حكم صلاة العيد للمسافر

بواسطة:

صلاة العيد

قبل الحديث عن حكم صلاة العيد للمسافر، لا بُدّ من الحديث عن صلاة العيد، فصلاة العيد شعيرة من شعائر الإسلام، وقد سميَ العيد بذلك؛ لأنّه يعود في كل عام، وقيل سميَ بذلك لأن الناس قد اعتادوه، وقد شُرع العيد في الإسلام في السنة الثانية من الهجرة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، حيث قال: "كانَ لأهْلِ الجاهليَّةِ يومانِ في كلِّ سنَةٍ يلعَبونَ فيها فلَمَّا قدمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ المدينةَ قالَ كانَ لَكُم يومانِ تلعَبونَ فيهِما وقد أبدلَكُمُ اللَّهُ بِهِما خيرًا منهُما يومَ الفطرِ، ويومَ الأضحى"،[١] وعيد الفطر يكون بعد انتهاء شهر رمضان، وعيد الأضحى يكون في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، ويستطيع المسلم في أيام العيد أنّ يؤدي عبادات جليلة وعظيمة يتقرب بها إلى الله تعالى، ومن هذه العبادات: صلاة العيد، وتمتاز صلاة العيد بأنّ المسلمين يخرجون إليها جميعًا، حيث يخرج الرجال والنساء، والكبار والصغار، ويتحقق بهذا الاجتماع التعارف والتهاني والتناصح والتآخي فيما بينهم.[٢]

حكم صلاة العيد للمسافر

إذا سافر المسلم في يوم العيد تكون صلاة العيد مستحبة في حقه، فقد قال الدسوقي رحمه الله: "حاصله أنّ من أمر بالجمعة وجوبًا يؤمر بالعيد استنانًا ومن لم يؤمر بها وجوبًا وهم النساء والصبيان والمسافرون وأهل القرى الصغار أُمر بالعيد استحبابًا"، فبذلك يكون حكم صلاة العيد للمسافر الاستحباب، ويستطيع المسافر أن يصلي صلاة العيد مع الجماعة المقيمين، كما يستطيع أن يصليها بمفرده أو مع جماعة من المسافرين،[٣] وقد فرّق ابن عثيمين -رحمه الله- في حكم صلاة العيد للمسافر السائر والمسافر النازل، فالمسافر السائر الذي لم ينزل بعد في البلد الذي ينوي السفر إليه فلا تجب عليه صلاة العيد، أمّا المسافر الذي نزل في البلد الذي ينوي السفر إليه فعليه أنّ يصلي صلاة العيد مع أهل البلد المقيمين.[٤]

حكم صلاة العيد

بعد الحديث عن حكم صلاة العيد للمسافر، من الجدير الحديث عن حكم صلاة العيد، فلقد اختلف العلماء في حكم صلاة العيد، فقد ذهب المالكية والشافعية إلى أنّها سنة مؤكدة، وذلك للحديث المروي عن طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه، حيث قال: "جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ ولَا يُفْقَهُ ما يقولُ، حتَّى دَنَا، فَإِذَا هو يَسْأَلُ عَنِ الإسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ. فَقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ. قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وصِيَامُ رَمَضَانَ. قالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ. قالَ: وذَكَرَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الزَّكَاةَ، قالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ. قالَ: فأدْبَرَ الرَّجُلُ وهو يقولُ: واللَّهِ لا أزِيدُ علَى هذا ولَا أنْقُصُ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أفْلَحَ إنْ صَدَقَ"،[٥] ففي الحديث بين الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الصلوات الخمس هي الواجبة فقط من بين كل الصلوات، فيما ذهب الحنفية إلى أنّها واجبة، واستدلوا على ذلك بمواظبة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على أدائها، وذهب الحنابلة إلى أنّ حكم صلاة العيد فرض كفاية، فإذا قام بها عدد من المسلمين سقط الوجوب والأثم عن الباقيين، واستدلوا بقول الله تعالى: "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ"،[٦] وعلى مداومة النبي -صلّى الله عليه وسلم- على أداء صلاة العيد.[٧]

شروط صلاة العيد

لم تختلف أقوال العلماء كثيرًا في شروط صلاة العيد، فمن شروط صلاة العيد المتفق عليها: الوقت، فصلاة العيد تُصلى بعد شروق الشمس بمقدار رمح وحتى زوال الشمس أيّ وقت صلاة الظهر، كما أنّ من شروط صلاة العيد الإسلام، ويشترط كذلك العقل والبلوغ، وقد اشترط بعض العلماء الجماعة والاستيطان لصلاة العيد،[٨] فيما ذهب عدد من العلماء إلى صحة الصلاة من المنفرد ومن المسافر، ومن هؤلاء العلماء الإمام النووي، فقد قال رحمه الله: "هل تُشرع صلاة العيد للعبد والمسافر والمرأة والمنفرد في بيته أو في غيره؟ فيه طريقان أصحهما وأشهرهما القطع بأنها تُشرع لهم"، وقال الإمام الشربيني رحمه الله: "تُشرع للمنفرد والعبد والمرأة والمسافر فلا تتوقف على شروط الجمعة من اعتبار الجماعة والعدد وغيرهما، ويُسن الاجتماع لها في موضع واحد".[٩]

