سؤال وجواب

تأملات في سورة الفتح


سورة الفتح

سورة الفتح هي سورةٌ مدنيّة بكاملها، فهي من السور التي نزلت على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في السنة السادسة بعد الهجرة، مع أمين الوحي جبريل -عليه السلام- كغيرها من السّور، نزلت في وادي كُراع الغميم بين مكة والمدينة، عدد آياتها تسعٌ وعشرون آية، وهي في ترتيب القرآن الكريم الثالثة عشر بعد المئة، وهي من أحبّ السّور إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد قال فيها في الصحيح من الحديث، مخاطبًا سيدنا عمر -رضي الله عنه-: "لقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ، لَهي أحَبُّ إلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ ثُمَّ قَرَأَ: {إنَّا فَتَحْنَا لكَ فَتْحًا مُبِينًا}"،[١] وفي هذا المقال سيتمّ التطرّق إلى الحديث عن تأملات في سورة الفتح.[٢]

تأملات في سورة الفتح

من بديع إعجاز الله -سبحانه وتعالى- في قرآنه الكريم، أنّ كلامه لم يخلو من الإعجاز بجميع صوره، واختلاف أنواعه، وكانت له دومًا لمسات بيانيّة في كامل مواطنه، وقد ركّز الدكتور فاضل السامرائي على توضيح هذه اللمسات البيانية فيما فتحه الله عليه، ونزولًا عند فهم السورة، والخوض فيما ذكره الدكتور فاضل، سيتم ذكر تأملات في سورة الفتح فيما يأتي:

  • التناسب في سور القرآن الكريم في ترتيبها، مع مضمون ما نزلت به كل سورة، قال تعالى في أواخر سورة محمد قبل سورة الفتح: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}،[٣] ثم كانت بداية سورة الفتح بالنصر المبين، فالله غالبٌ على أمره، لا يخلف الميعاد، قال تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا}.[٤][٥]
  • في قوله تعالى: {وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّه}،[٦] واللمسة البيانية هي في ضمّ الهاء بعد حرف الجر على، وهي من لغة أهل الحجاز، وقد استخدم الضمّ هنا لبيان ثقل البيعة في الحديبية، فقد جاءت بالضمّة تناسبًا مع أثقل الحركات، ولتفخيم لفظ الجلالة، لتفخيم هذه البيعة وهذا العهد الذي عاهد به الله -جلّ في علاه-.[٧]

التأملات في سورة الفتح عديدة، فقد تناولت السورة الكريمة النصر المبين والفتح العظيم للمسلمين، بعد عناءٍ وصبرٍ عظيم، ومن الوقفات التدبريّة في معاني السوري أنّ الله لم يغلق أبواب رحمته أمام المشركين، فرحمته وسعت كل شيء، قال تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}.[٨]

صلح الحديبية

الخوض في الحديث عن التأملات في سورة الفتح، يستوجب ذكر صلح الحديبية وبيعة الرضوان التي حدثت قبل فتح مكة، في العام السادس للهجرة في شهر شوال، بين كفار قريش والمسلمين، وذلك بعد أن أعلن رسول الله مع ألفٍ وأربعمئةٍ من المسلمين مسيرهم إلى مكّة المكرّمة لأداء مناسك العمرة، لا يقصدون قتلًا ولا حربًا، ولا يحملون سلاحًا، فجمعت لهم قريش تريد قتلهم، فلما نزل النبيّ في الحديبية بعث عثمان بن عفان إلى قريش ليخبرهم مبتغاهم، فلما بلغ عثمان قريشًا احتجزوه، فشاع بين المسلمين أنّه قد قتل، وعندها دعا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين إلى البيعة، فكانت بيعة الرضوان.[٩]

بايع المسلمون رسول الله على الثبات وعلى ألا يفرّوا، فأرسلت قريش رسولًا ينظر أمر المسلمين، فرأى من الجلال والعظمة من المسلمين ما كتب له الله أن يراه، وعاد إلى قريش يحثّهم على قبول دعوة الصلح، فسارعت قريش إلى قبول الصلح، وكانت من شروط الصلح، أن يرجع المسلمين في ذلك العام ولا يعتمروا، وأن تستمر الهدنة حتّى عشر سنين بين المشركين والمسلمين، دون أن يتعرّض أحدهم على الآخر، فلما فرغوا أبدى المسلمون حزنهم، ثمّ فيما بعد نزلت سورة الفتح، والتي انتظرها الرّسول وأصحابه مبشرّةً بالفتح القريب.[٩]

المراجع[+]

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 4177، صحيح.
  2. "سورة الفتح "، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-07-2019. بتصرّف.
  3. سورة محمد، آية: 35.
  4. سورة الفتح، آية: 01.
  5. "تناسب سور القرآن – محمد والفتح والحجرات"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-07-2019. بتصرّف.
  6. سورة الفتح، آية: 10.
  7. "أسباب ضم هاء (عليه الله) في سورة الفتح .فاضل السامرائي"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-07-2019. بتصرّف.
  8. سورة الفتح، آية: 14.
  9. ^ أ ب "صلح الحديبية"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 25-07-2019. بتصرّف.