شرح قصيدة فرح الحياة لبدر شاكر الس
بدر شاكر السياب
بدر شاكر السّياب من شعراء البصرة، ثمّ أكمل تعليمه الثّانوي في مدينة البصرة، وانتقل بعد ذلك إلى بغداد ليتابع دراسته الجامعيّة في دار المعلّمين، حيث التحق بفرع اللّغة العربيّة، ثمّ انتقل إلى فرع اللّغة الإنكليزيّة، ممّا اتيح له من خلال تعلّمه اللّغة الإنكليزيّة الاطّلاع على الأدب الإنكليزيّ بكلّ تفرّعاته، وبعد تخرجه من الجامعة سنة 1948م، أسندت إليه وظيفة تدريس اللّغة الإنكليزية في الرّمادي وبعد ممارسته لها لعدّة أشهر فصل من التّدريس وأودع في السّجن لمواقفه السّياسية المعادية للإنكليز سنة 1952م، وبعد خروجه من السّجن فرّ إلى إيران ثمّ إلى الكويت، ثمّ عاد أدراجه إلى العراق سنة 1954، ثمّ عاد بعد ذلك إلى قريته التي ولد فيها، وسيأتي لاحقًا شرح قصيدة فرح الحياة لبدر شاكر السياب.[١]
شرح قصيدة فرح الحياة لبدر شاكر السياب
بعد التّعريف بالشّاعر العراقيّ بدر شاكر السّياب، تمّ اختيار قصيدة "الأسلحة والأطفال" وهي من شعر التّفعيلة، وقد اختير منها المقاطع الثّلاثة الآتية وقد عُنونت بـ "فرح الحياة" لما تحمل من معان جميلة تصف فيها جمال الأطفال، والذي يسبغ من خلاله الجمال على الحياة، إذ عالم الأطفال مليء بالخير والجمال الذي تصطبغ به الحياة، ويُنهي شرور العالم المادّيّ، الملطّخ بالكراهيّة والشرّ، ليعمّ الأمن والسّلام، حيث ضحكة الأطفال تعيد السّعادة والرّاحة للنّاس المتعبين، إذًا سيتمّ شرح قصيدة فرح الحياة لبدر شاكر السياب والتي تتألّف من ثلاثة مقاطع بثلاثة فِكر، أمّا فكرة المقطع الأوّل: جمال الأطفال، والمقطع الثّاني: بهجة الأطفال التي تنسي الأهل تعب الحياة، والمقطع الثّالث: التّطلّع لبناء مستقبل مشرق للأطفال، فيقول الشّاعر في المقطع الأوّل:
- عصافيرُ أم صبيةٌ تمرحُ؟
- عليها سنًا من غدٍ يلمحُ؟
- وأقدامُها العاريةْ…
- محارٌ يصلصلُ في ساقيه.
الشّرح: أهؤلاء طيور مغرّدة بأجمل الألحان أم أنّهم عالم الطّفولة البريء، أم نبع ماء زلال يخرج من بين الصّخور، ويترقرق عبر السّواقي، ليسقي الأرض العطشى، ويحيلها إلى جنّة غنّاء مزيّنة بأجمل الورود والزّهور.
ويقول الشّاعر في المقطع الثّاني:
- وكم من أبٍ آيبٍ في المساءْ
- إلى الدّارِ من سعيهِ الباكرِ..
- تلقّاهُ في البابِ طفلٌ شرودْ
- يكركرُ بالضّحكةِ الصّافية
- فتنهلَّ سمحاءُ ملءَ الوجودْ
- وتزرعُ آفاقهُ الدّاجية
- نجوماً وتنسيهِ عبءَ القيودْ
الشّرح: كم من أبٍ الذين يعود إلى بيته منهك متعب من عمله طيلة نهاره، فيستقبله أمام الباب طفله المدلّل لديه بضحكته التي تنسيه كلّ معاناته وتعبه وظلمه ممّن استعبده خلال يومه الطّويل، وكأنّه نجم تلألأ له في ظلمة اللّيل.
ثمّ يقول الشّاعر في المطع الثّالث:
- عصافيرُ؟ أم صبيةٌ تمرحُ؟
- أمِ الماءُ من صخرةٍ ينضحُ
- علينا لها: أنّها الباقيةْ
- وأنَّ الدّواليبَ في كلِّ عيد
- سترقى بها الرّيحُ.. جذلى تدور
- ونرقى بها من ظلامِ العصور
- إلى عالمٍ كلُّ ما فيهِ نور.
الشرح: يعود الشّاعر من جديد ليسأل نفسه: أهؤلاء طيور مغرّدة بأجمل ألحان الفرح، أم أطفال أبرياء، أم ماء عذب صافٍ يخرج من بين الصّخورالصّلبة، ويسيل في السّواقي، ليحوّل الأرض الجرداء إلى جنّة خضراء مليئة بالورود والأزهار، وأقسم بأنّ ضحكة الأطفال هي الباقية والدّائمة، وبأنّ الدّائرة ستنقلب على تجّار الشّرّ والأسلحة، وسترجع لكم وسائل فرحكم من الدّواليب والأراجيح وغيرها، وسنخرجكم من حزنكم إلى رغد الحياة ومرحها وسعادتها.
معاني المفردات في قصيدة فرح الحياة
أمام بهجة الحياة؛ التي رسمها جمال الطفولة، يقف بدر شاكر السّياب بقصيدته فرح الحياة، ليرسم لوحة فنّية من أجمل لوحات الحياة، مستخدمًا فيها عاطفة إنسانيّة، تتفرّع منها مشاعر الحبّ والإعجاب ثمّ الأمل والتّفاؤل بمستقبل الطّفولة القادم، مستخدمًا برهافة حسّه أجمل الألفاظ وأسهلها، مع متانة تراكيبه وقوّتها، ملوّنا القصيدة بألوان البديع، ممّثل طباق الإيجاب في قوله: ظلام، نور، والصّور البيانيّة، مثل: عصافير أم صبية تمرح، حيث حار بالأطفال أهم أطفال أم عصافير مغرّدة أجمل الألحان، وذلك تشبيه مجمل، ولقراءة الشّعر وفهمه، لا بدّ من الوقوف على المفردات الصّعبة في القصيدة، وشرحها وتوضيحها، ليتسنّى للقارئ فهمها بشكل أوضح، ولتكون الفائدة أشمل، ومن الكلمات التي تحتاج للشّرح ما يأتي:
- سنًا: سَنَا على الدَّابة: سَقَى عليها.
- سَنَا القومُ لأَنفسهم: اسْتَقَوْا.
- سَنت السَّانيَةُ: استقت أَو أَخرجت الماءَ من البئرِ ونحوها.
- سَنَت السّانِيَةُ الأَرضَ: سَقَتْها.
- سَنَا فلانٌ: سَقَى.[٢]
- محارٌ: أحارَ يُحير، أحِرْ، إحارةً، فهو مُحِير ، والمفعول مُحار، بمعنى مردود.
- يصلصلُ: الصُّلْصُلُ: البقيَّةُ من الماء في الغدير أَو الإناءِ.[٣]
- السّاقية: النّهر الصّغير.
- آيب: راجع، عائد.
- شرود: نافر مُستعصٍ، صعب القياد، وهنا بمعنى كثير الحركة ومفوّه في الكلام.
- يكركر: يطيل الضّحك وبوصت عالٍ.
- تنهلّ: تهطل بشدّة.
- سمحاء: كثرة الجود والسّخاء.
- عبء: الحمل والثّقل من أيّ شيء.
- الدّاجية: المظلمة.
- جذلى: مؤنث جذلان، فرحان.