الحياء في الإسلام
مكارم الأخلاق
الخلق لغة: السّجيّة، واصطلاحًا: هو الصّورة الباطنة للإنسان، والتي يمكن أن تُكشفَ للآخرين بأشكال متعدّدة ومختلفة على جوارحه الظّاهرة لمن حوله، ويمكن القول: بأنّ الخلق بشاشة الوجه وبذل المعروف ودفع الأذى، وقيل: هو صلاح القلب مع صلاح الجوارح، وبعد هذا، فيجب أن يعرف أيّ إنسان بأنّ أعظم ما يميّز المسلم بعد إيمانه بالله تعالى تحلّيه بالأخلاق الفاضلة، والتي تعدّ من أعظم نعم الله تعالى عليه بعد الإيمان، ومن تأمّل في كتاب الله تعالى علم ذلك، حيث يقول الله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}،[١] وقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}،[٢] ويقول الله تعالى واصفًا رسوله الكريم بعظم أخلاقه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}،[٣] فهذه الأدلة غيض من فيض، فالمسلم صاحب الأخلاق الحسنة قريب من الله تعالى، وقريب من عباد الله، فالمسلمون مأمورون بإظهار الأخلاق السّمحة التي هي روح الإسلام وجوهره حتّى في معاملتهم للكفّار، وفيما يأتي سيتمّ الوقوف على الحياء في الإسلام.[٤]
الحياء في الإسلام
الحياء في الإسلام خلق نبيل، فهو رأس الفضائل الخلقيّة، ومرتكز الشّعب الإيمانيّة، وهو دليل على إيمان صاحبه، وحائل بين من يتمتّع به، وبين فعله المحرمات واقترافه المنكرات، وهو رائد المسلم إلى الخير والهدى، حيث قال، صلّى الله عليه وسلّم: "الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ"،[٥] وقال في حديث آخر: "الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ"،[٦] ومتى تخلّق العبد بخلق الحياء، دلّ ذلك على صفاء سريرته، وحسن تأدّبه، وكمال إيمانه، حيث يقول الرّسول، صلّى الله عليه وسلّم: "الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ"،[٧] فقد دعا الشّرع الحنيف إلى التّحلّي بخلق الحياء، وبيّن -صلّى الله عيه وسلّم- بأنّ أبرز ما يتميّز به الإسلام من فضائل هو خلق الحياء، حيث قال: "إنّ لكلّ دين خلقًا، وخلقُ الإسلامِ الحياء"،[٨] وإذا استحكم خلق الحياء من المسلم، منعه عن كلّ منكر وقبيح، وسار به إلى كلّ طيّب وحسن، وأمّا إذا ضعف وتلاشى من صاحبه، فإنّه يحلّ محلّه الفحش والوقاحة والسّفاهة، وتنفتح عليه أبواب من الرذائل والفواحش والمنكرات، ولذلك قال صلّى الله عليه وسلّم: "إذا لم تَستحِ، فاصنَعْ ماشِئتَ"،[٩] وإذا كان الحياء من العباد حسنًا، فإنّ من خالق العباد أحسن إليهم، لأنّه يمنع العبد من الوقوع في المعاصي والمنكرات، وقد روي عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قوله: "إنّي لأغتسل في البيت المظلم فأنطوي حياء من الله عز وجل".[١٠]
فضل الحياء في الإسلام
للحياء فضل عظيم في الإسلام، فهو شعبة من شعب الإيمان، وخلق من أخلاق الإسلام، فمن تمسّك به حسن إسلامه، وجَمُلت أخلاقه وخصاله، ومن تخلّق به ترك المعاصي استحياء من ربّه، والتزم بوازع الحبّ والتّعظيم طاعته، فالحياء يبعد صاحبه عن قبيح المنكرات وفضائح السّيئات، وإنّه يكسي صاحبه احترامًا ووقارًا، فهو صفة من صفات الرّسل والأنبياء والأولياء، وإنّه صفة جميلة في معشر الرّجال، وكما أنّه في النّساء أجمل! فالتزام الحياء يجمّل القبيح، وتركه يقبّح الجميل، فالحياء هو قمّة الأخلاق، وإشارة على بقيّة الأخلاق، فمن تزيّن به، استطاع أن يتزيّن ببقيّة الأخلاق الفاضلة، ومن حُرِمَه، حُرِم بقيّة الأخلاق الفاضلة، وانغمس في المعاصي والمنكرات.[١١]
المراجع[+]
- ↑ سورة آل عمران، آية: 134.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 199.
- ↑ سورة القلم، آية: 4.
- ↑ أنور بن أهل الله بن أنوار الله، مكارم الأخلاق لمن أراد الخلاق، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم: 6117، حديث صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم: 37، حديث صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 9، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن زيد بن طلحة ، الصفحة أو الرقم: 2632، صحيح لغيره.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 2، حديث صحيح.
- ↑ -، الأخلاق في الإسلام، صفحة 25. بتصرّف.
- ↑ "الحياء شعبة من الإيمان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.