قانون العمل اليمني
محتويات
التطور العام لقانون العمل
يعدّ قانون العمل من القوانين حديثة النشأة، حيث بدأت منذ أواسط القرون الماضية، إلّا أنّه كان يتطوّر في ظلّها بصورةٍ بطيئة، أمّا في الوقت الحالي ازدادت أهميته في الحياة العملية، سواء على الصعيد الداخلي للدولة أم الخارجي في نطاق المؤتمرات والمعاهدات، ويحتلّ قانون العمل في الوقت الحالي مكانة بارزة وواضحة بين فروع القوانين الأخرى، ويتأثر قانون العمل بالعوامل السياسية والإقتصادية في المجتمع، حيث يعد هذا القانون وليد الثورة الصناعية الحديثة، وبناءً على ما تقدم سيتم بيان قانون العمل اليمني، الاقتصاد والعمل، تأثير قانون العمل بالحياة الاجتماعية للعامل، ونظرة الإسلام للعمل.
قانون العمل اليمني
يُقصد بالعمل المنصوص عليه في قانون العمل اليمني ذلك العمل الخاص والتابع والمأجور، ويعني أن يكون العمل خاصًّا بأن يُقدم العمل لحساب صاحب العمل وتحت إدارته وإشرافه، ويعرف صاحب العمل على أنه: "كل شخص طبيعي أو معنوي يستخدم بأي صفة كانت شخصًا آخر مقابل أجر"، ومن المعلوم أن الأشخاص المعنوية تنقسم إلى نوعان: أشخاص معنوية عامة، وأشخاص معنوية خاصة، وبالتالي إذا كان العمل يقدم إلى مصلحة شخص معنويّ خاصّ فإن العلاقة تخضع لأحكام قانون العمل، لكن إذا كان العمل بقدم إلى حساب شخص معنوي عام فلا تخضع علاقة العمل إلى أحكام قانون العمل.[١]
ومن شروط العمل الخاضع لقانون العمل أن يكون العمل تبعيًا، ويعني ذلك أنه من الواجب تقديم العمل بشكلٍ تابع لحساب شخصٍ آخر، حيث إنّه يعرف العامل على أنه: "كل شخص ذكرًا كان أو أنثى يؤدي عملًا لقاء أجر ويكون تابعًا لصاحب العمل وتحت إمرته ويشمل ذلك الأحداث ومن كان قيد التجربة"، حيث اشتُرطت وجود التبيعة القانونية لِسَريان قانون العمل، بحيث يعمل العامل تحت إشراف وتوجيه صاحب العمل، وأخيرًا يجب أن يكون العمل مأجورًا، حيث يقوم العامل بتأدية العمل لدى صاحب العمل بقصد الحصول على الأجر، إذ إنّ قانون العمل اليمني لا يسري إلا على الأعمال المأجورة.[١]
الاقتصاد والعمل
هناك صلة قويّة بين قانون العمل اليمني وعلم الاقتصاد، ويعتبر قانون العمل من أهم القوانين المؤثرة في الحياة الإقتصادية، حيث إنّه يعالج أهم ظاهرة تعاني منها الدول وخصوصًا الدولة النامية، وهي ظاهرة البطالة، وتعرف ظاهرة البطالة على أنّها: "ظاهرة اختلال في سوق العمل، بحيث لا يتمكّن جزء من أفراد الدولة من الحصول على عمل منتج، على الرغم من قدرتهم على العمل"، وتعدّ البطالة من أخطر المشاكل التي تؤدي إلى اختلال أمن الدولة واستقرارها.[٢]
حيث من الممكن أن تدفع الفرد إلى ارتكاب الجرائم كالسرقة لتأمين حاجاته من الطعام والمسكن وإلى غير ذلك من متطلبات الحياة الأساسية، ويعالج قانون العمل ظاهرة البطالة بعدة طرق وذلك من خلال: رفع الحد الأردنى للأجور، وتحديد عدد أقصى من الساعات للعمل، ووضع حد أدنى لسن تشغيل العمال، فكل ذلك يسهم في خلق فرص عمل جديدة.[٢]
تأثير قانون العمل بالحياة الاجتماعية للعامل
