الفرق بين العذاب والعقاب

بواسطة:

أسلوب الترغيب والترهيب في القرآن

في الكلام عن الفرق بين العذاب والعقاب يحسن ذكر الأساليب القرآنية المتضمنة على أسلوبيّ الترغيب والترهيب فنرى أنَّ القرآن الكريم يعتمد بأصله في استخدام هذين الأسلوبين في تدعيم فحوى الآيات وقد أكدَّ على ذلك ابن كثير قائلًا "كثيرًا ما يقرن الله تعالى بين الترغيب والترهيب في الجنة والترغيب فيما لديه، وتارة يدعوهم إليه بالرهبة، وذكر النار وأنكالها وعذابها والقيامة وأهوالها، وتارة بهذا وبهذا؛ لينجع في كل بحسبه"، وسيركز هذا المقال على الحديث عن الفرق بين العذاب والعقاب ومواطن ذكر كل منهما في القرآن والتطرق لمفهوم الترهيب الذي يُعنى بأنَّه" كل ما يخيف ويحذر المدعو من عدم الاستجابة أو رفض الحق أو عدم الثبات عليه بعد قبوله، وهو وعيد وتهديد بعقوبة مترتبة على اقتراف إثم أو ذنب، مما نهى الله عنه، أو على التهاون في أداء فرائض الله وفي الآتي بيان الفرق بين العذاب والعقاب.[١]

الفرق بين العذاب والعقاب

في الحديث عن الفرق بين العذاب والعقاب يجدر بالذكر بيان كل منهما فهما مصطلحان مترادفان يغلب على الكثير أنَّهما بنفس المعنى فيرى العلماء المفسّرون أنّ العذاب خاصّ بالأفراد، وأنّ العقاب يعم، وسيُبيّن ذلك الفرق بين العذاب والعقاب؛ فالأصل في العقاب أن يكون خاصًّا للأفراد، لكن لما كان النّاس كلّهم يعيشون في مجتمع واحد، ويتقاسمون معاً شوؤن الحياة فرحًا وترحًا ، كان عليهم أن يتحمّلوا المسؤولية الجماعية لمصلحة المجتمع، فإذا حاول البعض أن يحيد عن الطريق المستقيم، أو يغيّر اتجاهه، فإنه يجب ويتعيّن على الآخرين منعه والأخذ على يده، وإلا فإنّ عليهم أن يتحمّلوا نتيجة تقصيرهم في إنكار المنكر، وعلى هذه الشاكلة والطريقة يقال فيما نحن بصدده، فالنّاس إذا قصَّروا في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كان ذلك سببًا لعموم العقاب والعذاب عليهم من الله -سحانه وتعالى-،[٢]

وقال ابن العربي القرطبي -رحمه الله- مقرراً هذا المعنى: "إن الناس إذا تظاهروا بالمنكر، فمن المفترض على كل من رآه أن يغيّره، فإذا سكت عليه فكلهم عاص هذا بفعله وهذا برضاه وقد جعل الله في حكمه وحكمته الراضيَ بمنـزلة العامل"، ومن الآيات التي تؤيد ما قاله ابن العربي من السكوت عن إنكار المنكر هو مثل فعله تماماً، قوله -تبارك وتعالى-: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[٣]، ومن القرطبي -رحمه الله- بعد أن ساق هذا الحديث: "ففي هذا الحديث تعذيب العامة بذنوب الخاصة، وفيه استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال بعض العلماء: فالفتنة إذا عمّت هلك الكل، وذلك عند ظهور المعاصي، وانتشار المنكر وعدم التغيير" ومن هذه الأحاديث أيضًا ما وردَ في "الصحيحين" عن زينب بنت جحش -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم-: "أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ اسْتَيْقَظَ مِن نَوْمِهِ وَهو يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِن شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليومَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هذِه. وَعَقَدَ سُفْيَانُ بيَدِهِ عَشَرَةً. قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قالَ: نَعَمْ، إذَا كَثُرَ الخَبَثُ"[٥] ، ومنها ما صحَّ عن أبي بكر -رضي الله عنه- أنه قال:"يا أيُّها الناسُ إنَّكم تَقرؤُون هذه الآيةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اِهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]، وإني سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: "إنَّ الناسَ إذا رأوُا الظالِمَ فلمْ يأخُذوا على يَدَيهِ أوشَكَ أنْ يَعُمَّهُم اللهُ بعِقابٍ منه"[٦]، وفي مسند الإمام أحمد -رحمه الله- أن عديًّا -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " إنَّ اللهَ لا يُعذِّبُ العامَّةَ بعمَلِ الخاصَّةِ، حتى يرَوُا المُنكَرَ بينَ ظَهْرانَيْهم، وهم قادِرونَ على أنْ يُنكِروه، فلا يُنكِروه، فإذا فَعَلوا ذلك عذَّبَ اللهُ الخاصَّةَ والعامَّةَ"[٧]،[٢]

