سؤال وجواب

نظرية المجتمع الجماهيري


مفهوم المجتمع الجماهيري

المجتمع واسع ومنظّم، ويتّجه في تطوّره إلى مزيد من التعقيد، هاتان الملاحظتان هما الأساس الذي اعتمد عليه مؤسّسو علم الاجتماع في تطوره، كما أنّ التأملات حول طبيعة النظام الاجتماعي -مثل الأسلوب المُتَبَع في التغيير أو الكيفية في التحسين- هي موضوع كتابات فلسفية بدأت عند تسجيل الخبرة الإنسانية[١]، وهكذا ظهر ما يعرف بالمجتمع الجماهيري والذي انتشر إبّان الحرب العالمية الأولى، ويشير هذا المصطلح إلى أمريكا وفرنسا وبريطانيا وأوروبا الشمالية وشمال إيطاليا واليابان، حيث ظهرت سمات المجتمع الجماهيري في أوروبا الوسطى والشرقية بشكل غير متساوٍ، بينما آسيا وأفريقيا تتطلع لظهور العلامة الأولى التي تشير للمجتمع الجماهيري، ويرتبط النظام الجديد للمجتمع بخصائص كالإقامة في المدن والتصنيع الواسع والإدارة البيروقراطية، وهكذا نشأت نظرية المجتمع الجماهيري.[٢]

نظرية المجتمع الجماهيري

مع بداية القرن العشرين كان واضحًا تغيّر المجتمع من نظام اجتماعيّ تقليديّ بسيط يرتبط أفراد المجتمع بفيه ارتباطًا وثيقًا مع بعضهم، إلى مجتمع ينعزل فيه الأفراد اجتماعيًا عن بعضهم، واظهرت دراسات النظام الاجتماعي حول نظرية المجتمع الجماهيري، زيادة حجم التمايز والفردية بين الأفراد المجتمع الغربي، كما انخفضت درجت التي يستطيع المجتمع فيها السيطرة بشكل فعال على أفراده عبر الوسائل الرسمية، حيث بدا واضحًا انعزال الفرد المتزايد عن التكيف مع المجتمع بشكلٍ عامّ، وكذلك زيادة في العزلة النفسية للفرد، وأيضًا زيادة العلاقات الاجتماعيّة التعاقديّة والعلاقات الجزئيّة.[٣]

وفي خِضمّ الحديث حول نظرية المجتمع الجماهيري يُذكر أنّ هذه التحولات الاجتماعية العامة في المجتمع تؤدي إلى ظهور المجتمع الجماهيري، لكن فكرة المجتمع الجماهيري لا تعني المجتمع الضخم كبير العدد، حيث يوجد في العالم مجتمعات ضخمة، مثل: الهند لكن ما تزال تقليدية جدًا في تنظيمها، بينما المجتمع الجماهيري يشير إلى العلاقة بين الأفراد والنظام الاجتماعي المتعلق به، وبحسب نظرية المجتمع الجماهيري فإنّ المجتمع الجماهيري يطغى عليه السمات الآتية:[٣]

  • الأفراد في المجتمع الجماهيري يتسمون بالعزلة النفسية عن الآخرين.
  • انعدام المشاعر الشخصية عند التفاعل مع الآخرين.
  • الأفراد في المجتمع الجماهيري متحرّرون نسبيًّا من الالتزامات الاجتماعيّة العامّة.