عندما نشأ قانون العمل اليمني إرتبط إرتباطًا وثيقًا بالإعتبارات الإنسانية التي تهدف إلى تحسين أحوال العمال وظروف معيشتهم، وبالتالي فإن قانون العمل يلعب دورًا بارزًا في حياتهم ويكفل حياةً كريمة لهم، حيث تنعكس قواعد قانون العمل على حياة العمال اليومية والفردية والعائلية، وذلك عن طريق تحديد ساعات العمل والإجازات السنوية والمرضية والخاصة، ونظام تحديد الحد الأدنى للأجور، وتأمينهم ضد الإصابات والوفيات والأمراض.[٣]
ويحقّق قانون العمل الأمن والسلم الإجتماعيين، بحيث تنظم العلاقات بين أصحاب العمل والعمال؛ لأنّ تبعية العامل لصاحب العمل من الممكن أن تؤدي إلى خلق نوع من التوتر بينهم، لذلك كان من الواجب وضع أحكام وقواعد تهدف إلى إقامة التوازن بينهم وحمايةً لحقوق العامل، فكفلت قواعد قانون العمل اليمني تحقيق هذا التوازن، والعمل على الوصول إلى العدالة الاجتماعية.[٣]
نظرة الإسلام للعمل
لقد بيّن الإسلام مقاصد العمل السامية، ومكانته الرفيعة في الحياة الإنسانية، وكرس مفهومًا شاملًا ومتكاملًا للعمل يظهر من خلال القواعد التي قررها، حيث ترتبط هذه القواعد في مجملها بين الجانب الروحي والجانب المادي للعمل، ومن أهم القواعد التي نص عليها الدين الإسلامي:[٤]
- من حيث التناسب بين العمل المنجز والأجر المقابل: إذ تُوجب أحكام الشريعة الإسلامية بأن يكون الأجر متناسبًا لنوع العمل المبذول، حيث يجب أن تراعى نفقات العامل وأسرته وتمكينه من تلبية حاجاته الأساسية، وهذا هو المبدأ التي استمدت منه القوانين الحديثة نظام الحد الأدنى للأجور.
- من حيث القدرة على العمل والحق في الراحة: حيث أوجبت قواعد الشريعة الإسلامية المحافظة على طاقة العامل بتقييد ساعات العمل، وإعطاء العامل قسطًا من الراحة أثناء ساعات العمل، ليتمكن من القيام بحاجاته كتناول الغداء أو الصلاة أو قضاء الحاجة.
- من حيث الواجبات المرتبطة بالعمل: إذ أوجب الدين الإسلامي تنفيذ العمل بحُسن نيّة وإخلاص وأمانة، ومنع التحايل أو الغش فيه، ويجب على صاحب العمل أن يقوم بمعاملة العامل بحسن المعاملة، وعدم تكليفه بأي عمل يفوق طاقاته الجسدية، أو يغير من نوع العمل المتفق عليه في عقد العمل.
- من حيث الحماية في مجال العمل: حيث أوجبت الشريعة الإسلامية حماية جميع العمال من أي أخطار قد تواجههم أثناء تنفيذ العمل، كما أن الإسلام حرم جميع الأعمال التي تنافي مقاصده السامية، وتؤثر على أمن المجتمع وسلامته، مثل تعاطي السحر، والقمار، والدعارة.
المراجع[+]
- ^ أ ب جعفر المغربي (2018)، شرح أحكام قانون العمل (الطبعة الثانية)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 27-31. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد عبدالكريم، أبو شنبش (2001)، رح قانون العمل، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 45.
- ^ أ ب محمد حسين منصور (1995)، قانون العمل في مصر ولبنان، بيروت: دار النهضة العربية، صفحة 15. بتصرّف.
- ↑ بشير هدفي (2003)، الوجيز في شرح قانون العمل (الطبعة الثانية)، الجزائر: جسور للنشر والتوزيع، صفحة 20-22. بتصرّف.