نبذة عن امرئ القيس الكندي
محتويات
شعراء الجاهلية
يُعدُّ العصر الجاهلي أحد أبرز عصور الأدب في تاريخ الأدب العربي، فهو أقدم عصر وصلتْ نصوص أدبائه وشعرائه وبقيت حتَّى هذا العصر، وجدير بالذكر أنَّ كثرة شعراء العرب في الجاهلية لم تكن كثرة من غير منفعة، بل كانت كثيرة غنيَّة بالشعر والأدب، فهم مشاعل النور الأولى التي أنارت طريق الشعر العربي ووصلتْ بها إلى العالمية، فما زال العالم يسمع عنهم ويحتفي بكلامهم وشعرهم وأدبهم، ومن أبرز شعراء الجاهلية: الأعشى، النابغة الذبياني، امرؤ القيس، عنترة بن شداد، الحارث بن حلزة اليشكري، طرفة بن العبد وغيرهم، وفي هذا المقال نبذة عن امرئ القيس الكندي أول من وقف واستوقف على الأطلال من شعراء العرب في التاريخ.
نبذة عن امرئ القيس الكندي
يمكن القول في نبذة عن امرئ القيس الكندي، إنَّ امرأ القيس هو جندح بن حُجر بن الحارث الكندي، المولود في نجد عام 500 ميلادية، وهو أحد أشهر شعراء العرب في الجاهلية إن لم يكن أشهرهم وأشعرهم أيضًا، وقد اختلفتِ المصادر التاريخية في تسمية امرئ القيس الكندي، فقيل: هو جندح وحندج ومليكة وعدي، وهو من قبيلة كندة لذلك يُلقَّب بالكندي، وقد لُقِّب امرؤ القيس القيس الكندي بالملك الضليل وذي القروح، وكان يُكنَّى بأبي وهب وأبي زيد وأبي الحارث على اختلافات الروايات التاريخية، وقد نشأ امرؤ القيس الكندي في نجد، وعاش في بدايات حياته في الترف واللهو والشرب فهو ابن حجر الكندي ملك بني أسد؛ لذلك نشأ كأولاد الملوك في ترف وضياع ولهو.[١]
وقد قال امرؤ القيس الكندي الشعر وهو فتًى، وكان شديد الفحش في غزله وشعره، يسرد قصصه الغرامية مع النساء بمجون منقطع النظير، مما أثار غضب والديه عليه فطرده أبوه إلى حضرموت حيث يعيش أخواله آملًا أن يرتدع ويرجع عن هواه ومجونه، ولكنَّ امرأ القيس استمرَّ على ما هو عليه من الضلال، فكان صعلوكًا يتسكع بين بلاد العرب يصيد ويغير على القبائل ويسلب متاع الناس، ولهذا لُقِّب بالملك الضليل، وقد بقي امرؤ القيس على ما هو عليه حتَّى بلغه مقتل والده، فقال قولته الشهيرة: "طردنِي أبي صغيرًا وحمّلنِي دمَهُ كبيرًا، لا صحوةَ اليومَ ولا سكرَ غدًا، اليوم خمرُ وغدًا أمر"، وقام يحاول الثأر لواله من قاتليه حتَّى وصل به الأمر للاستنجاد بملك الروم يوستنيانوس قيصر، فمات في بلاد الروم عام 540م ملكًا ضليلًا بعد أن تقرَّح جسمه فُسمِّي بذي القروح.[٢]
معلقة امرئ القيس الكندي
بعد أخذ نبذة عن امرئ القيس الكندي، جدير بالقول إنَّ معلقة امرئ القيس هي أشهر شعره وأشهر شعر العصر الجاهلي كلِّه، وهي قصيدة جاهلية وقف بها امرؤ القيس على الأطلال فكان أول الشعراء وقوفًا، وبكى فكان أولهم بكاءً على طلل، واستبكى فكان أولهم من يبكي من حوله أيضًا، في هذه المعلقة من المجون ما فيها، وفيها من الترف ما فيها، ولكنَّها قصيدة عصماء، رقيقة النسيب دقيقة الوصف، برع فيها شاعرها بالتصوير، فأبهر وأمتع وأقنع، وهي مكتوبة على البحر الطويل تتألف من ثمانين بيتًا شعريًا، وقد تُرجمتْ هذه القصيدة اللغة الفرنسية والروسية، ويقول امرؤ القيس الكندي في مطلعها:[٣] قفا نبكِ من ذِكرى حبيبٍ ومنزلِ
- بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخولِ فحَوْملِ
فتوضِحُ فالمقراةُ لم يَعفُ رسمُها
- لِمَا نسجتْها من جَنُوب وَشَمْأَلِ
ترى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها
- وقيعانُها كأنَّهُ حبَّ فلفلِ
كأني غَداةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلوا
- لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ
وُقوفًا بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ
- يقُولون لا تهلكْ أسًى وتجمّلِ
وإنَّ شفائي عبرةٌ مهراقةٌ