آداب العيد

آداب العيد كثيرة ومتنوعة، وعلى رأسها الاغتسال، وقد فعل ذلك عدد من الصحابة والتابعين، ومن آداب عيد الفطر أنّ لا يخرج المسلم إلى صلاة العيد حتى يأكل التمر، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، حيث قال: "كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يَغْدُو يَومَ الفِطْرِ حتَّى يَأْكُلَ تَمَراتٍ"،[١٠] ويستحب أكل التمر قبل الخروج للمبالغة في النهي عن صيام ذلك اليوم، فلا يجوز صيام اليوم الأول من عيد الفطر، أما في عيد الأضحى فيتسحب أنّ لا يؤكل فيه إلّا بعد صلاة العيد؛ لكي يؤكل من أضحيته إذا أراد أنّ يضحي، كما أنّ من آداب العيد التكبير، فقد قال سبحانه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}،[١١] ومن آداب العيد تبادل التهئنة بحلول العيد، حيث إنّ ذلك يؤدي إلى انتشار المحبة والرحمة بين الناس،[١٢] وكذلك من آداب العيد التزين والتجمل بلبس أفضل الثياب، كما أنّ من الآداب التبكير إلى المساجد لحضور صلاة العيد، ويسن كذلك في ذلك اليوم الذهاب مشيًا على الأقدام إلى المسجد، ومخالفة الطريق التي قدم منها إلى المسجد، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه، حيث قال: "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا كانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ".[١٣][١٤]

المراجع[+]

  1. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1555، حديث صحيح.
  2. "تمهيد في تعريف العيد والحكمة من تشريعه في الإسلام"، al-maktaba.org، 5-4-2020، اطّلع عليه بتاريخ 5-4-2020. بتصرّف.
  3. "حكم صلاة العيد للمسافر"، www.islamweb.net، 5-4-2020، اطّلع عليه بتاريخ 5-4-2020. بتصرّف.
  4. "حكم صلاة العيد للمسافر وحكمها للنساء والرجال"، al-maktaba.org، 5-4-2020، اطّلع عليه بتاريخ 5-4-2020. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن طلحة بن عبيدالله، الصفحة أو الرقم: 46، حديث صحيح.
  6. سورة الكوثر، آية: 2.
  7. "الأحكام المتعلقة بالعيد"، al-maktaba.org، 5-4-2020، اطّلع عليه بتاريخ 5-4-2020. بتصرّف.
  8. "ما يشترط لصلاة العيد"، al-maktaba.org، 5-4-2020، اطّلع عليه بتاريخ 5-4-2020. بتصرّف.
  9. "يجوز للمرأة والمنفرد صلاة العيد في البيت والأولى جماعة المسج"، www.aliftaa.jo، 5-4-2020، اطّلع عليه بتاريخ 5-4-2020. بتصرّف.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 953، حديث صحيح.
  11. سورة البقرة، آية: 185.
  12. "آداب العيد"، al-maktaba.org، 5-4-2020، اطّلع عليه بتاريخ 5-4-2020.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 986، حديث صحيح.
  14. "من آداب العيد"، al-maktaba.org، 5-4-2020، اطّلع عليه بتاريخ 5-4-2020. بتصرّف.

مواضيع ذات صلة بـ

فوائد-الشوفان-لزيادة-الوزن

. الشوفان . قيمة الشوفان الغذائية . فوائد الشوفان لزيادة الوزن . فوائد الشوفان الصحيّة . أطعمة تساعد على زيادة الوزن الشوفان يعدّ الشوف

أنبياء الله ومعجزاتهم

. معنى المعجزة . أنبياء الله ومعجزاتهم . معجزات محمد -عليه الصلاة والسلام- بالتفصيل . الفرق بين المعجزة والسحر . ما الفرق بين النبيّ والر

نبذة-عن-أبي-الريحان-البيروني

نهضة العلماء المسلمون جاء القرآن الكريم يدعو المسلمين إلى التَّمعن في آياته، والحثِّ على التّعلم والتّفكر في هذا الكون، والسَّير في

طرق المعالجة الديداكتيكية للخطأ

محتويات 1 بيداغوجيا الخطأ 2 مصادر الأخطاء وأنواعها  3 المعالجة الديداكتيكية للخطأ 4 النموذج الأول  5 1-افتراض الخطأ 6 2- مواجهة الخطأ 7 3-

شرح درس ضرب حد جبري في مقدار جبري

محتويات 1 معنى الفرق بين كل من الحد والمقدار الجبريان 2 حل معادلة الحد الجبري 3 قم بإيجاد المقدار الجبري المعبر عن مساحة فيما يأتي 4 كيف

أكلات-صحية-لمرضى-السرطان

مرض السرطان السرطان مرض العصر، لديه أنواع مختلفة، ويحمل كل نوع اسم نسبةً للمنطقة التي تبدأ الخلايا السرطانية بالنشوء، والجدير بالذك

نصائح-لمقابلة-عمل-هاتفية-ناجحة

. مقابلة العمل . نصائح لمقابلة عمل هاتفية ناجحة . نصائح قبل المقابلة الهاتفية . القيام بالبحث . خلق بيئة مريحة . نصائح أثناء المقابلة اله

تعريف-الخطأ-الطبي

الخطأ الطبي تسعى مؤسسات الرعاية الصحية لتوفير أقصى سبل الراحة والعلاج الفعال للمرضى بمختلف حالاتهم، إلا أن الأخطاء واردة في أي مجال