قصة الأسد والطفل الصغير
قصة الأسد والطفل الصغير
في غابةٍ واسعةٍ حدثت هذه القصة، قصة الأسد والطفل الصغير، حيث كان يحكم الغابة أسدٌ قوي أطلقت عليه الحيوانات لقب ملك الغابة، وله زوجةٌ وأطفالٌ صغار يعيشون تحت حكمه وينعمون برعايته وعطفه وحبّه، كان يخرج كل صباحٍ إلى الغابة الواسعة باحثًا عن الطعام لصغاره، وبعد أن يقضي معظم النهار في الصيد ومطاردة الفرائس، يعود إلى زوجته وأطفاله حاملًا الصيد والطعام لهم، ومضت الأيام وهي تسير على نفس الوتيرة وزوجة الأسد تقوم برعاية أطفالها الصغار وإعدادهم ليصبحوا أسودًا أشداء كوالدهم ملك الغابة.
وفي إحدى السنين عَمّ الجفاف في الغابة، فقَلَّ الطعام والصّيد، وأصبح تأمين الطعام مَهمةٌ شاقةٌ على الأسد ليسدّ جوع صغاره وزوجته، فكان يذهب في الصباح الباكر ولايعود إلا منتصف الليل كي لا يرجع لبيته خالي الوفاض، وبقي على هذه الحال مدةً من الزمن، وفي أحد الأيام كان يجلس في الغابة حزينًا وقد هدَّه التعب بعد أن بحث مطولًا عن فريسة لصغارِه ولم يجد شيئًا، وإذ بهِ يسمع صوت طفل صغير بالقرب منه، حدثته نفسه باصطياده كوليمة غداءٍ لأهل بيته، ثم سكت برهةً وهو يلوم نفسه فهو الأسد والطفل الصغير لا حول له ولا قوة ولن يستطيع الفرار منه، ولكن في النهاية قرّر أن يحضره كفريسةٍ لصغاره، وبدأ بالسير رويدًا رويدًا اتجاه مصدر الصوت وإذ بأمه معه.
وعندما رأت الأسد والطفل الصغير يحبو بعيدًا عنها ركضت خائفةً لاحتضان طفلها، وعيناها يملؤها الخوف والذعر من مطاردة الأسد لوليدها، فأخبرها الأسد أنه ينوي أخذ هذا الطفل الصغير كفريسة لأولاده الصغار، فصرخت الأم مذعورة، ولكنها أذكى من أن تركض هاربةً، فهي تعلم أن الأسد أسرع منها وحَمْلها لطفلها سيبطئ حركتها، فخطرت لها فكرةٌ ذكية.
قالت له كيف تترك صغارك وهم في خطر وأنت هنا تحاول صيد هذا الطفل الصغير، فسألها متعجبًا وهو في أشد استغراب: وكيف تعرفين أن صغاري بخطر، فقالت: الكل يعلم أنه قد دخل إلى هذه الغابة منذ قليل قطيعٌ من الفيلة الضخمة، وهم يبحثون عن غذاء وطعام كما تفعل أنت، وقد اتجهوا باتجاه بيتك وعددهم كثير، فخاف الأسد على صغاره وزوجته وعاد مسرعًا لمنزله.
في هذه الأثناء حملت الأم طفلها الصغير هاربةً من الغابة، وقلبها يكاد ينفطر خوفًا من رؤية الأسد والطفل الصغير متشبثًا بثيابها، أما الأسد فقد وجد زوجته وصغاره خائفين جدًا من تأخره ومترقبين عودته بفارغ الصبر، فطمأنهم واعتذر من زوجته وقصّ لها حادثة الطفل الصغير وأمه، وكم كانت خائفةً عليه كمثل الخوف الذي رآه بعينَي زوجته وأولاده الصغار عندما تأخّر عليهم، وعاهد نفسه ألّا يفكر بافتراس ذاك الطفل الصغير ثانيةً، وعَمّ الخير ثانيةً بالغابة، وأصبح الأسد يحضر الطعام لصغاره كلّ صباح دون تأخير.