- فهلْ عند رَسمٍ دارِسٍ من مُعوَّلِ
- فهلْ عند رَسمٍ دارِسٍ من مُعوَّلِ
نهاية امرئ القيس الكندي
لم يعش امرؤ القيس الكندي حياة طويلة السنين، بل عاش حياة طويلة الأحداث، فبعد أن جاءه خبر مقتل والده الملك الكندي حجر، طوَّف امرؤ القيس في البلاد يجمع الناس حوله ليأخذ ثأر أبيه من قتلته، ثمَّ وبعد أن زار معظم أمصار العرب، ارتحل إلى بلاد الروم إلى القسطنطينية وطلب العون من قيصر الروم، وهنا تقول الروايات إنَّ امرأ القيس أصابه مرض الجدري في بلاد الروم فتعب جسده وأنهكت قوته ولقي حتفه في أنقرة في عام 540م على الرأي الراجح، وقبر امرئ القيس الكندي موجود في أنقرة في تركيا اليوم في تلة اسمها هيديرليك وهي الرواية الأولى.[١]
أما الرواية الثانية فتقول إن إمبرطور الرومان غضب من امرئ القيس بسبب إغرائه إحدى أميرات الإمبراطور، فأرسل إليه سترة مسمومة قدمَها إليه هدية زائفة، فلما لبسها امرؤ القيس اشتدّ به المرض بسبب السُّمّ ومات متأثرًا بمرضه وهو في طريقه من بلاد الروم إلى بلاد العرب، فمات عام 540م، والله أعلم.[١]
شعر امرئ القيس الكندي
في ختام نبذة عن امرئ القيس الكندي، لا بدَّ من تسليط الضوء على نتاج هذا الشاعر الجاهلي الفحل، وهذا الشاعر العربي الذي سنَّ سنَّة الوقوف على الأطلال وبكاؤها في غالب الظن، ومن النقاد من يقول إنَّ أول من وقف على طلل وبكاه هو ابن حزام الذي يذكره امرؤ القيس في أحد قصائده، وفيما يأتي بعض من بكائيّات امرئ القيس الكندي على الأطلال:
- يقول امرؤ القيس في إحدى قصائده:[٤]
أَمِن ذِكرِ سَلمى إِذ نَأَتكَ تَنوصُ
- فَتَقصِرُ عَنها خُطوَةً وَتَبوصُ
وَكَم دونَها مِن مَهمَهٍ وَمَفازَةٍ
- وَكَم أَرضُ جَدبٍ دونَها وَلُصوصُ
تَراءَت لَنا يَوماً بِجَنبِ عُنَيزَةٍ
- وَقَد حانَ مِنها رِحلَةٌ فَقُلوصُ
- ويقول امرؤ القيس أيضًا:[٥]
بَكى صاحِبي لَمّا رَأى الدَربَ دونَهُ
- وَأَيقَنَ أَنّا لاحِقانِ بِقَيصَرا
فَقُلتُ لَهُ لا تَبكِ عَينُكَ إِنَّم
- نُحاوِلُ مُلكًا أَو نَموتَ فَنُعذَرا
وَإِنّي زَعيمٌ إِن رَجِعتُ مُمَلَّكٌ
- بِسَيرٍ تَرى مِنهُ الفُرانِقَ أَزوَرا
عَلى لاحِبٍ لا يَهتَدي بِمَنارِهِ
- إِذا سافَهُ العَودُ النُباطِيُّ جَرجَرا
- ومن شعر امرئ القيس الكندي أيضًا:[٦]
قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَعِرفانِ
- وَرَسمٍ عَفَت آياتُهُ مُنذُ أَزمانِ
أَتَت حُجَجٌ بَعدي عَلَيها فَأَصبَحَتْ
- كَخَطِّ زَبورٍ في مَصاحِفِ رُهبانِ
ذَكَرتُ بِها الحَيَّ الجَميعَ فَهَيَّجَتْ
- عَقابيلَ سُقمٍ مِن ضَميرٍ وَأَشجانِ
- ويقول أيضًا:[٧]
تَبيتُ لُبونى بِالقُرَيَّةِ أُمُّنًا
- وَأَسرَحَنا غَبًّا بِأَكنافِ حائِلِ
بَنو ثُعَلٍ جِيرانُها وَحُماتُهُ
- وَتَمنَعُ مِن رُماةِ سَعدٍ وَنائِلِ
تُلاعِبُ أَولادَ الوُعولِ رِباعُهُ
- دُوَينَ السَماءِ في رُؤوسِ المَجادِلِ
المراجع[+]
- ^ أ ب ت "امرؤ القيس"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "امرؤ القيس"، www.al-hakawati.la.utexas.edu، اطّلع عليه بتاريخ 28-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "امرؤ القيس"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 28-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "أمن ذكر سلمى إذ نأتك تنوص"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-07-2019.
- ↑ "سما لك شوق بعدما كان أقصرا"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-07-2019.
- ↑ "قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَعِرفانِ"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-07-2019.
- ↑ "فدع عنك نهباً صيح في حجراته"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-07-2019.