تأملات في سورة العلق
سورة العلق
اختلف العلماء حول أوائل ما نزل من القرآن الكريم وأواخره، إلّا أنّ وقفةً مع تأمّلاتٍ في سورة العلق يمكن لها أن تقع على الرّأي الأرجح بهذه المسألة، حيث قيل إنّ أوّل ما نزل من محكم آيات الذّكر الحكيم هي الآيات الخمسة الأولى من سورة العلق، واستدلّ العلماء على ذلك بحديث عائشة -رضي الله عنها- والذي رواه الشيخان: "فجاءه المَلك فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}"[١]، وقال النّوويّ: هذا حديثٌ صريحٌ في أنّ أوّل ما نزل من القرآن الكريم هو قوله -تعالى- {اقْرَأْ} وهو الصّواب الذي أجمع عليه الجّماهير من السّلف والخلف.[٢]
تأملات في سورة العلق
أوّل آيات نزول القرآن الكريم هو ما يتمّ الحديث عنه الآن، فلا بدّ من التفكّر والتدبّر بها، والسّؤال: ماذا أراد ربّ السّماوات والأرض من أوّل آياتٍ خاطب فيها النبيّ المصطفى -عليه الصّلاة والسّلام-؟؛ لذا ستكون الوقفة مع تأمّلاتٍ في سورة العلق، علّها تجيب عن تساؤلاتٍ تتبادر إلى الأذهان لحظةَ قراءة آيات هذه السّورة الكريمة، والبداية ستكون مع الآيتين الكريمتين: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ}[٣]، السّؤال هنا: لماذا كرّر الله -تعالى- الفعل خلق؟ الإجابة تكون كما يأتي: ذكرُه -جلّ وعلا- لفعل اقرأ في المرّة الأولى هو عامٌّ لكلّ مخلوقٍ، أمّا في المرّة الثّانية فهو خاصٌّ بالإنسان، وجاء هذا التّخصيص للبعُد ما بين أوّل أحوال الإنسان وآخرها.[٤]
إذا وصل القارئ إلى قوله -تعالى-: {اقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ}[٥]، وبعده: {اقرأ وَرَبِّكَ}[٦]، وكذلك: {الَّذِي خلق}[٧]، وبعده: {خلق}[٨]، ومثله {عَلَّمَ بالقلم}[٩]، و{عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يعلم}[١٠]؛ نلاحظ أنّ ذكر الله -تعالى- لهذا التّرتيب كان بسبب أَنَّ قوله: {اقْرَأْ} مطلقٌ فقام بتقييده بالثَّاني، وأنّ قوله: {الَّذِي خَلَقَ} المقصود به عامٌّ، فقام بتخصيصه بما بعده، ثمّ قال: {عَلَّمَ} والمقصود هنا مبهمٌ فأتبعه بقوله: {عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يعلم} تفسيرًا له، والله -تعالى- أعلم. وهكذا تكون قد تمّت الإجابة عن جانبٍ من تأملاتٍ في سورة العلق.[٤]
ما هو العلق
بعد الحديث عن جانبٍ من تأمّلاتٍ في سورة العلق ربّما سيسأل سائلٌ ما هو العلق الذي أفرده الله -تعالى- بسورة خاصّةٍ في كتابه الكريم وسمّاها باسمه؟؛ لذا سيتمّ ذكر لمحةٍ تعريفيّةٍ بسيطةٍ عنه تلقي الضوء على هذا المخلوق فيما يأتي: العلق هو كائنٌ طفيليٌّ يشتمل على ستّمئة نوعٍٍ، جسمه مضغوطٌ، له ألوان متعدّدة منها: الأخضر والبنّيّ والأسود والأحمر، وعند الإمعان بالنّظر إلى جلده يُلاحظ أنّ به تثنياتٍ عرضيّةً دائريّةً تمتدّ على طول جسمه الذي يتراوح بين سنتميتر واحدٍ إلى خمسة عشر سنتيمترًا، له في مقدّمة رأسه عيونٌ مرتّبةٌ بشكلٍ زوجيٍّ تتراوح أعدادها تبعاً لكل نوع علقٍ بين الأربعة والعشرة، وتتحرّك العلقة عن طريق انتقال جسمها بشكلٍ حلقيٍّ باستخدام حلقتي التصاقٍ قمعيّتين لهما شكل فم سمكةٍ صغيرةٍ أحدهما أماميّةٌ والأخرى خلفيّةٌ.[١١]المراجع[+]
- ↑ سورة العلق، آية: 1-5.
- ↑ "أول ما نزل من القرآن"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-07-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة العلق، آية: 1-2.
- ^ أ ب "سورة العلق - كتاب الحاوي في تفسير القرآن الكريم"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-07-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة العلق، آية: 1.
- ↑ سورة العلق، آية: 3.
- ↑ سورة العلق، آية: 1.
- ↑ سورة العلق، آية: 2.
- ↑ سورة العلق، آية: 4.
- ↑ سورة العلق، آية: 5.
- ↑ "علقة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 28-07-2019. بتصرّف.