قصة الحمار الذي وقع في البئر
قصة الحمار الذي وقع في البئر
كان يا ما كان في قديمِ العصر والزمان، كان هناك قريةٌ نائيةٌ وبعيدةٌ عن كلّ أشكال الضجيج، فقد كان يعمّها الهدوء والتعاون بين أفراد أهلها، وكان أهل هذه القرية يحبون بعضهم بعضًا إذ كانوا طيّبي القلب، فلا يُؤذي أحدهم الآخر أبدًا، وكان معظمهم يعمل في الزراعة ونقل البضائع إلى القرى الأخرى، فقد كانوا يملكون الحمير والأحصنة لنقل منتجاتهم.
كان أهل هذه القرية يعتمدون على الآبار لسدّ احتياجاتهم من الماء، وكان أهل هذه القرية جميعًا يتساعدون بحفر البئر الجديد بعد أن يجف البئر القديم، فقد كان يمدهم بالماء لمزروعاتهم ولسقاية حيواناتهم، بالإضافة لمائهم من أجل الطبخ وتنظيف الثياب، وكانت مياه البئر لذيذةً وباردة، واتفقوا على رَدم البئر القديم بعد عدّة أيّام، وهم يتسامرون بقصة الحمار الذي وقع في البئر الجافة السنة الماضية، وفي يومٍ صيفي حار وضع الفلاح بضاعته على ظهر حماره العجوز فوقَعَ على الأرض؛ لأنّه أصبح عجوزًا غير قادر على حمل أمتعة الفلاح.
حزم الفلاح أمتعتَه وأخذ الحمار العجوز ووضعه بالإسطبل، ولكنّه نسي أن يضعَ له الماء لأنّه تأخر على عمله بنقل البضائع وتسليمها، وذهب مسرعًا دون أن يلتفت لعطش الحمار، بدأ الحمار بإصدار الأصوات عاليًا للتعبير عن عطشه وألمه، ولكنه لم يجد أحدًا يستمع لصريخه وتوسلاته، وبعد فترة قصيرة استطاع الحمار أن يهرب من الإسطبل باتجاه البئر ليروي عطشه، وسار باتجاه البئر القديم وحاول أن يشرب منه ولكن ولأنه جاف أنزل الحمار نصفه العلوي كله علَّه يصل للماء فوقع الحمار في البئر، وبدأ بالاستغاثة والنهيق على أمل أن يسمعه أحدٌ من أهل القرية.
سمعَ أهل القرية صوت الحمار وتجمّعوا حول البئر وهم يتهامسون ويسترجعون قصة الحمار الذي وقع في البئر، وكم استهلك منهم الوقت والجهد والمال لإخراجه من البئر، انتظر أهل القرية حتى رجع صاحب الحمار الذي وقع في البئر كي يستشيروه ويسألوه عن الحل وما العمل من أجل حماره، وعند المغيب عاد صاحب الحمار وزف له أهل القرية نبأ حماره وماذا حدث معه، فقال صاحب الحمار: لا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم، ما العمل الآن! فأشار عليه أحد الشباب بإنقاذ الحمار، فقال صاحب الحمار الذي وقع في البئر، ولكن الحمار أصبح عجوزًا وغير مفيد وأرى من الخطأ أن أتكلف عليه المال والجهد والوقت من أجل إنقاذه.
بعد المشاورات والمباحثات أتفقوا جميعًا على رَدم هذا البئر والحمار بداخله لأنّه أصبح بلا فائدة، وأصمّوا آذانهم عن استغاثات وصوت الحمار الذي وقع في البئر، وبدأ الأهالي بردم البئر وأثناء ردمه توقّف صوت الحمار عن النهيق والاستغاثة، وإذ بالحمار يبتعد عن التراب الذي يرمونه في البئر ويقفز فوقه، ثمّ يبتعد مرة أخرى عن الكمية الثانية التي يرمونها في البئر ليرجع ويقفز فوقها.
وبقي الحمار الذي وقع في البئر على هذه الحال، وهو يقترب رويدًا رويدًا من سطح البئر، إلى أن وصلَ الحمار لسطح البئر وقفز من البئر سعيدًا مسرورًا لنجاته، أمّا صاحب الحمار فبدأ بالبكاء خجلًا من نفسه لأنّه لم يحترم خدمة الحمار الطويلة له ولم يرد له الجميل بإنقاذه، إنما أراد دفنه ليتخلص من تكاليفه، فعلى الإنسان أن يحترم من قدّم له معروفًا في يومٍ ما، وأن يكافئه بالمثل.