ألفاظ العذاب والعقاب في القرآن الكريم

بعد الانتهاء من مسألة الفرق بين العقاب والعذاب، سيتم بيان ألفاظ العذاب والعقاب في القرآن الكريم، فقد وردت مادة "عذّب" كاسم في أكثر من ثلاثة مائة موضع في القرآن الكريم منها في سورة آل عمران ، كقوله تعالى: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ}[٨]؛ ووردت "عذّب" في ستة وعشرين موضًعا كفعل، منها قوله تعالى في سورة آل عمران: {يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ}[٩]، ووردت في ثمانية مواضع كاسم فاعل، منها قوله تعالى في سورة الإسراء: {وَما كُنّا مُعَذِّبينَ حَتّى نَبعَثَ رَسولًا}[١٠]،  وقد جاء وصف "العذاب" في القرآن: بأنّه "شديد"، في نحو خمسة عشر موضعًا كقوله تعالى في سورة إبراهيم: {إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ}[١١]، وبـأنّه "أليم" ما يقارب الثلاثين موضعًا منها قوله تعالى في البقرة: {وَلَهُم عَذابٌ أَليمٌ}[١٢]، وبأنّه "عظيم" في خمسة عشر موضعًا مثل قوله تعالى فيسورة : {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[١٣] و"العذاب" لغةً: "هو الإيجاع الشديد، يقال: عذبه تعذيبًا، أي: ألحق به العقوبة"، وقد قال بعض علماء اللغة أصل "العذاب" الضرب، ثمَّ استعير ذلك على كل شدة، وأمّا لفظ لعقاب: فقد تواردت هذه المادة في القرآن في أربع وعشرين موضعًا، منها قوله تعالى في سورة البقرة: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[١٤] وكفعل في نحو ستة مواضع مثل قوله: {وَإِن عاقَبتُم فَعاقِبوا بِمِثلِ ما عوقِبتُم} [١٥][١٦]

المراجع[+]

  1. "الترغيب والترهيب في الدعوة"، www.alukah.net، 19-4-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "خصوص الذنب وعموم العقاب"، www.islamweb.net، 19-4-2020. بتصرّف.
  3. سورة المائدة، آية: 79.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 2493 ، حديث صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن زينب أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم: 2880، حديث صحيح.
  6. رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج رياض الصالحين، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم: 197 ، حديث إسناده صحيح.
  7. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج مشكاة المصابيح، عن عدي بن عميرة الكندي، الصفحة أو الرقم: 17720، حسن لغيره.
  8. سورة آل عمران، آية: 106.
  9. سورة آل عمران، آية: 129.
  10. سورة الإسراء، آية: 15.
  11. سورة إبراهيم، آية: 7.
  12. سورة البقرة، آية: 10.
  13. سورة البقرة، آية: 7.
  14. سورة البقرة، آية: 196.
  15. سورة النحل، آية: 126.
  16. "ألفاظ (العقاب) في القرآن"، www.islamweb.net، 19-4-2020. بتصرّف.

مواضيع ذات صلة بـ

معلومات عن حيوان الجندب

محتويات 1 خصائص حيوان الجندب 2 بعض انواع الجندي 3 الجندب الأمريكي 4 الجندب الورقي 5 الاختلاف بين الجنادب والجراد سوف نتحدث في هذا المقا

السعرات-الحرارية-في-المقبلات

. ما هي السعرات الحرارية . كيفية حساب السعرات الحرارية . السعرات الحرارية في المقبلات . مقبلات بأقل من 200 سعر حراري ما هي السعرات الحرار

فوائد-الفول-الأخضر-للحامل

. الفول الأخضر والحمل . فوائد الفول الأخضر للحامل . تقليل احتمالية الإصابة بالتشوهات الخلقية . تزويد المرأة الحامل بالطاقة . تقوية الجه

أسباب-السعال-الجاف

. السعال الرطب و السعال الجاف . أسباب السُّعال الجاف . علاج السُّعال الجاف . علاجاتٌ منزليةُ للسُّعال الجاف . الوقاية من السُّعال الجاف