تأملات في سورة النور
سورة النور
سورة النّور من السور التي نزلت على النّبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الهجرة النبوية إلى المدينة المنوّرة، وهي السورة الرّابعة والعشرين من إجمالي سور القرآن الكريم البالغ عددها مائةً وأربعة عشر سورة، ويبلغ عدد آياتها أربعًا وستّين آية، وتقع في الجزء الثّامن عشر من أجزاء القرآن الكريم، ويعود سبب تسميتها لما فيها من أضواء ربّانية في تشريع الأحكام والآداب والأمور الدنيوية وقد عدّها الفقهاء قبسًا من نور اللّه أنزلها رحمةً بعباده، وقيل أنّ سبب تسميتها كان بسبب ذكر الله -جلّ وعلا- للفظ النّور فيها وذلك في قوله: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}،[١]وسيسلط هذا المقال الضوء على بعض ما جاء من تأملات في سورة النور مع التطرق إلى الأحكام التشريعية المذكورة فيها.[٢]
تأملات في سورة النور
سورة النور من السور التي تحمل في طيّاتها الكثير من المعاني والأحكام والحديث عن تأملات في سورة النور يطول شرحه، لذا سيتم التطرق إلى التأملات واللمسات البيانيّة في الآية التي كانت سببًا في تسمية هذه السورة الكريمة، فقد قال تعالى في محكم كتابه: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}،[١]فالمعنى العام لهذه الآية هو أنّ الله -جلّ وعلا- هو الهادي لأهل السماوات والأرض وأنّ نوره فيهما هو الدرب المنير الذي يجب على سائر الكون الاقتداء به.[٣]
يجب في مستهل بيان تأملات في سورة النور في هذه الآية الكريمة توضيح معاني كلماتها، فإنّ الله تعالى يضرب مثلًا توضيحيًا تشبيهًا لنوره، فنوره -جلّ وعلا- هو كالمصباح في المشكاة والمشكاة هي فرجةٌ أو كوّةٌ في الحائط لا منفذ لها، وقد وصف الله تعالى هذا المصباح الموجود في المشكاة بأنّه مصباحٌ موضوعٌ في زجاجةٍ مصنوعة من الدّر والجواهر يبدو لناظرها أنّها كوكبٌ مضيءٌ ضخمٌ وساطع، يوقد هذا المصباح من زيت شجرة الزيتون، وحتى أنّ الله تعالى ميّز هذه الشجرة بأنّها شجرةٌ مزروعةٌ في مكانٍ يصله نور الشمس طيلة النهار، فلا هي شرقيةٌ يصلها ضوء الشمس صباحًا فقط ولا هي غربيةٌ لا يصلها نور الشمس إلّا مساءً، ويُعرف أنّ زيت مثل هذه الزيتونة هو من أصفى الزيوت وأنقاها حتى أنّه يكاد أن يضيء دون أن تمسسه النار.[٣]
ويأتي تشبيه نور الله تعالى بأنّ النور في تلك المشكاة هو إنارةٌ مضاعفة فيكون فيها نور المصباح ونور الزجاجة ونور الزيت، ليكون النور نورًا على نور، فالأرض والسماوات وسائر الكون هو بالنسبة لنور الله -جلّ وعلا- هو تلك المشكاة ونوره يضيئ ويسطع فيها حتى ينير أدّق تفاصيلها، فالله تعالى قد ضرب لنوره مثلًا من هذه المشكاة ونورها حتى تستطيع أذهان بني البشر تخيّله، وتكمن في طيّات هذا المثل أنّ من عرف الله فقد أُنيرت حياته ومن ابتعد عنه لم يبصر في بُعده عن الله شيئًا، والله تعالى أعلم.[٣]
الأحكام التشريعية في سورة النور
بيّن الله تعالى في سورة النور الكثير من الأحكام والتشريعات للمسلمين، كما أنّه أمر المسلمين بالتقيّد بأحكام الدين الإسلاميّ واجتناب الكبائر، ومن يقع في الكبائر والمحرمات فقد أمر بإقامة الحدّ عليه وبيّن أمر الحدود في هذه السورة الكريمة، ومن بعض هذه الأحكام ما يأتي:[٤]
- أمر الله تعالى باجتناب الزنا وحرّمه على سائر المسلمين وأمر بجلد الزاني والزانية مائة جلدة إذا ثبت عليهم ذلك.
- حرّم الله قذف المحصنات -والقذف اتهام أحدهم بأنّه أتى الفاحشة- واعتبره من كبائر الذنوب، وقد أمر بجلد قاذف المحصنات ثمانين جلدةً إن لم يأتِ بأربعة شهودٍ يؤكدون كلامه.
- حرّم الله -جلّ وعلا- الزواج بالزاني أو الزانية إذا ثبت عليهم أمر الزنى ولم يتوبوا منه.
- أمر الله تعالى في سورة النور المسلمين بالاستئذان عند دخول بيوتٍ غير بيوتهم.
- أمر الله تعالى في هذه السورة الكريمة النساء المسلمات بالحجاب وستر عوراتهنّ وعدم إظهار زينتهن إلّا أمام أزواجهن أو أحد محارمهن.
المراجع[+]
- ^ أ ب سورة النور، آية: 35.
- ↑ "سورة النور"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "تفسير السورة "النور""، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-07-2019. بتصرّف.