تطور الأدب في العصر الحديث
تعريف الأدب
يُعرّف الأدب على أنّه طريقة للتعبير عن أفكار الإنسان ومشاعره بأسلوب من الأساليب بلغة جميلة راقية، وعاطفة صادقة، ويعدّ أدب أي مجتمع من المجتمعات صورة صادقة لأفكارها، ويُفهم من خلالها المجتمع وحركاته الأدبية والفلسفية والحضارية المختلفة، فالأدب يعكس صورة لحال المجتمعات وواقعها لأن الأدباء خير ممثلٍ لحال مجتمعاتهم، فهم يعيشون تجارب عصرهم ويدونون تجاربهم التي تنعكس في أعمالهم الأدبية، وقد قيل عن الأدب إنه إما أن ينقل الواقع كما هو، أو يجمّله، أو يضيف عليه ما يتمنى وجوده، وقد تطور الأدب في العصر الحديث تطورًا ملموسًا ومرّ بأكثر من طور، سيتم بيانها في العنوان الثالث في هذا الموضوع الذي يناقش تطور الأدب في العصر الحديث.[١]
تعريف العصر الحديث
عند مناقشة موضوع تطور الأدب في العصر الحديث لا بدّ من تعريف العصر الحديث، وقد اختلف المؤرخون على تعريف العصر الحديث، فمنهم من عدّه الفترة الزمنية التي تلت عصر النهضة، ومنهم من حدّده بالفترة من القرن الثامن عشر وحتى الزمن الحالي، ومنهم من حذا حذو المؤرخين الأوروبيين في تقسيم القرون الخمسة التي تلت القرن الخامس عشر حتى التاسع عشر إلى مرحلتين هما: القرون السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر، وسميت بالعصور الحديثة، والقرن التاسع عشر حتى القرن العشرين وسُميّت بالقرون المعاصرة، وقد اتفق النّقاد على تطور الأدب في العصر الحديث عن العصور السابقة، وظهور خصائص جديدة تميزه عمّا سبقه من فترات.[٢]
تطور الأدب في العصر الحديث
عند التحدث عن تطور الأدب في العصر الحديث، لا بدّ من وقفة عند أهم الأحداث التاريخية التي حدثت في الزمن الحديث في الوطن العربي، فقد شهد العصر الحديث حدثين تاريخيين مهمين، أولهما: الاحتلال العثماني الذي ترك آثآرًا سلبية على المجتمع العربي بسبب سياسات القمع والتتريك التي انتهجها في نهايات حكمه، وثانيهما: حملة نابليون على مصر حيث ساهمت في انفتاح المصريين على أوروبا، لا سيما حركات الترجمة والطباعة، ممّا كان له دور في بزوغ عصر النهضة.[٣]
وقد لمع اسم محمد علي باشا الذي أسهم في إخراج نابليون من مصر، وأسهم في تطوّر البلاد وتقدّمها على مستويات عدّة، حيث تأسّست الجمعيات، والنوادي الأدبية، والمسارح، والمطابع والصحف، والجامعات، ونشطت الترجمة من وإلى اللغات الأجنبية، وأنشئت الوزارات الثقافية، والمحطات التلفزيونية، في كافة أنحاء العالم العربي، ممّا ساعد على تطور الإنتاج الأدبي، وتطور الأدب في العصر الحديث، وقد كان ذلك في مراحل ثلاثة.[٣]
في بدايات تطور الأدب في العصر الحديث عُرِف الشعر في هذه الفترة بركاكته، وضعفه شكلًا ومضمونًا، واحتوى على المحسنات البديعية من جناس، وطباق، وغيرها، أمّا النثر فقد عانى من الضعف والانحسار بسبب تسرّب الألفاظ التركية إلى اللغة العربية الفصيحة فأصبح التحدث بها مقتصرًا على رجال الدين وبعض الأدباء والمثقفين.[٣]
في الطور الثاني، تمّ الانتقال من التقليد إلى التجديد، فطور التجديد هو طور انتقالي بقيت فيه آثآر من عصر النهضة، لكن برز فيه نوع من التجديد، كالشعر الوطني عند الشيخ رفاعة الطهطاوي، فبالإضافة إلى المضمون الوطني كان هناك تنويع في موسيقا الشعر، ومن أبرز شعراء التجديد، عائشة التيمورية والعقاد، أما النثر فقد ظهر فيه لون جديد من الكتابة المرسلة، وتحرّر الكتاب من أبو تمام، والبحتري، وقد عبّر شعراء هذا الطور عن مشاعرهم الخاصة، والمشكلات والهموم الوطنية، وكانوا خير مدوّن للأحداث الكبيرة التي حدثت في بلادهم.[٣]
ومن أبرز الشعراء في هذا الطور محمود سامي البارودي، أمّا النثر فقد تأثر بالنهضة الفكرية والثقافية، حيث ظهرت ألوان جديدة في النثر لم تُعرف من قبل، مثل المقالة بكل أشكالها الوطنية، والأدبية، والسياسية، والاجتماعية، وقد كانت المقالة في البداية متكلَّفة، ثم تحررت من البديع وأصبحت بسيطة وموضوعية، وبعيدة عن الذاتية ومُختَصَرَة، ولم يكن التطور مقتصرًا على الشعر والنثر فحسب، بل تعدّاه إلى كافة أنواع الأدب من مسرح وقصة وخطبة، يدعمها في ذلك بواعث النهضة من طباعة وصحافة، وبعثات أثرت في اطلاع الأدباء على الأدب الغربي وتأثرهم به.[٣]
وقد ظهرت مجموعة مدارس شعرية في العصر الحديث، أحدثت نقلة نوعية في الشعر العربي، مثل: مدرسة الإحياء، ومدرسة التجديد، وجماعة أبولو، إضافة إلى ظهور ما عُرف بالشعر الحرّ أو شعر التفعيلة، ومن روّاد مدرسة الإحياء محمود سامي البارودي الذي سبقت الإشارة إليه، وقد حاكى الشعر في العصر العباسي بروح جديدة.[٤]
أمّا عباس محمود العقاد رائد مدرسة التجديد، فقد عارض الموضوعات التقليدية، وركز على فكرة الدفق العاطفي في الشعر، فالشعر عنده تعبير عن المشاعر والذات، والنفس وما يخالطها من أحاسيس، كما ظهرت جماعة أبولو لتنمّي الحس الرومانسي وقد أُسّست في مصر على يد أحمد زكي أبو شادي، وقد كان طابع الشعر فيها رومانسيًا.[٤]
وقد هرب الشعراء الرومانسيون إلى الطبيعة من سجن البيوت، وبثّوا شكواهم إليها، وباحوا بمكنونات وجدانهم، وعُرفوا برقة شعرهم، وطغيان المفردات الشعورية النابعة من الإحساس والعاطفة، وقد برزت على يد نازك الملائكة ثورة الشعر الحر أو شعر التفعيلة، وهو الشعر الذي كان رد فعل قوي على ما سبقه، حيث ثار أصحاب هذا الاتجاه على الوزن والقافية، ومن روّاد هذا الشعر نازك الملائكة، وبدر شاكر السيّاب.[٤]
المراجع[+]
- ↑ "الآداب واللغات"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "الشعر العربي في العصر الحديث"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح "الأدب العربي في العصر الحديث"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 15-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث "المدارس الشعرية العربية في القرن العشرين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-7-2019. بتصرّف.