أحداث فتح حلب
محتويات
الجهاد في سبيل الله
لقد شرعَ الله تعالى لعباده المسلمين الجهاد في سبيل الله وقتال الكفَّار والمشركين بعد هجرةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وقد كان قبل ذلك قد منعهم من الجهاد في مكة، قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ }،[١] ولم يكتفِ تعالى بالسماح لهم بالقتال وردِّ الظلم بل أمرهم بعد ذلك بمتابعة المعارك والفتوحات لنشر الدين الإسلامي ودعوة الناس جميعهم إلى راية التوحيد، قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}،[٢] وفي هذا المقال سيدور الحديث حول أحداث فتح حلب.[٣]
الفتوحات الإسلامية
بدأت الفتوحات الإسلامية بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- مباشرة عندما استلمَ أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- زمام الحكم وعُيِّنَ خليفةً للرسول -عليه الصلاة والسلام-، والفتوحات الإسلامية بتعريفها العام هي المعارك والحروب التي خاضها المسلمون من أجل نشر الإسلام والحفاظ على الدولة الإسلامية من كيدِ الأعداء والكفار، فمنذ عهد أبي بكر -رضي الله عنه- بدأت سلسلة الحروب ضدَّ الإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية البيزنطية والقوط وغيرهم من الأقوام واستمرَّت تلك الحروب حتى سقوط الخلافة العثمانية في القرن العشرين ولم تتوقف رغم كثير من الدول التي تعاقبت على حكم العالم الإسلامي، إلا أنَّها كانت تعاني في بعض الأحيان من بعض الجمود بسبب الحروب الداخلية ثمَّ لا تلبثُ أن تعود بشكل أقوى بعد أن تتمَّ تسوية أوضاع البلاد وتوطيد أركان الحكم وجمع المسلمين على كلمة واحدة.[٤]
الفتوحات في بلاد الشام
قبل أن يتمَّ العروج على أحداث فتح حلب سيُشار إلى بداية الفتوحات الإسلامية والحملات العسكرية التي قادها المسلمون في منطقة بلاد الشام، حيثُ تعبَّر فتوحات بلاد الشام عن سلسلة المعارك العسكرية والحروب التي خاضها المسلمون ضدَّ البيزنطيين ومن والاهم من القبائل العربية وغيرها منذ عام 633م وحتى عام 640م والغاية من تلك الحروب هو فرض بسط سيطرة المسلمين على الشام أو ولاية سوريا الرومانية كما كانت تسمَّى في ذلك العصر، بدأت تلك الفتوحات في عهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- بشكل فعلي بعد الانتهاء من حروب الردة إلا أنَّ مقدمات الصراع بين الدولة البيزنطية والمسلمين كان قد بدأ سابقًا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة مؤتة التي وقعت في عام 629م، لكنَّ المعارك الحاسمة التي فتحت بلاد الشام وأخضَعَتها بالكامل لسلطان المسلمين كانت في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ومن أشهر معارك الشام التي انتصر فيها المسلمون معركة اليرموك، فقد أحرزَ المسلمون فيها انتصارًا عظيمًا مزَّق جيوش بيزنطة وشتتها ومهَّد لعهد جديد في بلاد الشام وأصبحت البلاد كلها لقمة سهلة في قبضة المسلمين، وأمَّا القادة الذين أُوكِلت إليهم مهمة قيادة الجيوش في تلك المعارك فكانوا: أبو عبيدة بن الجراح، خالد بن الوليد، يزيد بن أبي سفيان -رضي الله عنهم جميعًا-، وقد انتهت سلسلة المعارك هذه بإخراج البيزنطيين من الشام وضمِّها بالكامل إلى أراضي المسلمين.[٥]
فتح حلب
جرت أحداث فتح حلب في عام 637م حيثُ بدأت في شهر حزيران واستمرَّت حتى شهر تشرين الأول من نفس العام، وقد كانت بين جيش المسلمين من جهة بقيادة أبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه-، وبين جيوش الدولة البيزنطية وحلفائهم الغساسنة، وقد تولَّى قيادة الجيوش الإسلامية على الأرض في ميدان المعركة عياض بن غنم، أمَّا الصحابي الجليل خالد بن الوليد -رضي الله عنه- فقد كان على الخيل مع الجنود في هذه المعركة، فبعدَ أحداث معركة اليرموك توجَّهت أنظار المسلمين إلى قلب سوريا، فبدأوا بغزو المدن الصغيرة والكبيرة التي باتت تسقط الواحدة تلو الأخرى بكل سهولة، وفي مدينة قنسرين اجتمعَ جيش أبي عبيدة بن الجراح وجيش خالد بن الوليد وبعد فتحها توجَّها معًا لفتح مدينة حلب وقد كان بها حاميَّة ذات قوة عسكرية بيزنطية لا يُستهان بها بقيادة يواخيم، وكانت مدينة حلب محاطة بالأسوار وفيها حصنٌ منيعٌ لصدِّ الغزاة.[٦]
أحداث فتح حلب
توجَّه جيشا خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح إلى شمال بلاد الشام قاصدين مدينة حلب، وفي تلك الأثناء كانت الأنباء قد وصلت إلى القائد يواخيم، فأرادَ أن يجعلَ المعركة خارج المدينة ليقلبَ المعركة لصالحه، فخرجَ من مدينة حلب والتقى معَ سرية الخيَّالة التي تتحرك بسرعة والتي بلغ عدد جنودها 17 ألف مقاتل، واشتبكَ الطرفان في معركة مفتوحة شرسة، وحقق فيها المسلمون انتصارًا عظيمًا على جيش يواخيم وانكسر الروم وتراجعوا إلى المدينة بعد أن خسروا أكثرمن ألفي مقاتل في تلك المعركة، وآثر عندها يواخيم أن يتحصَّن داخل الحصن لحمايته ومنع المسلمين من الدخول، وفي أحداث فتح حلب تابع الجيش الإسلامي زحفه إلى المدينة وفرضَ عليها حصارًا في ذلك الوقت، وبسبب صلابة القائد يواخيم وحكمته صبرَ على الحصار طويلًا وحاول أن يكسره عدَّة مرات لكنه لم ينجح في ذلك، وتكبَّد خسائر كبيرة في محاولاته تلك، وطال انتظار البيزنطيين راجينَ أن يرسلَ إليهم هرقل الإمدادات لمساعدتهم وإنقاذهم مما هم فيه وفكٍِّ الحصار عنهم، لكنَّ هرقل لم يرسل أي مساندة، وفي شهر تشرين الأول من عام 637م استسلم الجيش البيزنطي وسمحَ لهم المسلمون بالرحيل، لكنَّ القائد يوخيم رفضَ المغادرة واختار أن يدخل الإسلام وقاتل تحت راية التوحيد، وبذلك تمَّ فتح مدينة حلب وأصبحت تحت حكم المسلمين منذ ذلك الوقت.[٦]المراجع[+]
- ↑ سورة الحج، آية: 39.
- ↑ سورة الانفال، آية: 39.
- ↑ "القتال في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "الفتوحات الإسلامية"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 14-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "الفتح الإسلامي للشام"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "فتح حلب"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-07-2019. بتصرّف.