فضل قراءة القرآن في رمضان

قراءة القرآن
القراءة في اللّغة: هي نطق الكلمات المكتوبة بصوت، والقرآن: هو كلام الله تعالى المنزل على سيّدنا محمد -عليه السّلام- وقراءة القرآن تعني ترتيل القرآن،[١]وهي من أشرف العبادات وأنفعها للإنسان؛ لأنّ الله تعالى حثّ عباده على ضرورة المُداومة على قراءته؛ ليكون شفيعًا لهم يوم القيامة، ومن الجدير بالذّكر أنّ القرآن الكريم مرتبط بشهر رمضان المُبارك حيث يُعدّ ارتباطه مُحكم ووثيق، ففي هذا الشّهر نزل جبريل -عليه السّلام- بالقرآن الكريم ليكون هداية للنّاس ونورًا، والدّليل على ذلك قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ}،[٢]لذلك كُلّما قرأ الإنسان تضاعفت حسناته ورُفعت درجاته في الدّنيا والآخرة ولا سيّما في شهر رمضان، غير أنّ تدبّر آياته الكريمة والتّحديق بمعانيه يجعل الإنسان يرتقي بعقله، لذلك تلاوة القرآن لا بُدّ أن يجتمع فيها التّأمّل والتّفكّر، وفي هذا المقال سيتمّ التَّعرُّف على فضل قراءة القرآن في رمضان، بالإضافة إلى الفرق بين تلاوة القرآن وقراءته.[٣]
فضل قراءة القرآن في رمضان
إنّ الله سبحانه وتعالى جعل قراءة القرآن الكريم من أفضل العبادات وأعظمها؛ لاحتوائه على الخير الوفير والفوائد الجليلة، لأنّه الكتاب الوحيد الذي لا يأتيه الباطل فقد أعلى الله تعالى مكانته ليكون أشرف الكتب وأتمّها وأفصحها، والدّليل على ذلك قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ* لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}،[٤]، وتُعدّ قراءة القرآن من أحب الأعمال إلى الله، فالذين يداومون على قراءته ويتّبعون مافيه من الآيات التي تحثّ على [[ما-هي-الأخلاق-الحميدة/|الأخلاق] والتّزكية سيفوزون بالثّواب الجزيل والنّجاة من سخط الله وعقابه، والدّليل على ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ}،[٥]لهذا يجب على الإنسان أن يعقد هذه التجارة الحقيقيّة مع الله وأن يستشعر أجر كلّ حرف من أحرف المصحف، لقول الرّسول -عليه السّلام-: "من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ {ألم} حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ"،[٦]فكم من إنسان تقاعس وغفل عن نيل الأجر العظيم عند قراءة القرآن وخصوصًا في أعظم شهور السّنة يكون الأجر فيه أضعافًا مُضاعفة.[٧]
إنّ فضل قراءة القرآن في شهر رمضان أعظم من قراءته في الأشهر الباقية،[٨]ومن الجدير بالذّكر أنّ فضل قراءة القرآن في رمضان يتجلّى ليلًا على وجه الاستحباب؛ لأنّ الشواغل تكون مُنقطعة والهِمم مُجتمعة، والدّليل على ذلك قوله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا}،[٩]ومن الأدلّة النّبويّة على فضل قراءة القرآن في رمضان: "كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ"،[١٠] وأمّا عن السّلف فقد كانوا يتلون القرآن في رمضان بكثرة، فمنهم من يختمه في كلّ ثلاث ليال في القيام، ومنهم في كلّ سبع، ومنهم في كلّ عشر، ومن الأمثلة على ذلك أنّ قتادة كان يختم في ثلاث ليال، والأسود في كلّ ليلتين.[١١]
لا بُدّ أن يجتهد الإنسان في قراءة القرآن وتدبّره ولا سيما في شهر رمضان؛ لأنّ فضل قراءة القرآن في رمضان اتّضح عندما كان جبريل -عليه السّلام- يُعارض النّبيّ مرّة بالسّنة إلّا في هذا الشّهر عارضه مرّتين؛ ليكون تثبيتًا وتأكيدًا لِما له من أهمّيّة عظيمة وشأن كبير،[١٢]والمُداومون على قراءته والعاملون بأحكامه يكونون مع الملائكة المُكرمين، والدّليل على ذلك قول الرّسول -عليه السّلام-: "الْماهِرُ بالقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، والذي يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وهو