الهدي النبوي في صيام رمضان
الهدي النبوي
قبل الشروع بطرح مقال الهدي النبوي في صيام رمضان، يحسن بيان مصطلح الهدي النبوي، فالهدي النبوي لغةً: هي طريقة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في جميع شؤونه، ولاشكّ أنّ طريقة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ومنهجه في الحياة هي الطريقة التي يتوصل بها العبد لمرضاة الله ولا توجد طريقة ولا منهج في الدنيا يوصل إلى ما يحبّ الله -عزوجلّ- ويرضى إلّا طريقته -عليه الصلاة والسلام-، وقد قال الله تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا}[١]، وفي حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- يرفعه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال: "وأَحْسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"[٢]، فالسنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع، وإنّ التحاكم إلى السنة من علامات الإيمان، قال الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[٣][٤]،[٥]
الهدي النبوي في صيام رمضان
في الحديث عن الهدي النبوي في صيام رمضان، فلا بدّ من بيان هديه -صلى الله عليه وسلم- في الصيام، خاصةً وأنّ المسلم يُقبل كل سنة على شهر عظيم، شهر تفتّح فيه أبواب الجنة وتغلّق فيه أبواب النار، وأيضاً فإنّ المسلم مأمور بإتباع هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل شؤون الحياة، لقوله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[٦]*{قُلْ أَطِيعُوا اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}[٧]، فاتباع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- سبب لمحبة الله -سبحانه وتعالى-، ولأنّ هديه -صلى الله عليه وسلم- هو أكمل الهدي، وطريقته هي أحسن الطرق، بل لايوجد طريقة ولا منهج في الحياة الدنيا يدلّنا على ما يحبّ الله ويرضى إلّا هديه وطريقته -صلى الله عليه وسلم-،فحاله -صلى الله عليه وسلم- مع رمضان قبل قدومه: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تهيئ لاستقبال رمضان مقبلاً على الخير، نشيطاً في العبادات، ومن أبرز ما كان يقوم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل شهر رمضان المبارك:[٨]
- الإكثار من الصيام في شهر شعبان، كما قالت عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: "كانَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: قدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: قدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِن شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِن صِيَامِهِ مِن شَعْبَانَ كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا"[٩]،
- كان من هديه -صلى الله عليه وسلم- قبل قدومه، بأن يبشّر أصحابه بقدومه، وكان -عليه الصلاة والسلام- يذكر خصائصه وما يضاعف فيه من الأجوركقوله:"إذا كانَ أوَّلُ ليلةٍ من شَهْرِ رمضانَ : صُفِّدَتِ الشَّياطينُ ومرَدةُ الجنِّ، وغُلِّقَت أبوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ، وفُتِّحَت أبوابُ الجنَّةِ فلميُغلَقْ منها بابٌ ، ويُنادي مُنادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ ، ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِرْ وللَّهِ عُتقاءُ منَ النَّارِ، وذلكَ كلُّ لَيلةٍ"[١٠]
- وأيضًا في الحديث عن الهدي النبوي في الصيام، نبيّن أهم ما كان يفعله -عليه الصلاة والسلام- قبل رمضان، ومنها إرشاده -صلى الله عليه وسلم-لأصحابه بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بصيام شهر رمضان: عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصامه وأمر الناس بصيامه"[١١]
- ومن أحواله صلى الله عليه وسلم مع ربه في رمضان: كان -عليه الصلاة والسلام- أعرف الخلق بالله -سبحانه وتعالى-، وأعظمهم قياماً بحقه، وأخشاهم له، ثم هو -صلى الله عليه وسلم- يقوم من الليل حتى تنتفخ وتتفطر قدماه، ويقول: أفلا أكون عبدًا شكورًا، فأحواله -صلى الله عليه وسلم- مع ربه في رمضان يعدّ أنموذجًا حيًّا .يصوِّر عبادته -صلى الله عليه وسلم- وخشوعه وخضوعه لربّه -تبارك وتعالى-.
أهمية اتباع الهدي النبوي
عند الحديث عن الهدي النبوي في صيام رمضان، يحسن بيان أهميّة اتباع الهدى النبوي، لما له من آثار تعود على الفرد بالسعادة والطمأنينة في الدنيا و الآخرة، ومن هذه الآثار:[١٢]
- إجابة الدعاء المتضمِّنة لنيل المحبة من الله -تعالى- ، فمن تقرَّب بالنوافل نال المحبة، ومن نال المحبَّة نال إجابة الدعاء. كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الَّله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللَّهَ قال: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصرهُ الَّذِي يُبْصر بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شيءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ"[١٣]
- نيل المعيّة الخاصة من الله تعالى للعبد، فيوفقه الله تعالى لأبواب الخير والفلاح والسعادة، فلا يصدر منه من الأعمال إلا ما يرضي الله -عزّ وجلَّ-؛ لأنه إذا نال المحبة فقد نال المعيَّة الخاصة -التي لا تكون إلّا لأوليّاء الله المقرّبين.
- باتباع الهدى النبوي، تدوم به حياة القلب، فالعبد إذا كان ملتزمًا على السُّنَّة محافظاً عليها،كان لِمَا هو أهم منها أحفظ وأحرص، فيصعب عليه أن يفرِّط أويضيّع بشىء من الواجبات أو يقصر فيها، فيحصل له بذلك: تعظيم شعائر الله -عزوجل-، فيحيى قلبه بطاعة الله، ومن تهاون بالسُّنَن عوقب بحرمان الفرائض.
- وأيضاً من فوائد الهدي النبوي في صيام رمضان وثمراته العظام، أنّ اتباع سنة الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- تجبر النَّقص الحاصل في الفرائض.
المراجع[+]
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 21.
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن طارق بن شهاب، الصفحة أو الرقم: 6098 ، حديث صحيح.
- ↑ سورة النساء، آية: 65.
- ↑ "معنى هدى"، www.almaany.com.
- ↑ "التعريف بالهدي النبوي و أهميته"، www.alukah.net. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 31.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 32.
- ↑ "هكذا كان صلى الله عليه وسلم في رمضان"، ar.islamway.net. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1156 ، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 682، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2342، حديث صحيح.
- ↑ "التعريف بالهدي النبوي وأهميته"، www.alukah.net. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، حديث صحيح.