شرح قصيدة عمرو بن كلثوم في الفخر
الشعر الجاهلي
هو أقدم ما عُرف من شعر العرب، وهو مَهْد الشعر العربيّ وعصره الأول، وعلى الرّغم من أنَّ قانون الحياة يشير إلى أنَّ الأشياء في بدايتها لا تكون جيدة متكاملة إلَّا أنَّ الشعر الجاهليّ كان شعرًا عربيًا متكاملًا لغة ومعنًى وبلاغة؛ حتَّى صار الشعر الجاهلي مرجعًا شعريًا ونحويًا وبلاغيًا يرجع إليه علماء اللغة في العصور اللاحقة، وقد اشتهر في العصر الجاهلي شعراء كثر، لم تزلْ قصائد هؤلاء الشعراء تتداول بين الناس وتُضرب بها الأمثال وتُؤخَذُ منها الحكم، ولعلَّ أشهر هؤلاء الشعراء هم شعراء الزير سالم المهلهل، وهو شاعر من شعراء العرب الأفذاذ، كان عمرو بن كلثوم يُكنَّى بأبي الأسود، ولد -كما تشير المصادر التاريخية- في شمال جزيرة العرب في ديار ربيعة، ولم يُذكر تاريخ ميلاده الأصلي، كان عمرو بن كلثوم عزيز النفس، فارسًا من فرسان العرب وشجعانهم وسيّدًا من أسياد قومه، ساد ديار تغلب وهو شاب فتيٌّ وقد عاش طويلًا كما ورد عنه، وهو شاعر من شعراء المعلقات العشر في الجاهلية، وقد اشتهر بين العرب أنَّ عمرو بن كلثوم هو قاتل عمرو بن هند ملك المناذرة بسيفه في قصر عمرو بن هند، أمَّا وفاته فأغلب الروايات تشير إلى أنَّه توفِّي عام 39 قبل الهجرة النبوية، وهو ما يوافق عام 584 للميلاد.[٢]
شرح قصيدة عمرو بن كلثوم في الفخر
كان الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم كثير الفخر بنفسه ونسبه وقبيلته وفروسيته وبلاغته، وهذا ما اتَّضحَ جليًّا في شعره بشكل عام وفي معلَّقَتِهِ بشكل خاص، وفيما يأتي شرح قصيدة عمرو بن كلثوم في الفخر وهي أبيات من معلَّقته الشهيرة، والتي يقول فيها:[٣]
وقد علمَ القبائل من معدٍّ
- إذا قببٌ بأبطحها بُنينَا
بأنا المُطعمون إذا قدرنا
- وأنا المهلكون إذا ابتُلينَا
يبدأ الشاعر عمرو بن كلثوم فخره بقوله: إنَّ قبائل معدّ كلَّها قد علمت عندما اجتمعت وضربت قبابها وبيوتها في الأبطح بأنَّ أهل الشاعر عمرو بن كلثوم وبني قبيلته كرماء مطعمون متى استطاعوا، وأنَّهم إذا أحد عاداهم فقد عادى الهلاك بعينه، وأنَّه من حارب قبيلة الشاعر فقد ابتلي بلاء عظيمًا.
وأنا المانعون لما أردْنا
- وأنا النازلون بحيث شِينَا
وأنا التاركون إذا سخطنا
- وأنا الآخذون إذا رَضينَا
وأنا العاصمون إذا أُطعْنا
- وأنا العارمون إذا عُصِينَا
ثمَّ يقول عمرو بن كلثوم مفتخرًا بقومه: إنَّنا نمنع ما نشاء عمَّا نشاء، وإنَّنا ننزل في أي أرض نشاء من أراضي الجزيرة العربية ولا يمكن لأحد أن يمنعنا عن مرادنا، وهذه كناية عن القوة والعظمة، ويقول: إنَّنا نترك ونهجر من نغضب عليه ونحاربه أيضًا، ونقبل على من رضينا عنه وحالفنا من الناس، أي أنَّهم يتصرفون مع الناس كما شاؤوا وأرادوا، وهذا دليل على القوة أيضًا. ثمَّ يتابع عمرو بن كلثوم فخره بأهله ونفسه، فيقول: إننا نعصم ونحمي من نشاء من الناس، فمن أعطانا واحتمنا بنا فنحن له ستر وعون، ومن عادانا وآذانا فنحن له أعداء أشداء.
ونشرَب -إنْ وردْنَا الماءَ- صفوًا
- ويشربُ غيرُنا كدرًا وطينَا
إذا ما الملْك سام الناس خسفًا
- أبينا أن نقرَّ الذلَّ فينا
ويتابع الشاعر هذا الفخر العظيك، فيقول إنَّنا إذا وردنا على الماء نشربه صفوًا عذبًا زُلالًا، بينما يشرب غيرنا من الناس الماء مكدرًا غير عذب ولا رائق. وإذا الملك أراد أن يذل الناس فإنَّنا نأبى أن نكون من المذلولين، فليس من طبعنا الانقياد والمذلة لأي أحد من الناس.
ملأنا البر حتى ضاق عنا
- وماء البر نملؤه سَفينا
إذا بلَغ الفطامَ لنا صبيٌّ
- تخرُّ له الجبابرُ ساجدينا
المراجع[+]
- ↑ "أدب جاهلي"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-09-2019. بتصرّف.
- ↑ "عمرو بن كلثوم"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 11-09-2019. بتصرّف.
- ↑ "أبيات لعمرو بن كلثوم في الفخر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-09-2019. بتصرّف.