نظام المرافعات السعودي
محتويات
نظام المرافعات
إنّ نظام المرافعات من الأنظمة الشكليّة التي تبيّن الإجراءات المتبعة أمامَ المحاكم منذ لحظة تحريك الدعوى إلى حين الفصلِ بها والوصول إلى الحقيقة، ويعدّ نظام المرافعات السعودي من الأنظمة التي تستند في أحكامها إلى مبادئ الشريعة الإسلامية، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}[١]، وفي ذلك سيتم بيان نظام المرافعات السعودي، ومصادره، وضوابط مرجعية الأحكام القضائية، والأثر الفوري لأحكامه.
نظام المرافعات السعودي
إنّ هدف نظام المرافعات السعودي هو إيصال الحقوق إلى أصحابها، ويعد التقاضي الطريقة التي يلجأ إليها أطراف الخصومة لحل النزاعات المتعلقة بحقوقهم، وبالتالي فإن القاضي يجب عليه أن يقرر الحق وأن يرده إلى صاحبه بناءًا على وقائع الدعوى، ويعدّ نظام المرافعات الطريق الوحيد الذي يبين الإجراءات المتعبة أمام القضاء، فبموجب هذا النظام يتم تأمين طرق فعّالة لردّ الحقوق إلى أصحابها بعد أن أنكرها المدين، وبالتالي فإنّ صاحب الحق يتمكن من استرداد حقه أمام الجهات القضائية.
إذن، كلما ضبطت قواعد المرافعات انتشر السلام في البلاد وقام الناس بتأدية ما عليهم من واجبات؛ لأنه إذا لم تُؤدَّ هذه الحقوق طوعًا سيتم تأديتها كرهًا عن طريق القضاء، حيث تبيح قواعد المرافعات لصاحب الحق أن يلجأ إلى السلطات العامة لإجبار المدين على القيام بما حكم عليه.[٢]
ومن خلال ذلك تظهر أهمية نظام المرافعات في تحريك السلطة العامة لمصلحة الفرد ومساعدته للوصول إلى حقوقه دون أي عواقب، ويعد أيضًا نظام المرافعات السعودي أحد الضمانات لحفظ حقوق المتقاضيين مما يكفل حسن سير قواعد العدالة، وذلك من خلال إتاحة الفرصة للدفاع الكامل ومواجهة كل خصم بأدلة خصمه، وإعطاء الخصوم الوقت الكافي لتحضير دفوعهم ودفاعهم، ويمنح نظام المرافعات القاضي فترة زمنية مناسبة لتفحص الدعوى والإطلاع على كل بينة تتعلق بها، للوصول إلى حكم أقرب إلى الحقائق بناءً على الأدلة المتوفّرة.[٢]
مصادر نظام المرافعات السعودي
استمدّ المشرع من قواعد الشريعة الإسلامية مصادر نظام المرافعات أمام القضاء، وأول هذه المصادر كتاب الله عز وجل وهو القرآن الكريم، ثم سنة خير الخلق سيدنا محمد صل الله عليه وسلم، ومن ثم ما يصدر عن ولي الأمر من أنظمة وتعليمات وقرارات لا تتعارض تحت أيّ ظرف من الظروف مع قواعد الشريعة الإسلامية، وعلى القاضي وجميع الخصوم التقيد بهذا الترتيب عند الترافع، ويعد نظام المرافعات السعودي من الأنظمة الأساسيّة التي تتضمن العديد من القواعد التي من الممكن أن ترقى إلى مبدأ أساسي يحكم عمل القاضي.[٣]
وقد يطلق عليه القواعد العامة للنظام الإجرائي في الدولة، ويكون المبدأ عند اتخاذ انظام المرافعات قاعدة لجميع الأنظمة الإجرائية هو صلاحية الأنظمة المحاكم وهي أحكام الشريعة الإسلامية، وتعدّ هذه الأحكام القرآن الكريم والسنة النبوية وجميع الأنظمة المرعية في المملكة السعودية فيما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وفيما يأتي ضوابط مرجعية الأحكام القضائية:[٤]
- الإحتكام إلى الشرع واجب على كل مسلم ومسلمة: فالإحتكام إلى الشريعة الإسلامية فرض على كلّ مسلم ومسلمة حاكم ومحكوم، قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[٥]، فالرجوع إلى الشريعة الإسلامية واجب، والإعراض عنه والأخذ بالقانون الوضعي يعد من الضلال، قال تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[٦].
- الذي جرى عليه العمل في محاكم المملكة: الأخذ بما هو منصوص عليه في كتاب الله ثم سنة نبيه، أما في المسائل الإجتهادية، يؤخذ بما هو معمول به في المحاكم، ثم المشهور في المذهب الحنبلي، ويجوز العدول إلى غير المشهور بأسباب يقررها القاضي.
- عند خلو النازلة عن قول المجتهد: فعلى القاضي أن يجتهد بنفسه بطرق الإجتهاد المنصوص عليها في كتاب الله وسنة نبيه والقياس وأصول الإستدلال الأخرى والسوابق القضائية.
- العمل بالأنظمة المرعية: وهي التي تصدر عن ولي الأمر أو من ينيبه حسب الاختصاص بما يحقق حماية الضروريات الخمس، ويوافق الشريعة الإسلامية وقواعدها العامّة.
- على القاضي التقيد بالنظام الإجرائي عند نظر الدعوى والسير بها: إن الإهتمام بالنظام الإجرائي والأخذ به هو أمر مقرر به عند السلف، ولذلك نصت كتب الفقه على أحكام خاصة بالقضاء، كإحضار الخصوم، وسماع الدعوى، والسير بها، وإلى غير ذلك من الإجراءات منذ لحظة تحريك الدعوى إلى حين الفصل بها.
الأثر الفوري لنظام المرافعات السعودي
أيّ إجراء من إجراءات المرافعات نُفِّذَ في ظل نظام المرافعات المعمول به يعد صحيحًا، فالأصل أن الإجراءات من حيث صحتها وبطلانها تخضع لنظام المرافعات الذي نشأت في ظله، فلو صدر إجراء صحيح في ظل نظام سابق، ثم صدر نظام مرافعات أبطل ذلك الإجراء، فيبقى الإجراء صحيحًا ولا يبطل، وبالعكس، لو صدر ذلك الإجراء باطلًا وعَدّه النظام الجديد صحيحًا فإنه يظل باطلًا لأنه نشأ بالأساس باطلًا وذلك وفقًا للقواعد العامة، وهذا ما يسمّى بالأثر الفوري لنظام المرافعات السعودي.[٧]المراجع[+]
- ↑ سورة النساء، آية: 59.
- ^ أ ب عبدالحميد أبو هيف (2016)، المرافعات المدنية والتجارية (الطبعة الأولى)، مصر: مكتبة الوفاء القانونية، صفحة 31. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد الفوزان (2009)، الوسيط في نظام المرافعات الشرعية السعودي (الطبعة الأولى)، الرياض-السعودية: مكتبة القانون والاقتصاد، صفحة 27-28، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبدلله آل خنين (2012)، الكاشف في شرح نظام المرافعات السعودي (الطبعة الخامسة)، الرياض-السعودية: دار ابن فرحون، صفحة 13-17، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 65.
- ↑ سورة المائدة، آية: 45.
- ↑ عبدالمنعم جبرة (1975)، مبادئ المرافعات، القاهرة: دار النهضة العربية، صفحة 23. بتصرّف.