وبحسب نظرية المجتمع الجماهيري فإنّ كلمة جماهير تشير إلى مجموعة كبيرة من الناس من جميع مجالات الحياة ومختلف الطبقات الاجتماعية، ومن بين هذه الجماهير أفراد يختلفون في ثرواتهم ومراكزهم وثقافاتهم ومهنهم، ويكون أفراد هذا الجمهور مجهولي الهوية ولا يتفاعلون مع الآخرين، كما لا يتبادلون معهم الخبرة أو المشورة.[٣]

وترى نظرية المجتمع الجماهيري أنّ أفراد الجمهور في المجتمع الجماهيري عادةً ما يواجهون قضايا مثيرة للاهتمام لكنهم في العادة ما يجدون صعوبةً في فهمها، بسبب أنّهم يواجهون هذه القضايا كذرات منفصلة وككيان غير متماسك، وذلك لعدم وجود وحدات اتصال وتواصل فيما بينهم إلا بطرق محدودة، ما يجعلهم يعملون منفردين كأفراد، وهذا ما يجعلهم تخبطون في سلوكهم ويشعرون بعدم اليقين.[٣]

المجتمع الجماهيري ونظرية الآثار الموحدة

أظهرت نظرية المجتمع الجماهيري أنّ تقسيم العمل والتخصص الدقيق والمعيشة في الحضر والتمايز بين الأفراد هي من سمات المجتمعات الصناعية الجديدة، فعندما بدأت الحرب العالمية الأولى التي خاضتها أمريكا ودول أوروبا كانت أعمال النضال الذي لعبتها الشعوب إيجابية عكس الحروب السابقة التي كانت بشكل مستقل عن المدنيين.[٤]

حيث تتطلّب الحرب استغلال جميع موارد الأمة، والتضحية بجميع وسائل الراحة والمحافظة على الروح المعنوية، ويتعين إقناع أفراد الشعب بترك أسرهم للالتحاق بالجيش، وعلى المصانع العمل دون توقف ويجب توفير الأموال من أجل تمويل ألة الحرب، ونظرًا لأنّ الدول ملزمة بالحرب، وجدت حالة عاجلة وحاسمة لإيجاد روابط أقوى بين الفرد والمجتمع، فتم العمل على تحريك المشاعر والأحاسيس والولاء حتى يغرس في نفوسهم البغض والخوف من العدو، لإبقاء الروح المعنوية مرتفعة رغم الحرمان، لتتركز الطاقات الصالح الأمة.[٤]

ولتحقيق هذا أهداف فإنّ الدعاية هي الوسيلة الأفضل، حيث قامت الدعاية التي صمتت لهذه الغاية بشكل دقيق إلى تعليق الأمة بالقصص الإخبارية، والأفلام والصور والخطب والكتب وملصقات الإعلان والشائعات... وغيرها وبثها بين الناس، وهكذا أصبحت وسائل الإعلام المتاحة الأدوات الرئيسة لإقناع الناس بفكرتهم.[٤]

وبعد انتهاء الحرب تعرّض الأشخاص المشاركون في الدعاية إلى السخرية؛ لأنّهم مارسوا الخداع الفاضح والأكاذيب الفظيعة أثناء الحرب، فعندما كانت تعرض المعلومات من طرف واحد عن الطرف الآخر والتي تعرض على وسائل الإعلام، كان الشعب يصدقها عادةً، فلم يكن هذا النوع من الإقناع الذي يشمل شعبًا كاملًا من خلال وسائل الإعلام، وقد استخدم بأسلوب منسق تنسيقًا كاملًا ومنظمًا، وبعدها عرف المواطن العادي مفهوم الدعاية عندما نشر عنها المتخصصون.[٤]

المراجع[+]

  1. ملفين ديفلير، ساندرا روكيتش (1992)، نظريات وسائل الإعلام (الطبعة الأولى)، القاهرة: الدار الدولية للنشر والتوزيع، صفحة 214. بتصرّف.
  2. جيهان رشتي (1978)، الأسس العلمية لنظريات الإعلام، القاهرة: دار الفكر العربي للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 412. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث حسن مكاوي، ليلى السيد (1998)، الاتصال ونظرياته المعاصرة (الطبعة الأولى)، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، صفحة 217-218. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث حسن مكاوي، عاطف العبد (2007)، نظريات الاعلام ، مصر: جامعة القاهرى، صفحة 241-243. بتصرّف.