عليه شاقٌّ، له أجْرانِ"،[١٣]، وفضائل تلاوة القرآن كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى، ومن هذه الفضائل؛ أنّ القرآن الكريم أفضل وسيلة لنيل الأجر الكبير والفوز بالجنّة والارتقاء بالدّرجات، كما أنّه علاج للاضطرابات النّفسية؛ لأنّه سبب لإنزال السّكينة والطّمأنينة، بالإضافة إلى أنّ الله تعالى يرفع من قدر قارئه ويُعطيه منزلة رفيعة في الدّنيا والآخرة، ومن الجدير بالذّكر أنّ من أعظم سور القرآن التي لا بُدّ من المواظبة على قراءتها وتعلّمها هي سورة الفاتحة، بالإضافة إلى سورة البقرة كونها تحصّن من الشيطان.[١٤]
الفرق بين تلاوة القرآن وقراءة القرآن
قد تمّ التّحدّث سابقًا عن فضل قراءة القرآن ولا سيما في شهر رمضان، لكن من الجدير بالذّكر أنّ القراءة تختلف عن التّلاوة، فالتّلاوة عند بعض العلماء معناها: إبقاء الأحكام التي جاء فيها القرآن كما هي؛ فالحلال يبقى حلالًا والحرام حرامًا، ممّا يعني عدم تبديله أو تحريفه وأن يتمَّ اتباعه حقّ الاتباع، وهذا التّفسير متعلّق بالفعل "يتلونه" بقوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}،[١٥]وذكر علماء آخرون أنّ معنى "يتلونه حقّ تلاوته" أي يدعون الله الفوز بالجنّة إن مرّوا بآيات الجنّة والنّعيم، وأن يتعوّذون من النّار والعقاب إن مرّوا بآيات الوعيد، والفرق الرّئيس بين التّلاوة والقراءة، أنّ التّلاوة تكون لمجموعة من الكلمات تتبع بعضها البعض؛ لأنّ الأصل فيها الاتّباع وليس مجرّد القراءة، أمّا بالنّسبة للقراءة تكون لكلمة واحدة فقط؛ لذلك يقال: قرأ اسمه وليس تلا اسمه، وذكر الشّعراوي -رحمه الله- تفسيرًا دقيقًا لهذه الآية، أنّ الله تعالى يُريد أن يُبيّن أنّ هنالك فئة من اليهود والنّصارى لم تُحرّف كتبهم الخاصّة بهم؛ كالتّوراة والإنجيل لأنهم كانوا يعتزمون الإيمان بالديّانة الإسلاميّة، عدا عن أنّهم كانوا يتّبعون الرّسول -عليه السّلام- بتفكّرهم بالرّسالة النّبويّة التي جاءت في كتبهم، والدّليل على ذلك عندما جاء جعفر بن أبي طالب من سيناء ومعه مجموعة من اليهود البالغ عددهم أربعون، حيث جاؤوا ليشهدوا أمام الرّسول -عليه السّلام- أنّهم باشروا بقراءة التّوراة بدون تحريف وآمنوا برسالته السّمحة.[١٦]المراجع[+]
- ↑ "معنى قراءة القرآن"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-03-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 185.
- ↑ "قراءة القرآن"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-03-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة فصلت، آية: 42،43.
- ↑ سورة فاطر، آية: 29.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 296، إسناده صحيح.
- ↑ "القرآن في رمضان"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-03-2020. بتصرّف.
- ↑ "فضل قراءة القرآن "، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 27-03-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة المزمل، آية: 6.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3220، صحيح.
- ↑ "القرآن في رمضان"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 27-03-2020. بتصرّف.
- ↑ "فضل تلاوة القرآن"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 27-03-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 798، صحيح.
- ↑ "فضل تلاوة القرآن"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 27-03-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 121.
- ↑ "فائدة في الفرق بين التلاوة والقراءة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-03-2020. بتصرّف.