
نشر خالد بن الوليد سريته السريعة في وضعيتها القتالية؛ بينما شكّل ميناس جيشه في جناحين، وكان هو في مقدمة القلب، ومع بداية المعركة في مراحلها الأولى قتل ميناس، فانتشر نبأ مقتله بين الجنود فاستشاطوا غضبًا وثاروا للانتقام، فقد كان ميناس محبوبًا بينهم، وكرّوا على المسلمين بعنف ووحشية، ولكنهم اصطدموا بأمهر المقاتلين من جيش المسلمين؛ الذين صمدوا صمودًا عظيمًا في حين كان خالد بن الوليد مع قسم من المقاتلين ينفّذون التفافًا من الخلف على الجيش البيزنطي ليزعزع كامل الجيش، الذي انهزم بعد ذلك، ولم ينج منه أحد.[٣]
نتائج معركة الحاضر
خرج أهالي الحاضر بعد المعركة لتحية القائد خالد بن الوليد، وقالوا بأنّهم عرب، ولا ينوون مهاجمته، وقبل خالد خضوعهم، وتابع تقدمه إلى قنسرين؛ حيث تحصنت الحامية الرومانية المتبقية في القلعة، فأرسل خالد لهم برسالة يقول فيها: "إذا كنتم في السحاب، فإن الله سيرفعنا إليكم أو ينزلكم إلينا للمعركة"، فسلموا بعد ذلك المدينة لأبي عبيدة، وصالحوه على خمسة عشر ألف مثقال من الذهب، وكذلك من الفضة، وألف ثوب من أصناف الديباج وخمس مئة وسق من التين والزيت، فدخلها أبو عبيدة، وأقام فيها مسجدًا قبل أن يتابع سيره باتجاه حلب التي سمع أهلها بأخبار ما جرى في معركة الحاضر، والنّصر العظيم الذي حققه المسلمون على جيش ميناس، وما تلاه من تسليم مدينة قنسرين للجيوش الإسلامية، فاضطرب أهل حلب، وعرفوا أن لا طاقة لهم اليوم بالمسلمين وجيوشهم.[٤]المراجع[+]
- ↑ "نبذة مختصرة عن الخلفاء الراشدين الأربعة"، www.library.islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 8-7-2019. بتصرّف.
- ↑ "الفتح الإسلامي للشام"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 8-7-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "معركة الحاضر (قنسرين)"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 8-7-2019. بتصرّف.
- ↑ محمد بن عمر الواقدي (1997م)، فتوح الشام (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 237، جزء الأول. بتصرّف.