تعريف شعر الوصف
دور الشعر العربي وأهميته
تنوّعت موضوعات الشعر العربيّ، ففي العصر الجاهليّ كان الشعر وسيلة من وسائل الإعلام، فالشّاعر يصفُ معركة بين قبيلتِه وقبيلة أخرى ليعلن عن انتصارها، ويفخر بقوّتها، وفي العصرالأمويّ كان الشعر يؤدي دورًا مهمًا في إبراز الخلافات السياسيّة في الحُكم، وكذلك في العصر العباسيّ، فالشعر خلّد بعض الشخصيات، وأبرز دورهم في هذا العصر، ومن أهمّهم سيف الدولة الذي قال فيه المتنبّي شعرًا كثيرًا، وأبو تمام الذي كان من أبرز قصائده ما قاله في فتح عمورية، ودور المعتصم في المعركة، وكذلك شعر البحتري في المتوكل، وقد اعتمد الشعراء في ذلك كله على الوصف في شعرهم، وركّز الشعراء الأندلسيون على وصف الطبيعة الأندلسية، وتاليًا تعريف شعر الوصف إضافة إلى ذكر شواهد على الشعر الوصفيّ.
تعريف شعر الوصف
في تعريف شعر الوصف يُذكر أنّ الوصف أحد أغراض الشِّعر العربيّ، قد اهتم الشاعر بمناظر الطبيعة حوله، وغيرها ممّا استدعى اهتمام الشاعر لقول الشعر، ووصف ما يشاهده حوله؛ لذلك فإن الوصف في الشعر العربي غزير يتناول شتَّى الموضوعات، وقد أجادوا فيه غاية الإجادة، وعرجوا في شعرهم على وصف أثر من آثار الطبيعة أو المدنية، وغيرها.[١]
وهذا يؤكّد أنّ الوصف لم يكن غرضًا من أغراض الشعر العربي فقط، و من يطلع على الشعر يجد أن القصائد العربية لا بد فيها من وجود الوصف، حتّى وإن كانت القصيدة في المدح أو في موضوعات أخرى، فإنّ فيها أجزاء تعتمد على الوصف، فالشاعر الجاهلي مثلًا يصف الأطلال، ويصف الرحلة، ويصف الناقة أيضًا في القصيدة، وقد يصف الشاعر العباسي اشتداد المعركة كما وصف المتنبي معركة الحدث الحمراء وهو يمدح سيف الدولة، ويضاف إلى ذلك وصف المظاهر الحضارية في الشعر مثل: القصور.
واهتمّ الشعراء العرب بوصف مظاهر الطبيعة أيضًا في العصور المختلفة، ومن أهمها العصر العباسي الذي أكثر فيه الشعراء من وصف الطبيعة، فصوّروها في مقدّمات مدائحهم، فكثيرًا ما وصفوا الغيث، والسحب، والبرق، للدلالة على كرم الممدوح من جهة، ولذكر الخيرات التي عمّت البلاد في زمنه من جهة أخرى، وكان يكثر الشعراء في هذا العصر من وصف الربيع في تهنئاتهم بعيد النيروز، ومن هنا أصبح وصف الطبيعة مستقلًا عن المدح؛ إذ أصبح له قصائد قائمة بذاتها.[٢] ومن أشهر الشعراء في وصف الطبيعة في هذا العصر: ابن الرومي، والصنوبري، فقد وصف كل منهما الفاكهة، والثمار، والورود والرياض وغيرها.[٣]
وقد ظهرَ وصف الطبيعة بصورةٍ واضحة في الشعر الأندلسيّ، فقد اهتمّ الشعراء في الأندلس أكثر من غيرهم بوصف الطبيعة؛ لأنّ الطبيعة الأندلسيّة وجمالها شجّعت الشاعر الأندلسي على الاهتمام بها ووصفها.
شواهد على شعر الوصف
من أبرز أنواع الوصف في الشعر العربيّ وصف الطبيعة، وظهر ذلك بوضوح في الشعر الأندلسي؛ لأن الطبيعة الأندلسية كانت ملهِمة للشاعر الأندلسيّ فتغنى بها، ولا يكاد القارئ يجد شاعرًا أندلسيًّا إلّا وقد قال شعرًا قَلّ أو كَثُرَ في وصف الطبيعة، بل إنّ بعض الشعراء كاد أن يقتصر شعرهم على وصف الطبيعة مثل: ابن خفاجة.[٤] الذي وصف أراكة في روضة :[٥]
وأراكة ضربت سماء فوقنا
- تندى وأفلاك السماءِ تُدارُ
حفّت بدوحتِها مجرة جدول
- نثرت عليه نجومَها الأزهارُ
في روضة جنح الدجى ظلًا بها
- وتجسّمت نورًا بها الأنوارُ
ومن مظاهر الطبيعة التي وصفها الأندلسيّون الأنهار، وعبّروا عن جمالها، فقد وصف الشاعر الأندلسي ابن حمديس أحد الأنهار في الأندلس قائلًا:[٦]
ومطرد الأمواج يصقل متنه
- صبًا أعلنت للعين ما في ضميره
جريح بأطراف الحصى كلما جرى
- عليها شكا أوجاعه بخريره
كأن حبابًا ريع تحت حبابه
- فأقبل يلقي نفسه في غديره
المراجع[+]
- ↑ "التصوير في الشعر العربي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-08-2019. بتصرّف.
- ↑ شوقي ضيف (دون تاريخ)، العصر العباسي الثاني (الطبعة الحادية عشرة)، القاهرة: دار المعارف، صفحة 232. بتصرّف.
- ↑ شوقي ضيف (دون تاريخ)، العصر العباسي الثاني (الطبعة الحادية عشرة)، القاهرة: دار المعارف، صفحة 235. بتصرّف.
- ↑ صلاح جرار (2009)، قراءات في الشعر الأندلسي (الطبعة الثانية)، عمّان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، صفحة 99. بتصرّف.
- ↑ سامي أبو زيد (2012)، الأدب الأندلسي (الطبعة الأولى)، عمّان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، صفحة 83.
- ↑ سامي أبو زيد (2012)، الأدب الأندلسي (الطبعة الأولى)، عمّان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، صفحة 88.